9 افريل 2012 مازال في البال. ففي ذلك اليوم نزل إلى أنهج العاصمة تونس انطلاقا من نهج فلسطين أعضاء المجلس الوطني للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهم عازمون متكاتفون على فرض الحق في التظاهر السلمي في شارع الحبيب بورقيبة ردا على قرار علي العريض وزير الداخلية وقتئذ بتاريخ 28 مارس 2012 و القاضي بمنع حرية التجمع والتعبير عن الرأي في ذلك الفضاء الرمز.
بقلم فتحي الهمامي
قبل ذلك وفي اليوم السابق وإلى ساعة متأخرة من الليل ساد نقاش مستفيض بين الرابطيين حول أفضل السبل للرد على إجراء حكومة حركة النهضة الخانق للحريات والذي من الواضح أنه يتنزل في إطار سياسة عمومية مناهضة للديمقراطية بدأت تطل برأسها.
اعتداءات عنيفة من طرف عناصر مدنية مشبوهة
في ذلك اليوم المشهود كانت شوارع العاصمة مرتعا لممارسة أقصى أنواع العنف والاعتداء على المتظاهرين السلميين (وقد رأيناها بأم أعيننا ونحن نسير المسيرة) من قبل أعوان الأمن وعناصر مدنية مشبوهة، ذنبهم الوحيد أنهم أرادوا إحياء ذكرى شهداء الوطن (9 افريل 1938) بطريقة مسالمة في كنف الاعتزاز بغزير عطائهم وجزيل تضحياتهم.
وبالمثل كانت الرابطة تنوي الاحتفاء بالذكرى العزيزة ولكن حال العنف والاعتداء الذي تم عليها يومها وغايتها النبيلة.ففي منتصف النهار تقريبا وعندما كان الموكب (بقيادة العميد عبد الستار بن موسى) يتحرك في إتجاه شارع الحبيب بورقيبة وعلى مشارف منه إنهال على مناضلي الرابطة وبطريقة مباشرة وابلا من القنابل المسيلة للدموع كان اعوان الامن يوجهونها بطريقة افقية على مستوى الراس، لو أصابت احدنا لأودت بحياته في الحين او تسببت له أخطر الجروح.
ومثلهم مثل المتظاهرين السلميين يومها لحق المشاركون في مسيرة الرابطة نصيبهم من العنف إذ أصيبوا بالاختناق الشديد وحالة من الهلع الكبير أضرت أيما ضرر بالفقيد محمد عطية (عضو الهيئة المديرة) نقل إثرها إلى العناية المركزة بالمستشفى.
ملف ذلك اليوم الحزين لم يفتح إلى الآن
وقد أدانت الرابطة في حينها (بيان مجلسها الوطني ليوم 9 افريل 2012) ما جرى في ذلك اليوم من اعتداءات فظيعة وخشونة بالغة طالت المواطنين وطالتها بصفة مقصودة، رغم أنها أبلغت وزارة الداخلية بصفة مسبقة اعتزامها تنظيم وقفة سلمية بشارع الحبيب بورقيبة، مطالبة بفتح تحقيق عاجل من قبل لجنة محايدة ومستقلة حولها. وقد سارعت المنظمة وقتها إلى توثيق 41 حالة اعتداء تتعلق بأحداث 9 أبريل 2012 و ذلك عن طريق الشهادات والتقارير.
ولكن ملف ذلك اليوم الحزين لم يفتح إلى الآن بصفة جدية لكشف كامل الحقيقة عن مجرياته وتحميل المسؤوليات لمن انتهك حقوق الإنسان يومها ولمن أطلق العنان لرغبات جماعات مشبوهة تحركت بحرية في شوارع العاصمة لإرهاب المواطنين وتفزيعهم ، فاللجنة التي تم بعثها على مستوى المجلس التأسيسي في ذلك العهد لم تنجز شيئا ولم تتقدم أبدا في أعمالها وهذا كان منتظرا بما ان رئيسها وقتها كان من عناصر النهضة.
ولكن ما جد يوم 9 افريل 2012 من احداث مأساوية لن ينسى وسيبقى في الذاكرة.
مناضل حقوقي.
شارك رأيك