من أكثر أعراض السياسة شيوعا في العالم بأسره الوهم و الحلم المستمر بالمناصب أو القيادة العليا حتى لو كان الواقع بعيدا جدا بل يكاد يكون مستحيل المنال. ما دفعني للحديث عن هذا المرض السياسي المزمن، هي مبادرة السيد أحمد نجيب الشابي للخلاص الوطني التي لا تلقى قبولا يذكر لدى أغلبية التونسيات و التونسيين.
بقلم مرتجى محجوب
هاته المبادرة المسقطة التي يواجهها المعلقون على الشبكات الاجتماعية بمزيج من السخط و الانتقاد و السخرية اللاذعة ليست سوى محاولة شخصية من طرف سياسي فاشل (طبعاً حسب نتائجه الضعيفة جدا في كل المناسبات الانتخابية الفارطة منذ 2011) لنفض الغبار عن وجوده على الساحة السياسية التونسية و رغبة في لعب أدوار هي في الحقيقة أكبر بكثير من حجمه الواقعي على الميدان.
الواضح لكل الملاحظين و المحللين أن السيد أحمد نجيب الشابي يعول من وراء هذه المبادرة الانتهازية على دعم حركة النهضة الإسلامية و حلفائها من أجل إيصاله إلى رئاسة الجمهورية بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية و وصول البلاد إلى حافة الانفجار و إسقاط الرئيس بعملية سياسية بالرغم من أنه منتخب من طرف قرابة 73 في المائة من التونسيين.
هذا كما نعلمه جميعا حلم أحمد نجيب الشابي المناضل الديمقراطي الذي يطمح إلى دخول قصر قرطاج إثر انقلاب سياسي و على عربة حركة النهضة التي ظل خادمها المطيع منذ حركة 18 أكتوبر 2005 لكنها كانت دوما تفضل عليه آخرين مثل المنصف المرزوقي و مصطفي بن جعفر.
قل لسي نجيب هذا الكلام مرة و ألف مرة، فلن يسمعك أبدا و لن يراجع نفسه قيد أنملة و سيواصل هروبه إلى الأمام مما سيجعل منه أضحوكة لدى الرأي العام و هو ما لا نتمناه له في كل الأحوال بالنظر إلى ماضيه النضالي ضد الديكتاتورية تحت حكم الحبيب بورقيبة و زين العابدين بن علي و تضحياته إلى جانب رفاقه و رفيقانه في الحزب الديمقراطي التقدمي من أجل فرض الحريات الفردية و إعلاء كلمة الديمقراطية.
و في ختام هاته الكلمة ليسمح لي القراء أن أتمنى الشفاء لكل مرضى السياسة من كل الاتجاهات و لعل هذا المرض يستوجب لعلاجه اختصاصا طبيا جديدا يجب التفكير في إضافته عن قريب لمناهج الدراسات النفسية و العصبية.
شارك رأيك