من كان يعرف نادية عكاشة قبل تعيينها وزيرة رئيسة ديوان رئيس الجمهورية قيس سعيد؟ بالطبع جوابكم بلا بالبنط العريض. هذه هي الحقيقة لأن رئيس الدولة الذي أتى بهذه السيدة النكرة هو نفسه أصلا من النكرات الذين لا يملكون أصلا و لا فصلا و لا ماضيا في مجال ممارسة السياسة.
بقلم أحمد الحباسي
من المؤكد أن هذه السيدة الصامتة و ما أكثر الصامتين حول الرئيس هذه الأيام لم تكن إلا مجرد شخصية انتهازية وصولية قذفتها الأقدار في حضن الرئيس لتتحول فى لحظات إلى حاضنة الرئيس و حافظة أسراره قبل مواعيده.
بالطبع لا أحد يعرف ماضي هذه السيدة التي تربعت على قصر قرطاج خلال أكثر من سنه و نصف و كانت فيه “الفاتقة الناطقة” و لا أحد بإمكانه أن يجزم بكونها كانت الشخص المناسب في المكان المناسب و لعل طردها من القصر قد يخفي حقائق مذهلة لا تخطر على البال أو أن وصولها لتلك المكانة الوظيفية قد مكنها من الاطلاع على أسرار الدولة وهي لا تزال بعيدة كل البعد عن الرشد المهني و السياسي المطلوب من رجال الدولة و حافظي أسرارها.
من المؤكد لكل من تابع خطوات هذه السيدة التي تشبه في تصرفاتها و صمتها هؤلاء الجواسيس الذين شاركوا العميل جيمس بوند الشهير بالعميل 007 مغامراته قد تفطنوا بشيء من الحدس و الفراسة أن هذه السيدة تخفي أكثر مما تفصح و أن وجودها في مكانتها كرئيسة ديوان الرئيس سيعطيها صلاحيات غير محدودة و يضفي على تصرفاتها نحو العاملين في القصر شيئا من مشاعر الإذعان.
تونس هانت و سامها كل مفلس
لكن هل كان الرئيس يعلم من هي “سيدة القصر” التي سلمها أسرار الدولة بدون حساب و جعلها من المبجلين في مجالسه الوزارية و غير الوزارية و هل كانت له من الخبرة ليستشعر خطر تواجد هذه السيدة في دائرته المقربة و هل يمكن لسيادته أن يضمن ما يمكن أن يتسرب على لسانها من عبث القول و المد و الجزر تماما كما حصل في تدوينتها الأخيرة التي أثارت كثيرا من اللغط و الهمز و اللمز تجاه وزير داخلية الرئيس السيد توفيق شرف الدين.
من يستمع إلى مضمون التسريب الصوتي المنسوب للسيدة نادية عكاشة و الذي نفت صحته بشدة في تدوينة نشرتها اليوم يدرك للأسف الشديد أن تونس قد هانت و سامها كل مفلس و أن الرئيس بتعيينه لهذه السيدة قد ارتكب خطأ جسيما سيعود بالوبال على الأمن القومي التونسي لأن سيدة بمثل هذا المستوى – إن قالت الكلام الذي نسب لها أو لم تقله – ستصبح فريسة مستغلة لتمرير أجندات بعض الجهات الأجنبية المتآمرة لهدم ما تبقى من الوطن.
ربما نزل هذا الصيد السهل الثمين في يد خصوم الرئيس و باتوا يتفننون في كيفية استغلال سقطات هذه السيدة التليفونية في مآرب سياسية لكن من الثابت أن هذه التسريبات التي يجب التحقيق في كيفية تسجيلها و تسريبها و هل هناك أجهزة تصنت متطورة جدا مزروعة في القصر الرئاسي و هل أن ما كشفته هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي فى علاقة راشد الغنوشي بشركة اتصالات عاملة في تونس يمكن أن تكون له ارتباطات بموضوع أجهزة التصنت التي يمكن أن يتم زرعها في القصر لكشف اتصالات الرئيس. من سجّل مكالمات “سيدة القصر” السابقة و من سرّبها و ما هو محتوى بقية المكالمات و هل كانت هذه السيدة أحد ضحايا حرب المعلومات بين الرئيس و بين مرشد الإخوان راشد الغنوشي؟
صمت القصور و دوي التسريبات
هل تحولت السيدة نادية عكاشة إلى عدو معلن للرئيس أو لوزير الداخلية كما يقال وهل ستذهب هذه السيدة إلى التحالف مع جهات بعينها في محاولة لتثأر لنفسها من الرئيس الذي أقالها بعد كشف مخططاتها و سعيها لزرع أعوانها في مفاصل الدولة و هل أن إصرار وزير الداخلية على عدم مواجهة حملة الهمز و اللمز هو قرار شخصي فرضته دواع الوظيفة أو انحناء إذعان لتعليمات الرئيس بأن الصمت كفيل بنزع فتيل مثل هذه الزوابع؟
لا أحد في الوقت الحاضر يملك الجواب لمثل هذه الأسئلة و غيرها و لكن من الواضح أن هذه السيدة تملك من المعلومات و الأسرار و الخفايا ما هو قادر على إسقاط النظام برمته.
في النهاية لا بد من التساؤل هل نحن أمام سيناريو “نادية عكاشة غايت” أم أن الضغوط ستفرض على الأطراف المتقابلة و المتصارعة “صمت القصور” و لو إلى حين.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك