عدّد مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة، في بلاغ صادر عنه اليوم الاثنين 14 نوفمبر 2022 ، بخصوص الفساد المتمثل في الإصرار على تقنين الفساد والسمسرة في الملفات الجبائية، الخسائر الاقتصادية المالية الناجمة عن ما وصفها ب”الصياغة الفاسدة والملتبسة” للفصول 39 و42 و60 و118 و120 و130 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية على إمكانية ان يستعين المطالب بالأداء اثناء سير المراقبة الجبائية ومناقشة نتائجها “بمن يختاره”.
واوضح المرصد ان هذه الصياغة تفتح الباب أمام كل من هب ودب للتدخل في الملفات الجبائية ومساعدة المطالبين بالأداء، مبرزا ان “التأويل الفاسد سمح اليوم للسماسرة ومخربي الخزينة العامة ومنتحلي صفتي المحامي والمستشار الجبائي من ممتهني المحاسبة وغيرهم بالتدخل في الملفات الجبائية الذين نموا الفساد بصفة كبيرة وقد أدى ذلك الى تكبيد الخزينة العامة خسارة سنوية تقدر على الأقل بمليارات الدينارات بما ان الفساد والتهرب الجبائي يكبدان الخزينة العامة خسارة سنوية قدرها المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بما يفوق 30 مليار دينارا”.
وفيما يلي نص البلاغ كاملا:
نصت الفصول 39 و42 و60 و118 و120 و130 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية على إمكانية ان يستعين المطالب بالأداء اثناء سير المراقبة الجبائية ومناقشة نتائجها “بمن يختاره”.
هذه الصياغة الفاسدة والملتبسة تم تأويلها بطريقة فاسدة، حيث ترى الإدارة، في دوس على المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بمهنة المحاماة والقانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين، انه بإمكان من هب ودب التدخل في الملفات الجبائية ومساعدة المطالبين بالأداء. ذاك التأويل الفاسد سمح اليوم للسماسرة ومخربي الخزينة العامة ومنتحلي صفتي المحامي والمستشار الجبائي من ممتهني المحاسبة وغيرهم بالتدخل في الملفات الجبائية الذين نموا الفساد بصفة كبيرة وقد أدى ذلك الى تكبيد الخزينة العامة خسارة سنوية تقدر على الأقل بمليارات الدينارات بما ان الفساد والتهرب الجبائي يكبدان الخزينة العامة خسارة سنوية قدرها المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بما يفوق 30 مليار دينارا.
فقد برر المتواطئون مع السماسرة ومخربي الخزينة العامة ومنتحلي صفتي المستشار الجبائي والمحامي ذاك التأويل الفاسد، الذي داس على القوانين المهنية ومصالح الخزينة العامة، بعدم اثقال كاهل المطالبين بالأداء وهذا محض كذب سافر لا يصدقه الا فاسد باعتبار ان المطالبين بالأداء يتعرضون للابتزاز ويتم التحيل عليهم ويتم نهبهم دون حسيب او رقيب في إطار تلك المساعدة المشبوهة التي تجرمها القوانين المهنية. زيادة على الاضرار الجسيمة بمصالح الخزينة العامة والمطالبين بالأداء وبالأخص المؤسسات ومحيط الاستثمار المتعفن حتى النخاع، حال السماسرة ومخربو الخزينة العامة دون انتصاب الالاف من حاملي الشهادات العليا في الجباية لحسابهم الخاص. وهذه المفسدة كان بالإمكان تجاوز تبعاتها الكارثية لو لم يتم التصدي من قبل الفاسدين لمقترحنا الداعي الى تعويض عبارة “بمن يختاره” بعبارة “بمستشار” في اطار العديد من مشاريع قوانين المالية احتراما للقوانين المهنية الجاري بها العمل.
إن منتحلي صفة المستشار الجبائي والمحامي بما في ذلك الاجانب، الذين ليست لهم شهادة علمية في بعض الأحيان، عادة ما تحمل بطاقة زيارتهم ووثائقهم المكتبية ولوحاتهم واعلاناتهم الاشهارية ومواقعهم الالكترونية التنصيصات التالية: مساعدة محاسبية وجبائية، محاسبة وجباية، جبائيات حسابيات، استشارات جبائية ومحاسبية، استشارات قانونية وجبائية، دراسات جبائية ومحاسبية، خدمات إدارية، مدرس جامعي مستشار في الجباية، مساعدة المؤسسات، نزاعات جبائية، استشارات، تدقيق جبائي، مراقب حسابات ومستشار في الجباية، مركز اعمال… فعلى الرغم من ان النصوص القانونية لا تسمح لممتهني المحاسبة بمباشرة مهام المستشار الجبائي والمحامي والقيام بالإشهارات الفردية وبالأخص الكاذبة والاستظهار بصفات غير صفتهم، نلاحظ بكل مرارة ونتيجة لاستشراء الفساد داخل الإدارة ان عددا هاما من ممتهني المحاسبة يصر على انتحال صفتي المستشار الجبائي والمحامي وعلى التحيل على مستهلكي الخدمات الجبائية والقانونية كما يتضح ذلك جليا من خلال إشهاراتهم الفردية الكاذبة ومواقعهم الالكترونية الفاسدة والتضليلية.
ونتيجة للفساد الذي ينخر الأجهزة المكلفة بالسهر على احترام القوانين المهنية والقوانين المتعلقة بالمنافسة والاسعار وحماية المستهلك والاشهار، تمكنت الشبكات العالمية الأجنبية للمحاسبة المعروفة بفضائحها المالية والمحاسبية والجبائية من انتحال صفتي المحامي والمستشار الجبائي في دوس على الفصلين 2 و84 من مرسوم المحاماة والفصل 291 من المجلة الجزائية المجرم للتحيل. فرغم ان منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي حذرت الدول من اعمالها الخطيرة على الخزينة العامة من خلال الدراسة التي نشرتها في بداية سنة 2021 الا ان الحكومة لم تحرك ساكنا.
الأكثر اجراما وفسادا ان بعض السماسرة تم تمكينهم من معرفات جبائية ومن تكوين شركات لانتحال صفتي المحامي والمستشار الجبائي في دوس على القوانين المهنية. هل من المعقول والمقبول ان يتم الاشهار لمنتحلي صفتي المحامي والمستشار الجبائي من خلال الموقع الالكتروني لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد؟
تبعا لما تقدم ولخطورة المسائل المشار اليها أعلاه، هل سيبادر الرئيس قيس سعيد بتحوير الفصول 39 و42 و60 و118 و120 و130 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2023 بغاية التصدي للسمسرة والفساد في المجال الجبائي وبتكريس التوصيات الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي وبالأخص تلك المتعلقة بالتصدي للسماسرة ووسطاء الرشوة والفساد وبالمبادئ العشر العالمية التي ترمي الى التصدي للجرائم الجبائية التي تجاهلها الفاسدون الحريصون على تحصين السماسرة ومخربي الخزينة العامة ومنتحلي الصفة والمهربين والمتهربين الجبائيين واغراق البلد في المديونية؟
مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة
الرئيس العربي الباجي
شارك رأيك