قال رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء، أحمد الرحموني أن الحكومات المتعاقبة والأحزاب الكبرى تعاطت مع القضاء ك”مزرعة خاصة”، متهما الأحزاب ذات الأغلبية في مجلس نواب الشعب بالتحايل على استقلالية الشأن القضائي.
وحمل خلال الندوة التي التأمت الأحد ببادرة من المرصد ومنظمة “هانس سايدل” حول ” أي مصير للمجلس الأعلى للقضاء”، هذه الاحزاب مسؤولية افتعال أزمة المجلس الأعلى للقضاء واستفحالها، مؤكدا أن المسالة تتجاوز مربع الخلافات القانونية لتضحى أزمة سياسية في ظل غياب الإرادة من أجل إصلاح أوضاع الشأن القضائي، وفق وكالة تونس افريقيا للأنباء.
كما انتقد ممارسات الأحزاب الكبرى والحكومات التي عملت وفق تقديره على إضعاف المؤسسة القضائية وتجميد الإصلاح وخاصة افتعال أزمة المجلس الاعلى للقضاء، فضلا عن تكريس الأسلوب القضائي المهيمن قبل الثورة وتطرق إلى التداعيات الوخيمة لأزمة المجلس الأعلى للقضاء، بما أعاق عملية البناء الديمقراطي في تونس تحت سدة كل الحكومات المتعاقبة التي أفرغت مشاريع الإصلاح من محتواها الحقيقي، على حد قوله، ولم تنفذ مخططات الإصلاح التي رسمها المجلس الوطني التاسيسي عدا انشاء الهيئة الوقتية للقضاء.
كما استعرض عوائق النشأة الأولى للمجلس الأعلى للقضاء وخاصة في ما يتعلق بموقف حركة النهضة و حزب حركة ” نداء تونس” وسعيهما إلى توسيع منافذ ما أسماه ب”التسرب” داخل مؤسسات الدولة بما فيها تركيز المجلس لوضع اليد على المحكمة الدستورية ذات الطبيعة السياسية البارزة.
ولفت الحمروني إلى محدودية تمثيلية مختلف الأسلاك في المجلس في ظل تركيبة اقصائية “تطرد” أغلبية المهن القضائية المكونة لمنظومة العدالة وتبقي بالتالي،حسب قوله، على محاذير التسيس وتضارب المصالح وذلك في علاقة مع بعض أعضاء المجلس من غير القضاة بما يفتح الباب للتأثير المتبادل بين القضاة والمحامين…. إزاء غياب الاحكام الخاصة بالتوقي من تضارب المصالح.
ومن جانبه حدد القاضي عياض الشواشي أشكال الخطاب القضائي في إختلافه إلى حد التنافر مع الخطاب السياسي المستمد من صفات القاعدة القانونية التي تنزاح عن منطق المدرك الشعبي السياسي.
كما عزا ما تشهده المؤسسة القضائية بما فيها المجلس الأعلى للقضاء من تعقيدات إلى ابتعاد السياسات القضائية في أدائها عن مبدإ الملاءمة مع السياقات التاريخية والسياسية والاقتصادية التي تتنزل فيها وأقر في هذا الإطار بتضارب أحكام فقه القضاء التونسي خاصة في ما يتعلق بالحريات العامة ومحاذير النظام العام والنمط المجتمعي والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشددا على أن الحل يكمن في ارساء قضاء مستقل في ظل دولة مؤسسة على سيادة القانون.
ولدى تطرقهم إلى الأزمات التي حالت دون التأسيس لقضاء مستقل، لفت الحضور من القضاة وأهل الاختصاص إلى انزياح أجهزة السلطة التنفيذية بالمعركة إلى داخل الأسرة القضائية بما يعمق الخلافات ويغذي التصادم بين القضاة كأفراد وبين الهياكل القضائية التي تعددت وتنوعت.
شارك رأيك