لماذا لم يتم إحالة السيد وديع الجري بتهمة تكوين وفاق إجرامي غايته قلب نظام الحكم أو محاولة إثارة الهرج بالتراب التونسي أو محاولة المساس بأمن الدولة أو التخابر مع جهات أجنبية ؟ فالرجل عليه من المآخذ ما ييرر إلباسه كل هذه التهم و غيرها الكثير…
بقلم أحمد الحباسي
يعتبر السيد وديع الجري من أكثر الشخصيات الرياضية إثارة للجدل و الخلاف و التهم و الإشاعات كما يعتبر الرجل خصما لدودا لعديد الأندية الرياضية و أحد أكثر “المطلوبين” للانضمام للأحزاب السياسية. و على الصعيد الرياضي الخارجي يتمتع الرجل بصداقات كثيرة لعل أبرزها صداقة رئيس الجامعة الدولية لكرة القدم السيد جيانى انفانتينو.
شخصية رياضية استثنائية
لن ندخل طبعا في مناقشة حيثيات الاتهام الموجه إليه من طرف وزارة الرياضة و المتعلقة بشبهة فساد مالي وإداري في إبرام الجامعة لعقد لفائدة أحد الإطارات الفنية للمنتخبات الوطنية وهي التهمة التي يرى المدير الفني للجامعة التونسية لكرة القدم السابق السيد يوسف الزواوي أنها غير جديرة بالاهتمام خاصة أن الجامعة قد أمضت نفس بنود العقد مع عديد الأطرالفنية السابقين دون أن يتم اعتبار ذلك من باب الفساد المالي أو الإداري في غمز مفضوح إلى أن الرجل تتم محاكمته سياسيا و في نطاق “الحرب على الفساد” التي يخوضها الرئيس قيس سعيد فيما يشبه حرب “الأيادي النظيفة” التي خاضتها عدة حكومات ايطالية ضد المافيا.
لعل هناك من يتساءل بمنتهى الخبث لماذا لم يتم إحالة السيد وديع الجري بتهمة تكوين وفاق إجرامي غايته قلب نظام الحكم أو محاولة إثارة الهرج بالتراب التونسي أو محاولة المساس بأمن الدولة أو التخابر مع جهات أجنبية خاصة و أن طبيعة منصب الرجل و إشرافه على هيئة تسيير الجامعة و ما ينسب إليه من تعيينات حكام تسببوا في مظالم و اعتداءات جمهور و “تخابره” مع عدة هياكل رياضية أجنبية إضافة إلى تهم الفساد و الرشوة و الكيل بمكيالين بين الفرق الرياضية و الانحياز إلى أندية الجنوب هي تهم أسالت كثيرا من الحبر و لم تعد خافية على أحد.
نحن نتحدث عن شخصية رياضية استثنائية بكل المقاييس تحدّت كل وزراء الرياضة الذين تعاقبوا على هذه الوزارة في عهده و لعل أبرزهم طارق ذياب الذي عينته حركة النهضة كما نتحدث عن شخصية خبرت كل قواعد اللعبة الرياضية بما فيها من دسائس و من ضرب تحت الحزام و ضغوط و رشاوى مقنّعة و هدايا من باب “أطعم الفم تستحي العين”.
تهم تثيرسخرية المتابعين
يبقى التساؤل : لماذا تمّ إيقاف وديع الجري في هذا التوقيت بالذات؟ ما هي “التهمة” الحقيقية للرجل؟ من يقف حقيقة وراء قرار الإيقاف؟ هل يأتي إيقاف وديع الجري في نطاق الحرب على الفساد التي أعلنها الرئيس قيس سعيد منذ فترة دون أن تكون لها نتائج ملموسة؟ لماذا لم يتم إحالة عديد الملفات التي تحدث عنها السيد كمال دقيش وزير الرياضة في تصريحات سابقة؟ هل تصمت الجامعة الدولية لكرة القدم هذه المرة؟ لماذا عبر أعضاء الجامعة عن مساندتهم لرئيس الجامعة المعتقل و هل تأتى تلك المساندة في نطاق المبادئ أم الخوف من كشف الرجل لكثير من المستور؟ هل تم إيقاف السيد وديع الجري لإبعاده من منافسة الرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية القادمة؟ هل يمكن اعتبار أن هناك حملة يتم فيها استغلال القضاء لإبعاد كل المرشحين المحتملين للرئاسة؟ هل جاء الدور على السيد وديع الجري بعد السيد عثمان جنيح الذي جاء ذكره في التسريبات الأخيرة للصحفية شهرزاد عكاشة و السيدة عبير موسي التي تم اعتقالها بتهم أثارت سخرية كل المتابعين؟
في الحقيقة لا أحد يملك الجواب و لا الحقيقة الخافية و لا أحد اليوم قادر على فهم ما يحدث أو ما يدور في رأس الرئيس قيس سعيد و لكن هناك شبه إجماع أن هناك حملة “تطهير” واسعة تشمل كثيرا من الشخصيات من كل الألوان و المشارب و الأطياف و كما ضرب السيد الرئيس قانون الأحزاب في مقتل فإنه يسعى بكل الطرق لضرب الشخصيات الوازنة التي يرى أنها تقف ضد مشروعه للسيطرة على كل مفاصل الدولة و حين يتم إسكات كثير من الأقلام و الآراء باستعمال المرسوم عدد 54 لسنة 2022 الذي يعتقد البعض أنه صمّم على مقاس طموحات السيد الرئيس و ليكون السوط الموجع الذي سينهال على ظهور كل المتنطعين و الرافضين لما يسمى بمسار 25 جويلية 2022 فمن الواضح أن الرئيس سيجد نفسه وحيدا و بلا منازع في منافسة الانتخابات الرئاسية المقبلة…
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك