لعلّ الشيخ راشد الغنوشي لم يتفطن من فرط الغرور و النرجسية أن هناك من كان ينتظره في اللحظة المناسبة لينقلب على الدستور الذي أقسم على احترام نصّه و يقوم في ساعات معدودة بإخراجه عنوة من الساحة و رميه في السجن لتكون نهايته المحتومة لأنه يمكن سرقة أي شيء إلا انتصارات الشعوب و كما حكم الشيخ راشد الغنوشى بسلاح الكذب انتحر أيضا بنفس السلاح.
بقلم أحمد الحباسي
حين وطأت أقدام مرشد حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشى ساحة مطار تونس قرطاج عائدا من منفاه البريطاني أياما قليلة بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على و بعد أن سجد سجدتي الشكر صرح علنا بأنه سيعتزل السياسة و السياسيين و سيستقر عابدا متعبدا بمقر رأسه بالجنوب التونسي.
ربما هناك من لا يعرف تاريخ النفاق السياسي للرجل و لذلك صدّق هذا الكلام لكن العارفين الذين خبروا تقلبات من سماه الشهيد شكري بلعيد ب”شيخ الكذابين” كانوا ينتظرون منه أن ينقلب سريعا على تصريحاته و يعود لتجميع مناصريه الذين فيهم من كفر به و قال فيه ما قال مالك في الخمر متهما إياه بالفرار جبنا و خذلانا إلى بريطانيا تاركا جموع نشطاء الحركة الذين مارسوا كل أنواع الرذيلة السياسية و الإرهاب و بيع الضمائر يواجهون القوة الأمنية للرئيس الراحل.
فئة ضالة ماكرة تكذب كما تتنفس و ربما أكثر
لعله من البيّن أن الرجل لم يستجمع كل المنتسبين للحركة إلا بعد أن قدم خطابا منافقا كاذبا ملتويا جبانا كعادة خطب قيادات الإخوان حين يجدون أنفسهم في مأزق حاد.
من يتابع خطب و تصريحات و ما يكتبه و ينشره الإخوان بصورة عامة يدرك حتما أنهم منافقون بالفطرة و أن التجائهم للتقية هو شكل معبّر عن كون لسانهم لا يقترب من العفّة و حمرة الخجل تماما لأنهم فئة ضالة ماكرة تكذب كما تتنفس و ربما أكثر و لذلك سقط وعدهم الانتخابي سنة 2011 بكونهم سيوفرون أربعمائة ألف فرصة عمل و سيفتحون البنوك الإسلامية لتيسير القروض و آخر وعودهم وعد شيخهم راشد الغنوشي بأنه سيحول سبخة السيجومى إلى منتجع سياحي و وعده ناخبيه للمجلس النيابي بكونه سيوفر لهم “الويفى” في كل مكان و بالمجان.
في سياق لغة نفاق الشيخ راشد الغنوشى أن حركته التي مارست و لم تنقطع الإرهاب و نهب المال العام و التكفير و تسفير الإرهابيين إلى سوريا و تفريخ الإرهابيين بإنشاء ما سمى بالمدارس القرآنية و اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمى و استعملت جهازا عسكريا سريا لتتبع معارضيها و ترويعهم قد قامت بإرادتها بمراجعات تتبنى ضرورة الفصل بين الدين و السياسة بعلة مسح الصورة السلبية و القاتمة للحركة في أذهان المجتمع التونسي و بداية مرحلة جديدة.
نحن نتذكر طبعا كيف ركب الشيخ راشد الغنوشي و أتباعه ما سماه البعض بالثورة و زعموا أنهم أصحابها و ملاّكها ثم قادوا أكبر عمليات إرهابية في تاريخ تونس و حين صعدوا إلى كرسي المجلس النيابي كيف هددوا معارضيهم بصلبهم من خلاف و تحولوا إلى ميليشيات دموية مرعبة باسم زائف اسمه حماية الثورة.
لقد تغلغلت الحركة تحت جلد المجتمع بنفاقها و مخاتلتها المستمرة و زعم شيخها فى مؤتمر الحركة العاشر أن تونس قد باتت تطير بجناحين في إشارة إلى تحالف اجتماع باريس المسموم بين الرئيس الراحل الباجى قائد السبسى و الشيخ راشد الغنوشي لينكشف المستور بعد أشهر فقط وعلى لسان الشيخ نفسه بكونه قد تحالف مع حركة نداء تونس تحالف المضطر لينقض عليها بمجرد بروز بعض الهوان و التصدع بين قياداتها خاصة بعد نجاح الشيخ في استمالة رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد باستغلال طموحه و طمعه السياسي لدقّ إسفين مميت بينه و بين ولىّ نعمته الرئيس الراحل الباجى قائد السبسي.
أغلب التونسيين يصدقون كل شيء بسرعة
مشكلة أغلب التونسيين أنهم يصدقون كل شيء بسرعة و دون تمحيص لذلك تمكن الشيخ راشد الغنوشى و جماعته و طيلة سنوات عديدة من اعتماد منهج الكذب لتمرير مشاريعهم المشبوهة دون أن يحاسبهم أحد على تلك الشعارات و الخطب و التصريحات الكاذبة مثل “بالملايين على القدس رايحين” و “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود” و اسمعوا منا و لا تسمعوا عنّا” و “الإيلام هم الحل” إلى آخر تلك الشعارات السخيفة الكاذبة.
لم ينكشف كذب الشيخ راشد الغنوشى إلا بعد أن جرّب الناس زيف خطابهم بعد أن كانوا لا يقتنعون بأن هؤلاء الناس الطيبين كذابون و أن أنهارهم لن تفيض عسلا و كل من يقترب منهم سيحترق.
لعلّ الشيخ راشد الغنوشي لم يتفطن من فرط الغرور و النرجسية أن هناك من كان ينتظره في اللحظة المناسبة لينقلب على الدستور الذي أقسم على احترام نصّه و يقوم في ساعات معدودة بإخراجه عنوة من الساحة و رميه في السجن لتكون نهايته المحتومة لأنه يمكن سرقة أي شيء إلا انتصارات الشعوب و كما حكم الشيخ راشد الغنوشى بسلاح الكذب انتحر أيضا بنفس السلاح.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك