كان الزعيم الحبيب بورقيبة يعتبر الإذاعة وسيلة كفاح وأداة بناء للدولة التونسية الحديثة توفر الدعم الإعلامي لبرامج الدولة الهادفة إلى التنمية و البناء وتخاطب المواطنين بلغة يفهمونها و تحثهم على البذل والعطاء ومقاومة الخمول.
بقلم محمود حرشاني *
يصادف يوم 13 فيفري من كل سنة الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة وهو مناسبة يحتفل فيها الإذاعيون وتخصص أغلب الإذاعات برامج خاصة للتذكير بالدور المحوري للإذاعة كوسيلة إعلام وتوعية وتثقيف وتربية وتكوين من خلال ما تقدمه من برامج وأخبار واستضافات لصناع الأحداث.
واذ نحيي في هذا اليوم كل الزملاء الإذاعيين ونعتز بتجربتنا الإذاعية المتواضعة في إعداد وتقديم البرامج وكذلك في صياغة وتقديم الأخباروهي تجربة امتدت لسنوات بين العصامية والتكوين والاطلاع الشخصي على أحدث التجارب وقراءة الكتب التي تهتم بالفن الإذاعي فإني أريد ان أتحدث عن علاقة الزعيم الحبيب بورقيبة بالإذاعة والتي تكاد تكون علاقة فريدة من نوعها اأتى على ذكر تفاصيلها وخفاياها الأستاذ عبد العزيز قاسم في كتابه “بورقيبة المستمع الأكبر” قياسا على لقبه المشهور المجاهد الاكبر.
كان يخاطب الشعب أسبوعيا من خلال الإذاعة
وأصدقكم القول انني لم أطلع إلى حد اليوم على كتاب الأستاذ عبد العزيز قاسم حتى لا يقال انني ألخص في هذا المقال مضمون الكتاب. ولكنني أكتب هذا المقال من خلال حكايات وشهادات سمعتها من أهل الذكر على علاقة الزعيم بورقيبة بالإذاعة. وأول شهادة أسوقها هي الأستاذ الشاذلي القليبي أول مدير عام للإذاعة التونسية بعد إعلان النظام الجمهوري. فقد أسر لي الأستاذ الشاذلي القليبي في حوار مطول أجريته معه ونشر في مجلتي “الرافد” الإماراتية و”الحياة الثقافية” وفي كتابي “البحث عن فكرة” ان الزعيم بورقيبة كان يعتبر الإذاعة وسيلة كفاح وأداة بناء للدولة التونسية الحديثة توفر الدعم الإعلامي لبرامج الدولة الهادفة إلى البناء وتخاطب المواطنين بلغة يفهمونها و تحثهم على البذل والعطاء ومقاومة الخمول.
وأضاف الأستاذ الشاذلي القليبي ان الزعيم بورقيبة عول على الإذاعة في إيصال رسالته الى الشعب وهو الرئيس العربي الوحيد الذي كان يخاطب الشعب أسبوعيا من خلال الإذاعة كل يوم خميس فضلا عن البرامج التي يتم تطويرها لتكون في خدمة التنمية. وعلاقة الزعيم بورقيبة بالإذاعة تنبع من إيمانه بدور الإعلام العمومي المتفتح على قضايا الجماهير. ولم يكن الزعيم بورقيبة يتردد في الاتصال بمنشط او منشطة او مذيع صحفي مباشرة ليطلب تمرير أغنية أو لفت النظر إلى خطأ او إصلاح خطا تاريخي وقد حدث هذا عديد المرات يتصل بهم الزعيم بورقيبة مباشرة ولكنه بلطفه يزيل عنهم الحرج والارتباك.
يستقبل المواطنين الذين استمع لشكواهم في الإذاعة
وكانت هتاك برامج محببة للزعيم يتابعها في الإذاعة مثل برنامج “اللأسرة البيضاء” وبرنامج “يسألونك عن تونس” من إعداد الزميل بوراوي بن عبد العزيز رحمه الله وبرنامج “التنمية الريفية” من إعداد محمد الهادي التريكي وبرنامج “الإذاعة تزور” الذي يقدمه عبد االعزيز الرياحي وبرنامج “هواة الأدب” الذي يشرف عليه الشاعر أحمد اللغماني وبقرا النصوص عادل يوسف. كما كان الزعيم لا يفوت نشرة الساعة الخامسة مساء للأخبار ونشرة عبر ولايات الجمهورية ولطالما رايناه يستدعي الصحفيين والمراسلين الذين يستمع إليهم ويشجعهم…. وقد نالني شخصيا هذا الشرف. وكذلك الزميل رشيد البكاي مراسل الإذاعة في ولاية بنزرت.
وأذكر ان الوزراء الذين كنا نغطي أنشطتهم كانوا يطلبون منا ان نقدم المراسلات في نشرة الساعة الخامسة لأن الزعيم بورقيبة كان يستمع إليها.
وأكثر من مرة استدعى الزعيم بورقيبة مواطنا ومواطنة استمع الى شكواه في الإذاعة.
كما كانت هناك أصوات محببة إليه من الرجال والنساء مثل حامد الدبابي ومحمد قاسم المسدي وأحمد العموري والمكي كربول ومفيدة الزهاق ونجوى إكرام ومليكة بن خامسة وعبد العزيز الرياحي. كما استقبل عديد المرات صحفيات قسم الأخبار بالإذاعة الوطنية مثل الزميلة خديجة العويتي وفتحية حمدان وأخريات وخصهن بتشجيع كبير…
كما راهن الزعيم بورقيبة على إذاعات القرب فكانت اذاعة صفاقس ثاني إذاعة جهوية في العالم العربي بعد إذاعة الإسكندرية والتي تعززت ببعث إذاعة المنستير و قد واصل هذا المجهود في ما بعد الرئيس زين العابدين بن علي ببعث إذاعات جهوية أخرى مثل اذاعات قفصة والكاف وتطاوين وإذاعات متخصصة مثل إذاعة الشباب وإذاعة تونس الثقافية.
*كاتب وإعلامي وإذاعي سابق.
شارك رأيك