نشر النائب عن كتلة الحرة، الصحبي بن فرج، مساء اليوم الاثنين رسالة على صفحته الخاصة بموقع الفايسبوك يدعو فيها رئيس الحكومة يوسف الشاهد الى انقاذ شركة الفولاذ.
وشدد على أن إنقاذ الفولاذ يتطلب رصد استثمارات جملية ب150 مليون أورو موجهة لتركيز وحدة تعدين جديدة متكاملة بطاقة 600 الى 800 الف طن من مشتقات الحديد.
وفيما يلي نص الرسالة:
السيد رئيس الحكومة يوسف الشاهد: يجب إنقاذ شركة الفولاذ
سيدي رئيس الحكومة
أعلم جيّدًا أن لتوجيه الاقتراحات والخطط والبرامج، آدابًا ومجالات ومسالكً غير هذا الفضاء العام ، ولكني قد أجد لنفسي عذرًا لمخالفة هذه القاعدة في توجهكم أكثر من مرة الى الطبقة السياسية قاطبة عبر الاعلام متحدّيًا :من يعلم لهذا الوضع المتردي حلّا فليتفضل به توًّا ولا ينتظرنّ الى 2019.
بدايةً، الفولاذ مصنع عريق شيّده آباء وبناة دولة الاستقلال وفِي أذهانهم أنهم يؤسسون لصناعة وطنية قويّة تؤمن للشعب حاجاته الاساسية وتحفظ للوطن مناعته واكتفاءه وتضمن للدولة سيطرتها على القطاعات الاستراتيجية التي لا يكون من دونها نماء ولا رخاء ولا بناء ولا استقلال الفولاذ، كما تعلمون، قام طيلة العقود الماضية بهذا الدور وتحمل من اجل ذلك أعباء مالية وخسائر متراكمة أثقلت كاهله أساسا لوظيفته في التحكم في أسعار سوق الحديد و تأمين حاجيات قطاع البناء من هذه المادة الاستراتيجية
لن أتحدث عن دوره كقاطرة للتنمية في بنزرت ولا عن دوره الاجتماعي ولن أتجاهل في المقابل بقية الأسباب التي أدت الى وضعيته المالية المتردية (سوئ التصرف الاداري والمالي، انعدام استراتيجيا واضحة لتأهيله تقنيا وبشريا، القرارات المرتجلة في التصرف، الانفلات النقابي …)
ولن استفيض في سردِ تاريخ طويل من السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة وهي الابعد ما تكون على السعي الصادق لإنقاذ المؤسسة وتستحق وصفها بالسياسات الممنهجة والمتعمدة لإغراق الشركة وخنقها ومنع كل إمكانية لهيكلتها او حتى للتفويت فيها بشروط مشرفة تضمن لها الحياة والاستمرار والمنافسة
كل ذلك من أجل أن يتغوّل البعض ويحتكر البعض ويستأثر البعض بالسوق التونسية الهائلة.
لقد قررت الدولة التوجه نحو التفويت في نصف رأس مال الشركة لشريك استراتيجي يتعهد بالاستثمار فيها وتطويرها وإنقاذها التساؤل الذي أطرحه اليوم عليكم مباشرة هو التالي:
لماذا لا تستثمر الدولة بنفسها في إنقاذ الفولاذ وتطوير قطاع الحديد والصلب ؟
ما الذي يمنعها من ذلك؟
وماذا ستربح الدولة من ذلك؟
ومن اين ستأتي بالاموال ؟
إنقاذ الفولاذ، سيدي رئيس الحكومة، يتطلب رصد استثمارات جملية ب150 مليون أورو موجهة لتركيز وحدة تعدين جديدة متكاملة بطاقة 600 الى 800 الف طن من مشتقات الحديد (aciérie +laminoir )
وهو ما سيمكن الشركة من تغطية الكلفة العالية لتشغيل 1200 عامل متواجدين حاليا مع انتداب قرابة ال300 إطار وعامل إضافي…..وضمان تحقيق أرباح هامة(علما بان الشركة حاليا قامت خلال السنة الفارطة بخلاص موظفيها ودائنيها ومزوديها)
وخاصة…وهذا هو المهم من تمكين الدولة من اقتصاد مبالغ طائلة بالعملة الصعبة.
تستورد الدولة بما قيمته 300 مليون دولار من العروق الفولاذية لتحويلها الى منتجات حديدية بينما يمتلك الفولاذ تقنية وخبرة عالي في صهر الخردة والفضلات الحديدية لصناعة العروق الفولاذية
إنجاز وحدة التعدين الجديدة بطاقة600 الف طن سيمكن الدولة من التعويل على الخردة المحلية +++او حتى المستوردة (سعرها يقارب نصف سع العروق ) لتصنيعها الى عروق فولاذية وذلك بدل استيراد هذه العروق
وهو ما سيمكن الدولة من تخفيض الاستيراد من 300 الى 100 مليون دولار سنويا ، وهذا الفارق سيرتفع حتما بارتفاع الطلب على الحديد في المستقبل بما اننا نعول على عودة نسق النمو الى الارتفاع في السنوات القادمة
فظلا عن إمكانية تحول تونس من بلد مورّدٍ الى بلدٍ مُصَدِّر للعروق الفولاذية(المثال التركي)
هذا المشروع بامكان الدولة انجازه في مدة تتراوح بين 18 الى 24 شهر
وبالامكان اختصار الآجال الإدارية والقانونية اللازمة للانجاز بالاعتماد على قانون الطوارئ الاقتصادي المزمع التصويت عليه قريبا في مجلس نواب الشعب
في المدى القريب، ولإعطاء نفس جديد للشركة ،من الواجب أن تقوم الدولة
- بتعيين إدارة عامة جديدة على راس الشركة من ذوي الخبرة في التسيير والتصرف والمعرفة العميقة بقطاع التعدين والحديد والصلب
- بالتطهير المالي والاداري للشركة عن طريق التشجيع على التقاعد المبكر واعادة جدولة ديونها والتكفل بالمتخلد بذمتها من ديون لدى الضمان الاجتماعي وإسقاط خطايا التأخير (وهو نفس ما تقوم به الدولة مع مؤسسات اخرى خاصة مثل المؤسسات السياحية والبنكية الخ الخ)
- السماح للشركة بتصدير مخزون الخردة الموجود لديها وتحويله في الخارج الى عروق فولاذية يعاد استيرادها لتصنيعها في المقنع او توزيعها على بقية المصنّعين (لا تتحمل الشركة في هذه الحالة سوى سعر النقل وتحويل الخردة الى فولاذ) وهو ما سيمكنها من سيولة مالية مهمة
سيدي رئيس الحكومة
هل بإمكان الدولة تعبئة موارد مالية ب150 مليون أورو؟ الجواب نعم واليكم بعض المصادر الممكنة :
- صندوق الودائع والامانات(CDC) الذي يحتوي على مدخرات تفوق ال3آلاف مليار مع صفر استثمار
- المبالغ الطائلة المرصودة خلال مؤتمر 2020 والتي تنتظر الى اليوم مشاريع لتمويلها(ال1200 مليون دولار القطرية مثلا)
- الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية وصناديق التنمية
- خطوط التمويل الأجنبية بعنوان credit fournisseur مع فترة سماح بسنتين او ثلاث (هناك عروض فعلية طُرحت على وزارة الصناعة )
- الشراكة مع القطاع الخاص، الاكتتاب العمومي ، الشراكة مع الخارج……..
إن استثمار الدولة في قطاع الحديد والصلب الاستراتيجي(وغيره من القطاعات) ، ممكن ومجدي ومربح ويجعل من الدولة القاطرة الحقيقية للتنمية والتشغيل والنمو في الجهات الداخلية وفِي الوطن عموما، طبعا مع اتباع قواعد التصرف والشفافية والمنافسة والحوكمة العصرية بعيدا عن الفساد وعن عقلية وسياسة رزق البيليك المؤدية الى الافلاس
إذا اعتمدنا نفس الآليات التمويلية السابقة(وغيرها) ونفس آليات التسيير العصرية المشار اليها…تصورا مثلا انجاز وحدة تعدين ثالثة في تطاوين أو مدنين ، الى جانب معمل إسمنت ومصنع للجبس مع ما يرافق ذلك من صناعات في قطاع البناء والتعمير (القرب من السوق الليبية الواعدة، سهولة وصل المنطقة بالسكة الحديدية، القرب من ميناء حرجيس) تصورا ايضا قطبا صناعيا للصناعات الغذائية في القيروان لتثمين إنتاجنا الفلاحي واستغلال الفائض الكبير في عديد المواد
تصورا قطبا صناعيا في الشمال الغربي متخصصا في تثمين وتصنيع المنتوجات الغابية الكثيرة والمطلوبة بشدة في العالم (زيوت نباتية، مستخلصات طبية، دوائية،تجميلية، complément alimentaires ،extrait nutriceutiques, conservateurs naturels…..)،
أو قطبا صناعيا لتصنيع الرخام في القصرين او لاستغلال ثروة كاربونات الكالسيوم.
وما ذلك، (وأكثر من ذلك)على دولتنا وشعبنا بعزيز
سيدي رئيس الحكومة، هذه بعض حلولنا وغيض من تصوراتنا على سبيل المثال لا الحصر ، والإجمال دون تفصيل والاختزال بلا تمطيط،هذا اجتهاد خبراؤنا والعديد من الكفاءات التي يزخر بها وطننا من جامعيين وصناعيين ونقابيين ورجال اعمال ومجتمع مدني ……لم نشأ أن نبخل بها على شعبنا ولا أن نؤجلها الى معركة سياسية لا تحتاجها بلادنا، ولا أن ندّخرها الى يَوْمِ إنتخاباتنا ،ولم يمنعنا موقعنا في المعارضة أن نقترحها عليكم تماما كما تفضلتم
لقد قبلنا التحدي الإيجابي الذي توجهتم به نحو النخبة، وقبولنا تحديكم يفترض قبولكم بدراسة حلولنا والرد عليها
ولْنبدأ، اذا شئتم، بمقترح إنقاذ شركة الفولاذ لاستعجاله ورمزيته وعظيم تأثيره على الجهة والوطن والقطاع…..
لأن تونس أمانة بين أيدينا كما هي مسؤولية بين أيديكم
تقبلوا سيدي رئيس الحكومة فائق تقديري
شارك رأيك