الشائع أن اليمن بلد فقير بالمقارنة مع جيرانه الخليجيين لكن من الواضح أن من يردد هذه المقولة التافهة لم يزر اليمن و لم يعاشر أهلها و يطلع على عدة حقائق تجعله يراجع موقفه. حين نقول دولة غنية فنحن نقصد بلدا يملك ثروات طبيعية و نتغافل أن هناك بلدانا غنية بثرواتها و فقيرة جدا بأخلاقها و مبادئها و شهامتها و لا تمتلك من هذه الثروات الإنسانية إلا النزر القليل جدا لذلك تجد مواقف حكامها عند الشدائد و الأزمات أقرب إلى الخيانة و العمالة منها إلى النخوة و الهمّة و مساندة القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية.
بقلم أحمد الحباسي
لذلك شتّان بين الثرى و الثريّا و بين موقف الشعب اليمني و موقف أغلب شعوب دول الخليج من أولهم إلى آخرهم. الفقر إذن ليس فقر ذات اليد بل الفقر هو فقر ذات القلب و الوجدان و الإحساس و النخوة و ما صدر عن الإخوة في اليمن من مواقف شهامة تجاه العدوان على غزة و تلك المساندة غير المشروطة و القوية لا بد أن تجعل بقية الشعوب العربية تخجل و تمتنع عن توصيف اليمن بكونه دولة فقيرة لأن معادن شعب اليمن أنفس من كل نفيس.
إن انضمام اليمن و ثورة اليمن إلى محور المقاومة هو حدث استراتيجي مهم يقضّ مضاجع الإدارة الأمريكية و حلفائها الغربيين إضافة طبعا إلى ربيبتها إسرائيل هذا الكيان المتوحش المحتل للأرض الفلسطينية كما يقضّ مضاجع عملاء أمريكا من المحميات الخليجية مثل السعودية و البحرين و الإمارات على وجه الخصوص.
بطبيعة الحال لن تتوقف صواريخ اليمن و لن تفتر إرادة شرفائه و لن يرتاح الأعداء المذكورين لأنهم يعلمون بالخبرة و التجربة و التاريخ أن شعب اليمن لا يتوعد سدى و لا ينطق عن هوى و لا يبغى من نصرته للقدس و لغزة و للقضية الفلسطينية إلا النصر أو الشهادة.
أين وجد الحق العربي وجد الشعب اليمني
مواقف الشعب اليمني ليست “للزينة” و للمبارزة اللفظية كما يفعل أغلب الحكام و مواقف الشعب اليمني ليست ظرفية لأنه أين وجد الحق العربي وجد الشعب اليمني و أين نادي صبى فلسطيني تداعى له كل أطفال اليمن لذلك أصبح الأعداء يهابون الموقف اليمني و يدركون و لو بشيء من التأخير كعادتهم أن التهديد بغلق باب المندب ليس شبيها بقرارات الجامعة العربية المتهالكة بقيادة أحمد أبو الغيط المعروف بمعاداته للقضية الفلسطينية و للمقاومة الباسلة التي أنجزت عملية طوفان الأقصى.
لقد تفطن ذكاء الشعب اليمنى أن نصرة الشعب الفلسطيني لا تكون بالشعارات و بيانات التنديد المعتادة بل بالبحث عن مكامن الضعف في الاقتصاد الصهيوني و كيفية ضرب الأسس الحيوية التي يقوم عليها هذا الاقتصاد التي تتولى الإدارة الأمريكية تمويله بضخّ المليارات التي تستخلصها من عائدات صفقات الأسلحة المصدرة للمحميات الخليجية.
المعلوم تاريخيا أن مضيق باب المندب هو شريان حيوي بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل و للكيان الصهيوني بالذات و هو أحد ساحات المعركة القومية الشاملة و يجب أن يتحول إلى أحد ميادين العمليات الحربية اليمنية التي ستتسبب في خسائر جسيمة و مباشرة للاقتصاد الصهيوني و تدفع قيادته النازية إلى التفكير في عاقبة مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد سكان غزة و مقاومتها الشعبية.
الواضح من تصريحات الصهاينة و الأمريكان و المؤلفة قلوبهم معهم دويلات الخليج العميلة أن هناك ارتباكا و حالة هلع لأن الأعداء قد أدركوا أن قيادة المقاومة اليمنية لا تمزح و أن إطلاقهم للتهديدات و تسخير أبواق دعايتهم مثل قنوات “العربية” و “سكاى نيوز عربية” على سبيل المثال هو مجرد مضيعة للوقت.
طوفان يمني سيغرق مشاريع تفتيت المنطقة العربية
لن نذيع سرا حين نؤكد أن الشعب التونسي بأغلبيته الساحقة منبهر تماما بصلابة الموقف اليمنى المشرف و لن نوفى هذا الشعب و القيادة اليمنية حقهما حين نبصم بالعشرة بأن محور المقاومة قد تعزز كثيرا بانضمام القوة و العزيمة اليمنية و أن هذا المحور قد بات الأمل الوحيد للشعوب العربية المناصرة للقضايا العربية و على رأسها طبعا القضية الفلسطينية.
من الواضح أنه و بعد نجاح عملية طوفان الأقصى التي قصمت ظهر الرواية الصهيونية القائلة بأن جيش النازيين الجدد لا يقهر فإن موقف و عمليات نصرة الثورة اليمنية لغزة هو طوفان يمني آخر سيغرق كافة مشاريع تفتيت المنطقة العربية و سيعيد البريق الساطع للقضية الفلسطينية و سيزيد من عزلة الكيان الصهيوني دوليا بما سيشكل بداية نهاية وجود هذا الكيان و الورم الخبيث الذي ساعدت دويلات الخليج على تقوية عضلاته الدموية و تسارع اليوم للتطبيع معه في مواقف مثيرة للغثيان.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك