نشر الصحفي زياد الهاني مساء اليوم الخميس 7 مارس على صفحته بالفايسبوك خبر استدعائه لدى مكتب التحقيق 12 بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب. و جاء الخبر كالتالي:
“عدت هذا المساء إلى منزلي بعد يوم ربيعي جميل لكنه مرهق، قضيته متنقلا بين سليانة وسيدي حمادة وبرڤو، وسط أحضان الطبيعة الخلابة والمروج الخضراء التي أنعشتها أمطار خير أحيت النبات والنفوس..
وجدت في انتظاري استدعاء للحضور صباح يوم الإثنين المقبل الموافق لغرة شهر رمضان المعظم جعله الله مباركا على الجميع، لدى مكتب التحقيق 12 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب. وذلك قصد إعلامي بقرار ختم البحث في قضية صديقي الدكتور منذر الونيسي.
لأول مرة أستقبل بارتياح وطمأنينة، مشوبين طبعا بالحذر، استدعاء من جهة قضائية للمثول لديها كمتهم، وبأيّ تهمة؟ بتهمة الإرهاب طبعا..
لماذا الارتياح؟
لأني أتوقع من السيد حاكم التحقيق إعلامي بوقف التتبع التافه المفتوح ضدي وتبرئتي من التهمة الحقيرة والوضيعة الموجهة لي، والمهينة للقضاء أكثر مما هي مسيئة لي. حيث شعرت من طريقة تعامله معي والحرج الذي كان يبدو عليه أحيانا عند إلقائه بعض الأسئله، بأنه مدرك لطبيعة القضية المسخرة التي تمت إحالتي أمامه فيها كمتهم. وبأن الأمر لا يعدو أن يكون سوى تصفية حساب رخيص، مع صوت حر يرفض الصمت على ما يعتبره ظلما، ويصر على الدفاع عما يعتبره حقيقة..
تصوروا أن صحفيا حاور ناشطا سياسيا ليتأكد منه من مدى صحة تصريح منسوب له، وأعلن في برنامج إذاعي عن فحوى ذلك الحوار حسبما تقتضيه قواعد مهنته. فيتم استدعاؤه كشاهد للتحقق من تصريحه الإذاعي، وهذا أمر طبيعي، ثم يتم تغيير صفته في القضية من قبل النيابة العمومية إلى متهم وإحالته على قطب الإرهاب..
أشعر بالإطمئنان لأني أشك في أن السيد حاكم التحقيق، الذي كان لطيفاً معي، سخص مخادع وماكر سيتصرف معي بخسّة حسب قول الشاعر:
يبديك من طرف اللسانِ حلاوةً
ويروغ عنك كما يروغُ الثعلبُ
ولا أعتقده حسبما بدا لي من هيئته المحترمة التي توحي بالثقة والرجولة، أنه من أولئك الذين باعوا ضمائرهم وارتضوا لأنفسهم مذلة الرضوخ للتعليمات، بحثا عن منفعة شخصية انتهازية أو ضمانا للقمة خبز مغمسة في العار والذل..
هذا رأيي فيه، فيما بدا لي منه في الظاهر، أما السرائر فلا يعلمها إلا الله..
لكن لماذا الحذر؟
أوّلا، لأنه لي سابقة سيئة مع السيدة رئيسة الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس التي توسمت فيها من طيب ملاحها الخير والانتصار للقانون، لكنها خذلتني وخيبت أملي فيها.
إذ في حين أنه بعد كل ما تقدم لها من حجج قانونية دامغة لا تقبل التجريح والدحض،
وبعد أن ارتضيت لنفسي الوقوف أمامها وهيئتها حافيا وليس منتعلا “شلاكة” فوق أرضية حارقة من شدة البرد احتراما لهم وللعدالة ولنفسي ومهنتي، انتظرت أن تحكم على الأقل ببطلان الإجراءات في القضية التي رفعتها ضدي وزيرة التجارة. لكنها للأسف وفي مخالفة صريحة للقانون الذي يُلزم بأن تقع محاكمتي طبقا للمرسوم 115 المتعلق بحرية الصحافة باعتباري ارتكبت ما يعتبر جريمة بواسطة الصحافة، وهو ما أُقِرُّ به ويوجب معاقبتي بالخطية لفائدة الدولة والغرامة للوزيرة، قضت بسجني مدة ستة أشهر وإن مع تأجيل التنفيذ، واضعة بذلك سيف داموقليس على رقبتي.
إلا أنها للأسف خانت في تقديري الأمانة وداست على القسم الذي أقسمته عند توليتها القضاء:
«أقسم بالله أن أقوم بوظائفي بكل إخلاص وأمانة وأن ألتزم بعدم إفشاء سرّ المفاوضات وأن يكون سلوكي سلوك القاضي الأمين الشريف”.
وثانيا توقيت الاستدعاء، ذلك أن استدعائي مباشرة بعد تدخلي النقدي الرافض للإنقلاب والاستبداد، في قناة M6 الفرنسية، قد يلقي بعض الظلال على الأمر..
ومع ذلك أنا متفائل خيرا خاصة بعد الحكم المنصف والمشرّف الذي أصدرته محكمة التعقيب لفائدة زميلي الصحفي خليفة القاسمي، الذي تم الزج به ظلما وعدوانا في السجن على خلفية قيامه بواجبه المهني طبقا لقواعد المهنة وأخلاقياتها.
وفي كل الأحوال سأظل واثقا في بلادي ومقنعا بأن غد تونس سيكون أفضل بإذن الله وإرادة الأحرار والخيرين، لأنها تستحق الأفضل وهي جديرة به..
وسأظل أردد بكل جوارحي:
يسقط الانقلاب
تحيا تونس”.
شارك رأيك