متابعة للفصل الأول الذي رواه يوم الاربعاء 20 مارس 2024 في الذكرى 68 لعيد الاستقلال التي تجاهلتها السلطة القائمة مما أثار غضب أغلبية الشعب، يعود بشير جمعة (الذي سطع نجمه فجأة على صفحات التواصل الاجتماعي بعد أن روى صفحة من حياته كطالب في عهد الاستقلال)، كشاهد على عصره ليروي أهم الأحداث التي مر بها و نشرها على حسابه الخاص بالفايسبوك على غرار الجزء الأول بالدارجة التونسية، كما عاشها و انداده من جيل الكفاءات التونسية و من بناة الوطن المناضلين. متابعة:
“حكيت في الستاتي الاخراني كيفاش دولة بورقيبة قراتنا بلاش وأعطاتنا فرصتنا، وكبشنا فيها بظوافرنا.
عاد يا سيدي وصلت للجامعة في اكتوبر 73, أموري مريقلة وعندي بورس وشايخ.
لكن فيسع فيسع فقت أن الفرحة ما تمتش.
وبديت نسمع في أخبار تحزن.
هاو فلان تطرد من الجامعة, هاو الاخر تشد ورماوه في الداخلية, هاو الآخر اكل طريحة من عند البوليس، شبيبة في عمر الشباب، بسبب نشاطهم السياسي.
وبعد شهرين قراية نلقى روحي مطرد كيفهم.
مدير المدرسة حب يكسر لنا اضرابنا وهد على كلاصنا يحب يدخلنا بالسيف نقراو.
وما كنتش من العاكسين وهديت عليه بهجوم معاكس وجبدته من كرافاته.
شحطني ديراكت بطرد بشهر اكهو، ذواقة متاع الشيء اللي بلش يجي من بعد.
في شهر فيفري 74, عملنا لمة كبيرة برشا في الكامبيس نحتفلوا فيها بحركة فيفري.
وهاك اللمة والاجتماع العام الضخم غيرلي حياتي تماما وقلب اهتماماتي واولوياتي جملة وتفصيلا.
قبله كنت بشير متاع ليسي سوسة، وبعده وليت بشير اخر مختلف تماما.
وتقرر وقتها نعملوا مسيرة في شوارع العاصمة نطالبوا فيها باطلاق سراح صحابنا المعتقلين وبانجاز مؤتمر الUGET ال18.
وهبطنا في شهر افريل للشوارع في مظاهرة كبيرة، ونتذكر كنت شايخ شيخة كبيرة في مخي.
أول مرة في حياتي باش نهبط نتظاهر ونعيط كيف ما نحب ونشتهي.
وأول مرة زادة في حياتي نشوف البوب وكلاب البوب.
ونهارتها دقدقونا بالضرب وعملوا فينا اللي ما يتعملش.
وآني جيت من البلاد عامتها للجامعة مع اولاد بلادي وأولاد حومتي.
فقراء مزمرين, لكن كبشنا في الفرصة اللي جاتنا ونجحنا ووصلنا للجامعة.
وهبطت للمظاهرة مع علي وعبدالحميد ومحجوب والهاشمي والبحري.
فروخ صغار عمرنا 19 عام, شايخين على جو الحرية اللي كنا محرومين منه في الليسي.
وبديت نعيط “سيبولنا صحابنا….. نحبوا مؤتمرنا….. اذا الشعب يوما”.
وتحصرنا بين شارع انجلترا وشارع اسبانيا, وهد علينا البوب بالعصي والكلاب.
وتفرقنا, وأهرب فين ما تهرب.
ونشوف في الحاكم يكركر في عبدالحميد ومحجوب وعلي والعصي تاكل فيهم ماكلة.
ليلتها, آني سترني ربي رجعت بتت في المبيت, اما صحابي ال3 في الداخلية.
ومن غدوة تتنصب لهم المحكمة ويخبطوهم ب6 شهور نافذة.
نهارتها عرفت أن الحرية اللي كنت نحلم بيها في الليسي, ياخذوها منك بعصى وكلب.
ومن نهارتها، وليت نقدر حاجة اكثر من اي شيء اخر في حياتي، واكثر حتى من قرايتي ونجاحي:
الحرية والكرامة والراس المرفوع لفوق، والصحاب والصحيبات اللي وليت تتقاسم معهم عشق القيم والمبادئ.
وعمري ما ننسى نهار اللي جاو الشياب أباء صحابي من البلاد للعاصمة يلوجوا على أولادهم وهوما ما يعرفوش تونس.
وآني ندور بيهم من مركز لمركز والسب فينا والكلام الخايب.
في جوان, خرجوا من الحبس وهربوا يجريوا لفرنسا باش يكملوا قرايتهم.
أما آني قعدت في الجامعة في تونس نحاول نكمل قرايتي وناخذ شهادتي
لكن المخ تبدل وصار يغلي كيف الطنجرة، وصار النشاط السياسي والنضال ضد الدولة وحزبها في نفس المستوى تقريبا مع القراية.
وبمحض ارادتي دخلت للهياكل النقابية المؤقتة ديراكت بعد المظاهرة، وما كملت العام كان ما انتظمت في بارسباكتيف/العامل التونسي.
لاني صارت عندي رغبة ملحة جدا صعيب مقاومتها في ان يكون لي هيكل او تنظيم يضمني وانشط فيه بحرية مع ناس يشاطروني رغبتي.
ونهار بعد اربعة سنين كاملين من ذاك اليوم، بابا قاعد في البلاد, يجيه جواب من وزير التربية (مزالي).
فيه زوز سطور اكهو:
“تقرر طرد ابنكم نهائيا من كل المؤسسات الجامعية”.
وفي هاك الاربعة او الخمسة سنين اللي سبقو الجواب هذا، عدد المحاكمات السياسية اللي عشتها وفرضت علينا سطوتها كان حاجة ترعب.
وعدد الطلبة اللي تطردو او تم تجنيدهم قسرا قبلي ومعايا وبعدي بلغ ارقام مهولة.
هذه بقية حكاية واحد اسمه بشير من جيل الاستقلال, مع الاستقلال ودولة الاستقلال.
جيل الفرحة اللي ما تمتش, وسرقوها منه بماتراك وكلاب berger.
شارك رأيك