يقدم المخرج حافظ خليفة يوم الاثنين 8 ماي 2017 مسرحية “أسرار العشق” بقاعة الفن الرابع بداية من الساعة السابعة والنصف بعد الزوال والمسرحية هي رحلة في عوالم العشق و اسراره ,وولوج الى دنيا الصوفية للبحث عن الذات الالهية انطلاقا من الذات الانسانية بنفس مسرحي تجريبي معاصر.
إذ يلتقي كل من معاذ و صخر و بلقيس و يحي بالهدهد في حالة تيه و حيرة لما ال اليه الانسان من سفك للدماء و حروب ليطلبوا منه ان يرشدهم الى السيمرغ أي الملك او الذات الالهية..فياخذهم اليها في رحلة مضنية من وادي الى اخر كاشفا لهم خفايا العشق و اسراره.
أسرار العشق و منطق الطير:
ينضوي كتاب «منطق الطير» ضمن تقاليد الأدب الرمزي التي تمتد من مسرحية «العصافير» لأريستوفان، حتى زمن فريد الدين العطار نفسه (هو الذي عاش بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر)، وتصل الى ذروتها في اعمال يرى كثيرون ان العطار تأثر بها في شكل مباشر مثل «رسالة الطير» للغزالي، و «رسالة الطير» لابن سينا و «مثوية سنائي» و «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري.
ولكن من الواضح ان فريد الدين العطار، بعد ان استوعب تلك الأعمال كلها، وقرأها في تفاصيل تفاصيلها ملاحظاً كيف تتطابق مع ما كان يريد هو ان يقوله، وضع عملاً ذاتياً شخصياً يعبّر، في الجوهر، عن فكرة الصوفي الحلولي، ويتميز بأسلوب شيق وعميق من الصعب القول انه ميّز اياً من الأعمال الاخرى التي نشير اليها هنا. علماً أن ثمة فارقاً أساساً بين تلك النصوص ونصّ فريد الدين العطار، إذ في وقت تبدو فيه تلك الاعمال فلسفية المسعى، تريد ان تعبر عن اسئلة قلقة أو غير قلقة حول الوجود والكينونة، يبدو عمل العطار روحياً – صوفياً بحتاً، يريد ان ينبع من الذات ليصبّ فيها أولاً وأخيراً.
مهما يكن من أمر، فإن كتاب «منطق الطير» هو في نهاية الامر، وصف أدبي رفيع المستوى لحكاية رحلة وبحث، كما يليق بالأعمال الصوفية الكبيرة ان تكون. ولسوف نرى بعد قليل ان هذا البحث انما كان في نهاية المطاف، بحثاً عن الذات، او بالأحرى عثوراً على الذات بعد رحلة البحث الشاقة. ومن يقوم بالرحلة هنا هو الطيور، على عكس ما يحدث في بقية الاعمال المشابهة، حيث يكون السعي في معظم الاحيان، سعياً بشرياً للبحث عن الحقيقة.
ومن هنا، فإن لدينا في «منطق الطير» مجموعة تمثل كل الطيور التي كانت البشرية تعرفها حتى زمن فريد الدين العطار. ويروي لنا النص في بدايته كيف ان هذه الطيور تجتمع ذات يوم وتقرر البحث عن ذلك الطائر الذي يمكنها ان تجعل منه ملكا عليها. والطائر المنشود هو ذلك الطائر الخرافي الذي يحفل الأدب الفارسي بوجوده منذ بدايات وجود ذلك الأدب: السيمرغ… وهو يعادل العنقاء في الاساطير العربية، وطائر الفينيق في الاساطير القديمة. وتقرّر الطيور القيام بالرحلة التي توصلها الى السيمرغ، أما الدليل الذي تعمد الطيور الى اختياره ليقودها في الرحلة فهو الهدهد، «الذي كان هو من قاد سليمان الحكيم الى ملكة سبأ،
رموز وايحاءات
امام صعوبات السفر واليأس الذي يداخل الكثيرين اذ تطول الرحلة، يتراجع الكثير من الطيور بأعذار مختلفة، بحيث لا يبقى في نهاية الأمر سوى ثلاثين طائراً، تقرر الاستمرار في رحلة البحث. وهؤلاء، رمزياً، هم الصوفيون بالطبع. هؤلاء الثلاثون (ويعادل نعتهم بالفارسية كلمة «سي مرغ»، ما له دلالة واضحة)، يواصلون الرحلة، اذاً، تابعين الهدهد، قاطعين الفيافي والتضاريس، ولا سيما الوديان السبعة، التي ترمز هنا الى مراتب الوصول الصوفي السبع: وادي الطلب، وادي العشق، وادي المعرفة، وادي الاستغناء، وادي التوحيد، وادي الحيرة، وأخيراً وادي الفقر والغناء، الذي هو اصعب الوديان وآخرها، فإذا ما تمكنت الطير من اجتيازه وصلت الى مبتغاها.
وبالفعل تتمكن الطيور من الوصول، في المقالة الخامسة والاربعين من الكتاب، الى السيمرغ وتجد نفسها في حضرته: «سي مرغ» (ثلاثون طيراً) تواجه الـ «سيمرغ» (الطائر الخرافي المطلوب منه ان يكون ملك الطير). ويتحول المشهد هنا الى لعبة مرايا، اذ تكتشف الطيور الواصلة الى مواجهة عرش السيمرغ، انه انما هو انعكاس لذاتها، وأن ثمة توحّداً تاماً بينه وبينها… والرمز واضح هنا: انه الحلول الذي يهيمن على الفكر الصوفي.
اللعبة الاخراجية والسينوغرافيا لحافظ خليفة
ان حالة التصدع الروحي و التيه في عالم المادة الذي اصبح مسلطا على انسان اليوم بجعله عبد التسابق وراء قشور دنياه و يرتبط أكثر فاكثر بمادتها مما أقفر ذاته من ذاته و حولها غريبة عنه مما ولد له فراغا روحيا داخل هذه الدوامة من العوالم الافتراضية ,وعن جراء هذه الثورة التكنولوجية التي أصبحت تحاصره من كل الزوايا فأضحى تابعا لكل ما هو مادي و حسي.
هذا العمل هو سفر في عالم العشق الالاهي و بحث عن الذات القادرة على تحديد كنه الوجود الإنساني ,وما عاشه الإنسان العربي من تغيرات جذرية على مستوى الجغرافيا السياسية الا خير دليل على محاولاته التصالحية مع ذاته و رغبته في إشباع ذاته بمفهوم الحرية الخاص به و بالمفهوم المطلق لها حتى يغير حياته و مصيره و بالتالي وجوده.
العمل هو روح المخرج قدم بنفس تجريبي و ذلك من خلال مراوحة النص الملفوظ و النص المرئي من خلال الكوريغرافيا المقدمة و اللعب على التقنيات المشهدية, التي ستساهم في اكتمال المشهد مع اعتماد سينوغرافيا متحركة معتمدين في ذلك على الانارة بشكل رئيسي في تقسيم الركح و التحول من مشهد الى اخر.
فالسينوغرافيا المشهدية تعتمد أساسا على اللعب في فضاء مفتوح و فارغ فالإنارة هي وحدها المحددة لسينوغرافيا هذا العمل وخاصة في مشاهد العبور من وادي الى اخر ,
شخصيات أسرار العشق :
يعتبر الهدهد هو المرشد وهو الطريق و الطريقة..هو الرفيق الهادي في هذه الرحلة و المعين على مشاقها,هو العبارة في انهار الشك و الرهبة,ووجود الهدهد ضروري و رئيسي لكل سالك دروب العشق,فهو بمثابة شيخ الطريقة للموريدين, و فاتح الابواب المغلقة امام اسرار الذات و العشق.
و ما تسميته بالهدهد الا وفاء لما ورد بكتاب منطق الطير لفريد الدين العطار و الذي ورد على لسان الطيور,و سيقدم على الركح كشخصية عارف و موغل في الصوفية.
أما الاعتماد على شخصية صخر فهو اعتماد مقصود لما ترمز من التصاق بالمادة و التراب و من كل ما هو حسي اضافة الى الصلابة و القسوة بالمعنى الحسي, ومن خلاله نقارب المادة الطبيعية في تعاملها مع كنه الذات و مدى تاثيرها بالعشق و كان بوهج العشق قادر على ذوبان الجماد الصلب فما بالك بالانسان,فالصلابة و الشدة بمعترك الدنيا تحجبان سبل الوصول الى متع العشق و اسراره وبالتالي ملامسة الذات.
هذا إلى جانب المراة بلقيس و من خلالها احالة الى الملكة بلقيس ويحي و هو احالة الى يحي بن زكريا الواعظ المهم في تاريخ الفكر الديني وشخصية معاذ وهو الملاذ ,و المعتصم و المحصن ,و المحفوظ من الله تعالى ,وأخيرا الطيف وهو الضمير الاهي و هو ايضا ضمير الانسانية العالم باسرار الامور
و الشاهد على الحال الذي تعيش فيه الانسانية
المشاركون في العمل
يشارك في العمل كل من عبد الرحمان محمود, المنجي بن ابراهيم, كمال العلاوي,محمد توفيق الخلفاوي, خبيب العياري,شيماء توجان,كمال زهيو,محمد وسام كريدان,حسن المي في التمثيل
وايمن السعيداني مساعد مخرج و رشاد باللحم مصمم و منفذ انارة و امال الصغير في تصميم و حياكة ملابس و مفيدة مرواني في القيافة وللتذكير فالنص هو للكاتب الراحل ابراهيم بن عمر رفيق درب المخرج حافظ خليفة وقام بالدراماتورجيا و اعادة صياغة نص : محفوظ غزال
شارك رأيك