تأثير الكلمات ومسؤولية الكتابة في التصدي للعنف

الكلمات التي نستخدمها، في كثير من الأحيان بشكل عفوي أو غير مبالٍ على وسائل التواصل الاجتماعي أو أماكن أخرى، لها تأثير عميق على النسيج الاجتماعي. ان الاتهامات بالعنصرية أو معاداة الإسلام، مثل تلك التي طرحتها منظمة هيومن رايتس ووتش بشأن الوضع في بريطانيا، توضح أن الكلمات تتجاوز بكثير مجرد تبادل الآراء. إنها تغذي وتفاقم التوترات القائمة، مما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على التماسك الاجتماعي.

خميس الغربي

ان العنف الذي يستهدف المساجد والأفراد التي تطلب اللجوء، و المجموعات الأخرى المهمشة، لا يولد من العدم. بل هو غالبًا نتيجة لسنوات من خطابات الكراهية والعنصرية. كما ان العبارات المعادية للمسلمين والمهاجرين، والتي غالبًا ما تتسم بالتعميم أو المبالغة، تنتهي بخلق مناخ من الشك والكراهية يتجسد في أعمال العنف. وعلى سبيل المثال، الحملة ضد اليهود في أوروبا التي سبقت الاضطرابات والمجازر التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية، مما يوضح كيف يمكن للكلمات أن تسبق وتبرر أفعال العنف.

والتاريخ يعلمنا أن أكثر النزاعات تدميرًا غالبًا ما تنشأ من خطابات تمييزية وانقسامات تصدر عن أفراد أو مجموعات تسعى لزعزعة استقرار المجتمع.

  • تكاثر السرديات التي تقلل من شأن الآخرين

كما ان وسائل التواصل الاجتماعي، على وجه الخصوص، مليئة بالمحتويات التي تفاقم هذه التوترات. ما ان تصاعد العنف والانقسامات الاجتماعية يجد تربة خصبة في السرديات التي تقلل من شأن الآخرين بناءً على دينهم، أو عرقهم، أو أصلهم. وعند انتقاد المتطرفين، يمكن أن نقع أحيانًا في فخ الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام؛ وعند التذرع بحرية التعبير، يمكن أن نطمس انتماءاتنا التاريخية؛ وعند الدعوة للديمقراطية، يمكن أن ندفع إلى الفتنة بين أفراد الشعب الواحد.

وكشعب، ات يزال يرفع الرأس بعد أكثر من عشر سنوات من الاضطرابات الخطيرة، يجب علينا أن نكون يقظين ومسؤولين في حديثنا. كما يجب أن يظل النقد ضمن نطاق الأفكار والآراء، دون أن يتحول إلى هجمات ضد المعتقدات أو الهويات أو الانتماءات الأساسية او الجذور التاريخية . فالاستقرار والتناغم الاجتماعي يعتمد على قدرتنا على الحفاظ على الروابط التي تجمعنا وتمكين الأشخاص من خلفيات سياسية مختلفة من التعايش بسلام على نفس الأرض.

كل كلمة لها القدرة على بناء أو زرع بذور النزاع. يجب أن نكون واعين لعواقب كلماتنا ونتأكد من أنها لا تتحول إلى أدوات للفتنة والنزاعات، بل إلى محفزات للفهم والاحترام المتبادل. وهذا يتطلب تعزيز المبادرات بين المجتمعات والحملات ضد المعلومات المضللة.

والسياسيون في بعض الدول الأوروبية، الذين يستغلون مشاعر الرفض والعنصرية للوصول إلى السلطة والفوز بالانتخابات، يلعبون بالنار. فهم يهددون بحرق أصابعهم عاجلاً أم آجلاً، كما يتضح من الهجوم على مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة في 6 يناير 2021، الذي نجم عن احتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ولا توجد دولة، حتى الأكثر حماية، في مأمن من مثل هذه الانزلاقات. لذا، من الضروري أن نكون مسؤولين عن كلماتنا وحذرين من تأثيرها، مع البقاء مخلصين لضميرنا ومسؤوليتنا الجماعية.

ولبناء مجتمع أكثر تسامحًا واحترامًا، من الضروري أن نتحمل مسؤوليتنا الفردية والجماعية في مجال الخطاب والكتابة. وهذا يتطلب تعليمًا متزايدًا حول التواصل في كنف الاحترام المتبادل والتزام وسائل الإعلام والشخصيات العامة بتهذيب الخطابات. ويجب علينا أن نعمل على بناء الجسور بدلاً من إقامة الجدران، لضمان التعايش السلمي والمتناغم بين البشر.

كاتب و مترجم,

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.