ألم كبير أصاب المقاومة الإسلامية عموما والمقاومة اللبنانية خصوصا بعد الإعلان الرسمي لحزب الله عن استشهاد القائد الكبير حسن نصر الله في عملية دقيقة وكبيرة عُرفت بأنها من العمليات النوعية التي أقدم عليها الكيان الصهيوني، وقد نجح الكيان المغتصب في تحويل وجهته الحربية إلى لبنان في وقت كان قد تعثر كثيرا في وحول غزة الشريفة، وأقدم على تكتيكات جديدة ونوعيّة أبهر بها مواطنوه بأنه قادر على الوصول إلى عمق الهدف وفي أي لحظة من الزمن، فاستشهاد السيد حسن نصر الله اليوم يمثل نكسة كبيرة للمقاومة الإسلامية في كل مكان من العالم، حيث إن إسرائيل بكامل عتادها وعُدّتها سخّرتها في سبيل الإعداد الجيد والمبهر لهذه العملية وغيرها بعد أن تهيأت لديها كل الظروف العالمية وقضت على كل صوت يعارضها بطريقة أو بأخرى. (بعد قاسم سليماني و حسن نصر الله هل يكون الدور على علي خامنئي؟).
فوزي بن يونس بن حديد
وما كان إسرائيل أن تنجح في هذه العملية الكبيرة لولا الدعم الكبير الذي تلقته ولا تزال تتلقاه من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما وبعض الدول العربية التي استسلمت للعدو الصهيوني ورأت أن خلاصها في مسايرته “نخشى أن تصيبنا دائرة”، وبعد أن كتمت أصوات المنظمات الدولية والهيئات العالمية ولم تعد تتحدث عن الجرائم الصهيونية بكل عفوية، وبعد أن هدأ العالم في الدفاع عن الحقوق
الفلسطينية، وبعد أن نجحت إسرائيل في تكوين شبكة عملاء قوية في لبنان أثبتت نجاعتها وقوتها، اختارت إسرائيل من اللبنانيين ما يخدم مصالحها بقوة ومقربين من حزب الله، وإلا كيف نفسر وصول اليد الصهيونية إلى رأس الحزب وهرمه في وقت وجيز من اغتيال قادة مهمين في الضاحية الشمالية لبيروت، فلا شك أن هناك اختراقا رهيبا أصاب جسد المقاومة خططت له إسرائيل بالتعاون مع عملائها الكبار في المنطقة للتخلص مما يسميه الكيان الصهيوني أذرع إيران.
المقاومة تعيش أسوأ أيامها
وباغتيال السيد حسن نصر الله، يبدو أن المقاومة تعيش أسوأ أيامها وهي تحاول جاهدة التقاط أنفاسها هذه المرة، وبوصول اليد الصهيونية إلى عمق المقاومة ندرك جيدا مدى توغل الخيانة العظمى في جسد الحزب في لبنان، واختراقها إلى أبعد الحدود وربما استطاع الكيان أن يصل إلى أبعد مدى بعد الاختراق الكبير الذي حدث في إيران أيضا، وهي التي تعاني من اغتيالات أكبر رجالاتها في الفترة الأخيرة أبرزهم على الإطلاق الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، ورئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية، وتوعدت إيران بالرد عليها جميعها إلا أنها كانت في كل مرة تتريث ولا تستعجل في الرد خوفا من أن يكون التهور سبيلا لإحراق المنطقة وإغراقها في أتون حرب طويلة المدى.
ومما شجع نتنياهو على جنونه وسعاره بعد الذي قلناه، هو أن شهيته في سفك الدماء قد اتسعت اليوم، وظن أنه فعلا قادر على إنشاء شرق أوسط جديد كما تعهد للعالم في أروقة الأمم المتحدة التي باتت وكرا للفساد ومكانا لرسم الجرائم الدولية دون حساب ولا عقاب، ولن يكتفي باغتيال السيد حسن نصر الله كما أنه لم يكتف باغتيال إسماعيل هنية، بل سيفتح هذا الباب على مصراعيه بعد الموافقة الأمريكية التامة على ما يفعله في غزة ولبنان وادعائها بأنها تريد السلام، ولكنها الخطة المعهودة المعروفة بالقضاء على كل أذرع إيران في الوقت المناسب والانتقال إلى الرأس الهرم في إيران، وكل الذين كانوا يظهرون في محور المقاومة هم جميعا على رأس القائمة، فنتنياهو يقتل وأمريكا والغرب والعرب يكافئونه، وبالتالي فإن كلًّا من عبد الملك الحوثي ومقربيه وفالح الفياض ومن معه
في العراق مهدّدون بالاغتيالات في عمق اليمن والعراق وإيران، ولعل نتنياهو يفكر جديا في الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير، فهو يرى أن
القضاء على المرشد الإيراني هو السبيل الوحيد للقضاء على المقاومة والثورة.
وما من شك أن إسرائيل وبعد هذه النجاحات الكبيرة في الوصول إلى القادة الكبار واغتيالهم والتخلص منهم سيُثقل المقاومة ومن ورائها إيران،
وسيبحث نتنياهو عن فريسة أكبر بعد أن تلذذت شهيته بقتل من يريد وهو ما سيعمل عليه أو بدأ العمل به فعلا خلال هذه الفترة والفترات اللاحقة، ولعل الدور القادم سيأتي على المرشد الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي، لأنه في نظر الصهاينة أكبر المحرّضين على إسرائيل في
الداخل والخارج، والسؤال الذي سيُطرح هنا هو أن المقاومة إذا ظلت على ردودها الباهتة على سلسلة الاغتيالات هل ستنتظر حتى تحصل
الكارثة أم أنها مثقلة اليوم بالخيانة العظمى التي حصلت واهتزت واخترق صفها فلم تعد قادرة على القيام من جديد؟
لكن الضربة الإيرانية الأخيرة قد أشفت غليل مليار مسلم توجعوا وتألموا كثيرا، وانتظروا ساعة الصفر التي أرادها المسلمون للنيل من نتنياهو وزبانيته الذين عربدوا وأفسدوا في الأرض، وقصمت الضربة ظهر نتنياهو وأركانه وقدمت نموذجا رائعا للردع الكبير الذي زلزل إسرائيل حتى إن صفارات الإنذار قد دوّت في جميع أرجائها، لكن هل يرتدع رئيس وزراء الكيان الصهيوني هذه المرة أو سيواصل عربدته من جديد؟
شارك رأيك