يبدو أن إسرائيل لم تقتنع بالضربة التي وجّهتها لإيران فجر يوم الجمعة الموافق 13 من يونيو 2025 أي قبل شهر بالضبط من الآن، ورغم حديثها عن الانتصار المزعوم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حربها الأخيرة، إلا أنها اعتقدت أن هذا الانتصار ظل منقوصًا ولم يكن كاملًا ولم يكن حسب رغبة إسرائيل، وبالتالي هي ترغب اليوم في توجيه ضربات أخرى تسعى من خلالها إلى تغيير النظام في إيران واغتيال آية الله خامنئي.
فوزي بن يونس بن حديد
بعد أن وصلت الكيان الصهيوني شحنات الأسلحة الجديدة من أمريكا ظلت تبحث عن مبرر لفعل ذلك، وقد ظهر من خلال تصريحها بأنها تأكدت من أن مخزون اليورانيوم في منشأة أصفهان قد نجا من الضربات الأولى وعليها أن تواصل المشوار لتوجيه ضربة أخرى أقوى وأشمل، وبالتالي كلما تأكدت إسرائيل من أن إيران تسعى لتخصيب اليورانيوم فهي جاهزة لضربها وضرب منشآتها.
ولعل زيارة نتنياهو الأخيرة للبيت الأبيض، وما صرح به الإعلام من أن الحديث بين ترامب ونتنياهو كان مركزا على غزة، هو خدعة جديدة من الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتوجيه ضربة ثانية مباغتة لإيران تغنم فيها إسرائيل وتسبق الحدث كما وقع في المرة الماضية.
إسرائيل عازمة على ضرب إيران
ومما يعزز هذا التصور أن الرئيس الأمريكي ترامب صرح بأنه لا يعارض خطط إسرائيل في ضرب إيران لكنه يفضل الحوار والدبلوماسية وهي لغة فقهها السياسيون الإيرانيون وفكّوا شفرتها من خلال ما حدث في شهر يونيو، حيث كان ترامب يصرح دائما بأنه يفضل الطرق الدبلوماسية في إدارة الصراع مع إيران لكنه كان يخفي نيته ضربها بالاتفاق مع الكيان الصهيوني.
ومن هنا يتبين أن إسرائيل عازمة على ضرب إيران مجدّدا، وأن نتنياهو لم يكمل مشروعه الرجعي الذي يتمثل في استئصال الحكم الإسلامي لإيران من جذوره، وسيعمد في خططه إلى اغتيال المرجعية الدينية في إيران من خلال الوصول إلى أعلى هرم في السلطة الدينية ويعتقد بأن ذلك هو السبيل الوحيد للقضاء على إيران من الداخل، كما يظهر جليا من خلال التصريحات الأخير لكليهما وأعني بهما ترامب ونتنياهو وبالتالي فإن الضربة الثانية على إيران حتمية وربما تكون أقوى وأطول من سابقتها بعد الحديث الخفي غير الظاهر الذي جرى بين الرجلين في البيت الأبيض بعيدا عن أنظار الإعلام ووفق سرية معينة لا تصل إلى أرباب السياسة في إيران.
هل استعدت إيران فعلا لاستيعاب الصدمة ؟
وقد علمت إيران مسبقا ومنذ وقف إطلاق النار الذي جرى بين الطرفين بضغط أمريكي، أن إسرائيل ستسعى إلى توجيه ضربات أخرى لإيران، وأن شهوة نتنياهو لم تنقضِ، وأن سُعاره يتأجج بين فترة وأخرى لإشباع رغبات المتطرفين في إسرائيل الذين أحسّوا أن هيبتهم قد اهتزت واهتز عرش إسرائيل الكبرى بعد أن دكّت الصواريخ الإيرانية قلب الكيان الصهيوني والمدن الإسرائيلية كلها في تحد صارخ للتعنت الصهيوني الذي ظل متواصلا نتيجة الدعم الأمريكي اللامحدود والدعم الغربي والعربي في بعض أركانه.
والسؤال هنا هل استعدت إيران فعلا لاستيعاب الصدمة من جديد بعد الضربة الأولى رغم علمها بأن الكيان الصهيوني لن يتوقف ولن يوقف النار إلا بعد تحقيق نشوته وشهوته لأنه قد خسر الكثير في الحرب الاثني عشر يومًا، وأن يدها على الزناد كما صرح أكثر من مسؤول إيراني في هذا الشأن، بل هدّدت الكيان الإسرائيلي على لسان مسؤوليها بأنه إذا أقدم الكيان الصهيوني على أي تهديد مباشر فإنه سيلقى ردًّا من القوات المسلحة الإيرانية، فهل تعلمت إيران الدرس من الحرب الفائتة وركزت على ما يجب التركيز عليه في المرحلة المقبلة حتى لا تجد إسرائيل ذرائع للدخول من جديد في حرب مع إيران؟.
ومع ذلك فإن إسرائيل اليوم تسعى إلى ضرب إيران حتى دون موافقة رسمية من أمريكا، لأن لها خياراتها الخاصة، ويبدو أن فترة الهدوء التي تلت الحرب لن تستمر طويلا حسب المعطيات والمؤشرات، وعلى إيران أن تستعد جيدا للجولة الثانية التي قد تبدأ في أي وقت بعد أن يستكمل نتنياهو الاستعدادات الموجبة لذلك، فقد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة.
شارك رأيك