الضربة الصهيونية الأخيرة لدولة قطر – و من خلالها لكل دول الخليج و الدول العربية و الإسلامية – و تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلي المتعلق بأنه سيضرب في كل مكان لتحقيق حلمما يسمى “إسرائيل الكبرى” قد جاءا ليذكرا الجميع في الشرق الأوسط بأن التخلي عن المقاومة و التفريط في السلاح إنما هما قراران انتحاريان. ولئن وصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية القصف الذي استهدف حيًا سكنيًا في العاصمة القطرية بأنه “واحدة من أكثر العمليات العسكرية جنونًا في تاريخ إسرائيل” فالواضح اليوم أن لا شيء يمنع الكيان الغاصب من القيام بعمليات أخرى ضد دول المنطقة.
أحمد الحباسي *

حين قال البعض أن قيام أغلب الدول العربية بخيانة القضية الفلسطينية و الهرولة للتطبيع مع الكيان الصهيوني و رفض تجريم التطبيع و محاكمة العملاء الذين ثبت انخراطهم و مساهمتهم و تنفيذهم للمؤامرات الصهيونية المتكررة لضرب الوجدان العربي المقاوم الرافض للتطبيع و بالذات ذلك الكاتب الكويتي الذي لم يخجل من التصريح كتابة أن إسرائيل لم تعد العدو، قلت حين قال البعض أن ذلك يمثل أول خطوة نحو بناء إسرائيل الكبرى التي تحدث عنها رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو منذ ساعات قهقه أغلب الحكام العرب و حاشيتهم من كتاب البلاط.
حين قال البعض أيضا أن قرار الجامعة العربية المنعقدة برئاسة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إثر الغزو العراقي للكويت سنة 1990 بالرضوخ للضغوط الأمريكية الصهيونية و إعطاء الغطاء المادي و اللوجيستي و السياسي قد شكل بلا شك ضربة الخنجر المسموم المميتة في صدر ما تبقى من أطلال ما يسمى بالتضامن العربي في كل عناوينه الكاذبة و أن ضرب العراق هو بداية النهاية لكل الأنظمة العربية دون استثناء… قلت حين قال البعض ذلك الكلام قهقه أغلب الحكام العرب و حاشيتهم من كتاب البلاط مرة أخرى استهزاء.
السؤال هو من التالي ؟
اليوم و بعدما ارتفع اللهب و الدخان بعد الضربة الصهيونية في قطر و ليس بعيدا عن قاعدة العيديد الأمريكية التي قيل أنها بوليصة التأمين التي احتمى بها النظام القطري من أطماع جيرانه الخليجيين قبل غيرهم، هذه الضربة الصاروخية و الجوية التي استهدفت قيادات حماس التي تنعم برفاهية العيش في الدوحة في وقت تشهد غزة أكبر مجزرة وحشية في التاريخ جعلت البعض يستفيقون ليطرحوا الأسئلة المتعاقبة و أولها لماذا قطر؟
أين الدفاعات الجوية الأردنية التي اعترضت الصواريخ الإيرانية المتجهة لضرب الكيان الصهيوني منذ أسابيع؟ لماذا سمحت أمريكا بضرب قطر و لم يراع رئيسها دونالد ترامب حتى تلك الهدية الثمينة جدا المتمثلة في طائرة من أعلى طراز التي تسلمها منن الأمير القطري في مسعى متكرر و مذل لنيل رضا الإدارة الأمريكية ؟
من التالي خاصة بعد الحديث عن ضرب أسطول الإغاثة الراسي في سيدي بوسعيد استعدادا للإبحار إلى غزة في مسعى متكرر لإدخال مساعدات طبية و غذائية إلى غزة ؟
من سيرفع صوته اليوم منددا بهذه الاستباحة الصهيونية الوقحة لكل الأراضي العربية دون استثناء بل من سيتجرأ من حكامنا العرب على تكرار تلك الخطب الركيكة المليئة بالشعارات الفضفاضة التي تحملتها الشعوب العربية مذعنة أكثر من ستين سنة حتى لا تساق للسجون إن طالبت بدلها بفتح الحدود و تجريم التطبيع؟
أين اختفى أمين الجامعة العربية ؟ و ما فائدة الدعوة لقمة عربية إسلامية بعد تصريح رئيس الحكومة الصهيونية منذ ساعات بأنه سيحقق حلم الصهاينة بإنشاء دولة إسرائيل الكبرى؟ هل ستقرر القمة الدخول في حرب لاستعادة الأراضي العربية المحتلة و هي التي عجزت طيلة أكثر من سنة على إدخال بعض المساعدات و الضغط لإيقاف المجزرة الصهيونية ضد الفلسطينيين؟ هل سيغير بيان التنديد المكرر ببيان يدعو إلى فتح سبل الجهاد و مقاطعة الإدارة الأمريكية و نقض الاتفاقيات الموقعة بين الأردن و مصر من جهة و بين الكيان الغاصب؟
ما جدوى خطب المساندة المنافقة التي سيتولى الحكام العرب تلاوتها من باب رفع العتب و كيف سيسمح أمير قطر بالحضور و هو الذي طالما تفاخر بعلاقته بالصهاينة و الأمريكان فهل سيجرأ على قطع العلاقات أو المطالبة بإغلاق القاعدة الأمريكية في الدوحة أو على الأقل بالحصول على بيان اعتذار علني؟
استعادة روح المقاومة
هناك في لبنان من تراقص فرحا حين صدر البيان الوزاري المطالب بنزع سلاح حزب الله و هناك من أقام الأفراح مثل تيار المستقبل و قائد القوات اللبنانية و بعض الذين ظنوا أن قوة الحزب قد انهارت بعد اغتيال السيد حسن نصر الله لكن الضربة الصهيونية للدوحة و تصريح رئيس الحكومة المتعلق بأن الكيان سيضرب في كل مكان لتحقيق الحلم الصهيوني الذي قامت عليه الفكرة الصهيونية بما يسمى إسرائيل الكبرى قد جاء ليذكر الجميع بأن التفريط في السلاح هو عمل انتحاري و أن نزع السلاح في ظل العربدة الصهيونية المتواصلة هو عمل خياني قذر و لذلك تراجع منسوب فرح هؤلاء الخونة و بات واضحا أن عودة حزب الله للعب دوره في حماية لبنان قد بات فرض عين و ليس فرض كفاية بحيث أنه على هؤلاء الخونة أن ينتظروا فرصا أخرى لن تأتى لضرب المقاومة التي ظهر أن حزب الله هو عنوانها الأكبر بمساندة حلفاء مثل الحليف اليمنى و العراقي.
اليوم هناك خيانة مزدوجة تستهدف الروح المقاومة تتمثل في هذه الأنظمة العربية الفاشلة و في هذا التيار الذي تقوده قنوات مثل الجزيرة و العربية و سكاى نيوز عربية و الجديد و غيرهم و رموز “إعلامية” خائنة و لكن القناعة رغم كل هذه الظروف السلبية أن شعلة المقاومة للكيان الصهيوني و أعوانه لن تنطفئ .
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك