هل تتخذ “قمّة الدوحة” قرارات حاسمة ضد إسرائيل بعد الاعتداء على قطر ؟

هل كانت الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الدوحة من أجل دعم دولة قطر التي تعرضت لاعتداء صهيوني يوم التاسع من سبتمبر الجاري، أم كانت زيارةً لتهدئة المسؤولين في قطر وعدم اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل حليف الإمارات والدولة الأولى التي قامت بالتطبيع مع إسرائيل في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى؟ (الصورة : القمة العربية الإسلامية في الرياض عام 2023 و كأنها لم تكن).

فوزي بن يونس بن حديد

الاعتداء جاء إثر ضربة جويّة قامت بها قوات الاحتلال الصهيوني على مجموعة من القادة من حركة حماس كانوا يتناقشون في المقترح الأمريكي لصياغة ردّ مناسب عليه والتعامل معه بجدية. وقد وصل الشيخ بن زايد للدوحة على رأس وفد رفيع المستوى مما صنع شكوكا كثيرة في جدوى هذ الزيارة السريعة والأولى من نوعها، ورغم أن أنور قرقاش مستشاره جلس إلى جانب المندوب الإسرائيلي عند إلقاء كلمته في مجلس الأمن إثر الجلسة التي خصصت للتنديد بالضربة الصهيونية إلا أن بيانه كان دعما واضحا لقطر وتنديدًا شديدًا بما فعلته إسرائيل.

إسرائيل تواصل تحدي المجتمع الدولي

ورغم الكلمات النارية التي ألقاها كلّ المندوبين العرب والمسلمين والمندوبين الغربيين ونددت بأشد العبارات ما حدث للدوحة ظُهر التاسع من سبتمبر الجاري إلا أن ذلك لم يلجم المندوب الصّهيوني عن التبجح بكلمات التحدي الواضح للجميع وعبّر بكلمات تحمل الغطرسة والعجرفة والكبرياء والطاغوت بأن إسرائيل ماضية في أعمالها الوقحة واللاإنسانية، وتعتبر نفسها فوق القانون الدولي والإنساني ولا تأبه لكلام ترامب الذي وعد القطريين بأن لا يتكرر ذلك الأمر مرة أخرى على أراضيهم، بينما قال المندوب الإسرائيلي أن أي دولة ليست بمنأى عن الضربات الإسرائيلية إن كانت قد آوت عناصر من حركة حماس، وجدّد التهديد الواضح والصريح لدولة قطر وأمرها بطرد قياديي حماس من أراضيها وإلا ستفعل هي ذلك مرة أخرى بالطريقة التي تراها مناسبة خاصة وأن العدوّ الصّهيوني قد تلقى دعمًا كبيرًا من الإسرائيليين أنفسهم إذ دلّت استطلاعات الرأي في إسرائيل أن الغالبية العظمى تؤيد مثل هذه الضربات.

المطبعون أيضا في مرمى المارد الصهيوني

بل إن المارد الصهيوني هدّد كل العرب والمسلمين الذين يؤوون قياديين من حركة حماس على أراضيهم بضرب بلدانهم دون هوادة، وكأنّ الأرض من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها ملكٌ لإسرائيل، تستبيحها متى تريد ودون أن تستشير أحدًا ما دامت أمريكا تمنح الضوء الأخضر لها للعربدة في المنطقة دون تحفّظات، وما دام هذا السلوك قائما فيعني أن الدول العربية والإسلامية كلها مهدّدة فعلا، وقد قال ذلك صراحة الوقحُ ايدي كوهين في تغريدة حينما هدّد تركيا بأن تكون الهدف التالي للضربات الإسرائيلية لأنها تؤوي قياديين من حركة حماس، وبقي العرب والمسلمون تحت هذا الوعيد والتهديد رغم إجراء الأمم المتحدة والتصويت على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية بتأييد ساحق بل اعتبر المسؤولون في إسرائيل بكل استخفاف أن ما جرى “سيرك سياسي” لا معنى له.

فالعرب والمسلمون اليوم أمام تحدٍّ كبير، بعد أن انتهكت إسرائيل حُرمات دولة قطر، وقبلها تونس واليمن وسوريا ولبنان، وفلسطين وغزة التي تشهد حربًا عالميّة لا هوادة فيها من قتل وتجويع وتدمير للإنسان والحيوان والنبات في مشهد يُضاهي مشاهد النازية والفاشية والهولوكوست، فإسرائيل ماضية في حربها ليس على غزة فقط بل على جميع الدول العربية والإسلامية لتحقيق حلمها التوراتي في هدم المسجد الأقصى وبناء دولة من النيل إلى الفرات، وهي تعمل على ذلك بكل سبل القوة والعنف الشديد متحدية كل الأعراف والقوانين الإلهية والإنسانية والدولية وحتى قانون الغاب الذي قد تعدّته بخطوات جريئة ومتغطرسة ومتعجرفة، فكيف سيؤدّب العرب والمسلمون إسرائيل في قمتهم المزمع إقامتها بالدوحة غدًا الاثنين لبحث هذه الانتهاكات.

وبعد أن وقع الفأس في الرأس كما يُقال، بدأ العرب يستشعرون خطر الكيان الصهيوني الذي تمرّد وتغوّل واستخفّ بالعرب الذين أطاعوه وقام بعضهم بالتطبيع معه وتسهيل الحركة التجارية له والتعامل معه اقتصاديا، ها هم اليوم محتارون ولا يدرون ما الذي يمكن فعله لصدّ هذه الأعمال الإجرامية في حق سيادة الدول.

على من الدور الآن ؟

ولطالما كتبنا وكَتب كثير من الكُتّاب العرب والمسلمين منذ بدء الحرب على غزة أن يضع العرب والمسلمون حدًّا لها قبل فوات الأوان، لكن الذي حصل أنه لم تُعقد أي قمة عربية أو إسلامية منذ ذلك الوقت واستمروا في صمتهم ولا مبالاتهم حتى وقعت الكارثة الكبرى، فهل يتحركون الآن بجدية في قمتهم القادمة في الدوحة غدا الإثنين 15 سبتمبر 2025 ويصنعون حلفًا عسكريًّا واحدًا يدافع عنهم ضد الكيان الصهيوني؟ أم أنهم سيكتفون بالتنديد والمطالبة وعبارات الدعم لقطر؟ أم أنهم يحاولون ذرّ الرماد في عيون الشعوب حتى تهدأ من وطأة الضربة القاصمة؟ وينتظرون التالي من سيكون؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.