ولو انه، بارادة شخصية، قد قرر منذ سنة 2019 هجر الأحزاب (مع عدم التوقف عن الاهتمام بالشأن السياسي)، الأستاذ المحامي صلاح البرقاوي عبر مساء اليوم عن رأيه بما يلي بخصوص ولادة مبادرة “التزام وطني” التي ضمت أحزابا و قوى سياسية و شخصيات وطنية:
“عن مبادرة “إلتزام وطني”…
لقد قررت منذ سنة 2019 الابتعاد عن كل عمل حزبي. ولا أدعي أن اختياري هو الصواب. هو اختيار شخصي لا أنتظر من أحد امتداحه أو اتباعه. وأنا دائما على هذا القرار. غير أن اهتمامي بالسياسة لم يتوقف، لإيماني بأن السياسة لا تتركك حتى وإن انت تركتها، فتأثيرها باق في كل ما يتعلق بحياتنا العامة والخاصة.
ومن منطلق الاهتمام بالسياسة أبدى هذه الملاحظات حول مبادرة “إلتزام وطني”.
1) وأول ما يتبادر إلى ذهني في شانها هو الرغبة في توجيه تحية احترام وتقدير إلى أصحابها. أولا لاقتناعي بأنه لا يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون. فالكثير منا يشكو من بؤس الوضع القائم ويتذمر ليلا نهارا، لكنه لا يبادر إلى عمل يجمع فيه حتى أصدقاءه بهدف تغيير ولو شيئا ضئيلا من الواقع. وثانيا على هذه الروح التي لا تزال قادرة على مقاومة الكسل والخنوع والفردانية.
ولا أجد بالتالي مبررا أو مصلحة لخطاب (عدا ما يروجه أنصار السلطة القائمة) التبخيس الذي تتعرض له المبادرة. فالاصل في الأمور أن نخجل نحن القاعدون من التفكير في انتقاد العاملين.
2) من ناحية ثانية، أريد أن ألاحظ أن مصير المبادرة مرهون بالتفاف أوسع الناس حولها. ويفترض أن نجاحها في جمعهم يمر حتما، في ظل ما تطرحه من مبادئ، عبر بوابة الانتخابات. فماذا يضيرنا ونحن القاعدون أن تقترح علينا مجموعة من التوانسة عرضا سياسيا بديلا عما تمارسه السلطة القائمة، مع بقاء حقنا في الاختيار محفوظا عندما يحين أوان الاختيار. ولنا أن نقبل أو ان نرفض.
فهل يستحق منا هؤلاء السحل رغم أنهم حاولوا فيما نحن خاملون.
3) أختم بالرد على من ينتقد المبادرة بسبب بعض الوجوه التي رافقت إطلاقها، وتركز النقد أساسا على سنهم وسوابقهم السياسية.
أولا، وسانطلق من نفسي، لا أرى أنه من حقي المطالبة بمنع أحد من النشاط السياسي إلا إذا كان لطلبي سند من القانون.
ثانيا، لا أرى أن السوابق السياسية لأحدهم أو أخطاءه لا تبرر منعه من المبادرة والاقتراح، لاسيما أنه قد لا يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن الكثير منها. ويبقى لك ولي حق عدم التصويت لها يوم الامتحان.
ثالثا، لم أقتنع يوما رغم خبرتي القصيرة بالعمل السياسي بالسن كمعيار للتمييز بين الفاعلين السياسيين. فالوطنية والأمانة والكفاءة والانتهازية والفساد والتفاهة مشاعة بين جميع الأجيال. ومن العيب أن يتخذ بعض الوقحين من الشعر الأبيض شتيمة.
محصلة القول أنني لا أنظر إلى مبادرة “إلتزام وطني” كفرصة متاحة للتموقع من جديد، فلا طموحات شخصية لي في هذا المجال. ولست ربا لأحكم على نوايا أصحابها. إن هو إلا جمع للبعض من التونسيين هدفه تغيير الوضع الذي بات في نظر الكثير منا نفقا مظلما لا نهاية قريبة له.
ومن هذا المنطلق، فإنني أشد على أيدي أصحابها حتى إن كنت غير مشارك لهم فيها”.
شارك رأيك