حسام الحامي يكتب عن قابس “مطالب مئات الآلاف في مهبّ الرياح!”

في ما يلي ما استنجه بكل أسف حسام الحامي المنسق العام لإتلاف صمود بعد يوم من تنفيذ أكبر مسيرة سلمية ضمّت أكثر من 120 ألف مشارك:

“ليك ربي يا قابس، ليك ربي يا تونس!

“بعد التحرك التاريخي المهيب يوم 21 أكتوبر 2025، حيث خرج أكثر من مئة ألف مواطنة ومواطن — بل ما يزيد عن 135 ألفًا حسب تقديرات أهالي الجهة، أي ما يعادل تقريبًا عدد سكان المدينة بنسائها ورجالها وأطفالها — في مسيرة سلمية حضارية للمطالبة بتفكيك الوحدات الملوِّثة التابعة للمجمّع الكيميائي، جاءت إجابة السلطة القائمة مخيّبة، مجانبة للسياق، خارج المنطق، وبعيدة عن عمق الأزمة.

لم يُقدّم رئيس الجمهورية أيّ تصوّر واضح للخروج من الأزمة، ولا رزنامة زمنية، ولا حتى معطيات موضوعية أو أرقام دقيقة تمكّن وزراءه من الخوض في نقاشات جديّة مع ممثّلي الأهالي، للوصول إلى اتفاق واقعي يُرضي المتظاهرين ويحمي صحتهم وسلامتهم ويجنّب الجهة مزيدًا من التوتر.

بدل ذلك، كانت الكلمات مشبعة بشعارات فضفاضة وأقصوصات من عصور غابرة، لا تُقدّم ولا تُؤخّر، لا تُصلح ولا تُصلِح. خطاب عام لا يُجيب عن الأسئلة الحقيقية، ولا يعترف بعمق الكارثة التي يعيشها الناس.

الأدهى من ذلك هو الإصرار على استحضار سرديّة “التآمر” في سياق بيئي وصحي لا يحتمل ذلك، ولا يحتاج إلى أعداء وهميين بقدر ما يحتاج إلى مسؤولين يتحمّلون مسؤولياتهم.

انتابني شعور غريب، مزيج من الحزن والذهول.
لم أصدق أن تحرّكًا شعبيًا بهذا الوعي والزخم، وبهذا الانضباط والسلمية، لم يُحرّك في الدولة سوى ردّة فعل باهتة، خالية من أي التزام حقيقي.

قابس لم تعد تنتظر الخُطب، بل تنتظر الأفعال.
قابس التي اختنقت، ودفنت أبناءها في صمت، لا تريد أكثر من حقّها في الحياة الكريمة وفي هواء نقيّ.

لقد قالت كلمتها في الشوارع بوضوح: “الشعب يريد تفكيك الوحدات.”

الكرة الآن في ملعب من يملك القرار”، نقلا عن الحساب الخاص لحسام الحامي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.