منير الشرفي ينشر تحليله بخصوص وقائع ثورة 17-14

كتب منير الشرفي رئيس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة النص التحليلي التالي حول ما وقع بين الثورة التي اندلعت في 17 ديسمبر 2010 الى 14 جانفي 2011 حين هروب الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الى السعودية بعد حكم دام 23 سنة:

“لنُحلل بهدوء وواقعيّة ما حدث بين ديسمبر 2010 وجانفي 2011 في تونس.
بداية حكم بن علي كانت إجمالا مقبولة. وقد اتّسمت السنوات الأولى من حكمه بالانفتاح على الرأي المخالف وضمنت إلى حدّ كبير الحريات السياسية والإعلامية. لكنه سرعان ما شرع في تنفيذ سياسة الانغلاق، ثم السماح للعائلة بالثراء غير الشرعي.
بعد حوالي عشرين سنة من حكمه، وتحديدا في جانفي 2008، جاءت أحداث المناجم التي دامت ستة أشهر واجهتها السلطة بكثير من التصلّب. تلتها انتخابات 2009 التي كانت بعيدة عن الشفافية والنزاهة. وهي انتخابات يُفترض دستوريا أن تكون للفترة الأخير لبن علي. غير أن حملة “المناشدة” في أوت 2010 والتي كان يُراد بها فتح المجال أمامه لعهدات رئاسية أخرى غير دستورية أفقدت التونسيين الأمل في رحيله قريبا. ممّا جعل الشارع التونسي في هيجان غير مُنظّم، إلى أن جاءت حادثة انتحار الشاب محمد البوعزيزي يوم 17 ديسمبر 2010. وهي حادثة مألوفة، مع الأسف، في العالم. ولقد شهدت تونس انتحارات عديدة جدا قبل البوعزيزي وبعده. غير أنه أتى في ظرف مُتشنّج منذ 2008، وخاصة إثر “المناشدة”. ممّا جعل الشارع التونسي يتحرّك شيئا فشيئا إلى أن جاءت المظاهرة العارمة في صفاقس في 12 جانفي 2011 بقيادة اتحاد الشغل. تلتها أخرى في العاصمة في 14 جانفي.
في ذلك اليوم، أراد بن علي إبعاد عائلته من ساحة الأحداث. فقام بمرافقتها إلى السعودية بنيّة العودة بعد سويْعات من وصوله. لكن قائد الطائرة تلقّى الأمر من تونس للعودة بدون بن علي. وهو أمر لا ندري بالتحديد إلى حد الآن من كان وراءه، ومن كان وراء من ورائه.
المهم، في تقديري الشخصي، هو أن بن على لم “يهرب” كما يُقال، وأن إبعاده من السلطة لم يكن بفعل الشارع وإنما بإرادة جهة تلقّت أوامر عليا.
وحتى إن فرضنا أن الأمر يتعلق ب”ثورة” (بدون قيادة)، فإنها وقعت يوم 14 جانفي 2011، وكانت لها عديد البدايات: جانفي 2008، أوت 2010، 17 ديسمبر 2010…”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.