نص الرسالة كما نشرها المخرج السينمائي ابراهيم لطيف بتاريخ الأحد 21 ديسمبر أي بعد أقل من 24 ساعة من حفل اختتام دورة 2025 لأيام قرطاج السينمائيّة التي تضاءل بريقها و أصبحت باهتة و كأنها تظاهرة ثقافية عابرة…:
” إلى فخامة رئيس الجمهورية
الموضوع: حماية صورة تونس الثقافية والإطار المؤسساتي لأيام قرطاج السينمائية – دورة 2025
فخامة
رئيس الجمهورية التونسية
تحية تقدير واحترام،
أتوجّه إلى فخامتكم بهذه الرسالة بصفتي مخرجًا تونسيًا، وعضوًا في إحدى لجان التحكيم خلال أيام قرطاج السينمائية 2025، وبصفتي مواطنًا حريصًا على المكانة التي تحتلها الثقافة في صورة تونس وإشعاعها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إن أيام قرطاج السينمائية، التي يزيد عمرها عن ستين عامًا، لا تمثل مجرد تظاهرة فنية، بل تُعدّ أحد أعمدة الدبلوماسية الثقافية التونسية، ورمزًا تاريخيًا للحوار بين السينمائيات العربية والإفريقية والعالمية، ودليلًا على استمرارية الدولة في دعم الفعل الثقافي.
وأودّ، في مستهل هذه الرسالة، أن أُثمّن عاليًا العمل الفني الذي قام به مدير المهرجان، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلها كامل فريق التنظيم، حيث تميّزت هذه الدورة، في مجملها، ببرمجة جادّة، وحسن استقبال للسينمائيين، وتواصل فعّال مع الجمهور، بما يليق بتاريخ هذا المهرجان ومكانته.
غير أنّ ما جرى خلال حفل الاختتام يستوجب، بكل احترام، وقفة تأمل وتوضيح على المستوى المؤسساتي.
فقد تعذّر على لجان التحكيم الرسمية، التي كنت أحد أعضائها، الصعود إلى المنصة وأداء دورها العلني في لحظة الإعلان عن النتائج، وذلك في سياق اتسم باتخاذ قرارات تنظيمية وبروتوكولية خارج الإطار المعتاد والمعتمد.
كما تمّ، في نفس المناسبة، تعديل برنامج حفل الاختتام، إلى جانب إحداث جائزة غير منصوص عليها في النظام الداخلي الرسمي للمهرجان، وهو ما وضع لجان التحكيم في وضعية لم تعد تسمح لها بتحمّل مسؤولياتها الفنية وفق القواعد المعمول بها.
وأمام هذا الوضع، ارتأت لجان التحكيم، بشكل جماعي وهادئ، الانسحاب الذاتي من مجريات الحفل. ولم يكن هذا القرار تعبيرًا عن خلاف شخصي أو رغبة في التصعيد، بل نابعًا من حرص على الانسجام المؤسساتي واحترام الدور المستقل الموكول إلى لجان التحكيم.
فخامة الرئيس،
إن هذه الوقائع، وإن بدت ظرفية، فقد خلّفت حالة من الاستغراب داخل الأوساط السينمائية، داخل تونس وخارجها. ذلك أن أيام قرطاج السينمائية تُتابَع عن كثب من قبل فنانين، ومهنيين، ومؤسسات ثقافية دولية، تعتبر وضوح القواعد، واستقلالية لجان التحكيم، واستقرار الإطار المؤسساتي عناصر أساسية لمصداقية أي مهرجان دولي.
وحين يبدو الإطار التنظيمي لمهرجان بهذا الحجم وكأنه محلّ إرباك، أو حين تُهمّش الهيئات الفنية في لحظة يفترض أن تكون فيها في صدارة المشهد، فإن صورة تونس كبلد يحترم الثقافة، والقانون، وحرية الإبداع قد تتأثر سلبًا.
ولا يهدف هذا التنبيه إلى تحميل المسؤولية لأشخاص بعينهم، بل إلى التأكيد، بكل احترام، على ضرورة الحفاظ على الفصل الواضح بين القرار الفني والسلطة الإدارية، باعتباره شرطًا أساسيًا لاستمرارية هذا المهرجان العريق وصون سمعته الدولية.
إن حماية أيام قرطاج السينمائية، واحترام نظامها الداخلي، وصون توازناتها المؤسساتية، ليست مسألة قطاعية، بل هي جزء لا يتجزأ من حماية صورة تونس ومكانتها الثقافية في العالم.
وتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول فائق عبارات الاحترام والتقدير”.
الإمضاء: إبراهيم لطيف
مخرج سينمائي



شارك رأيك