هكذا رأته و هكذا وجدته و هكذا روت الأستاذة المحامية آسيا الحاج سالم عن لقائها بالعياشي الهمامي في السجن و المضرب عن الطعام منذ يوم إيقافه في 2 ديسمبر 2025. و في ما يلي ما كتبته:
“قمت اليوم بزيارة اخي ورفيقي وزميلي عياشي الهمامي مناضل كل الاجيال والعقود من هذا الزمن المتعثر …
لم أكن أزور سجينا بالمعنى الذي يحاول هذا المكان ولا تلك الاجراءات فرضه، بل كنت أزور اخا ورجلا حرا في جوهره .. إنسانًا لم يعرف يوما طريق الانحناء ولا الانبطاح ، انسانًا يشهد له الجميع صدقه ونزاهته وحبه لتراب تونس ….
وجدته كما هو دائمًا، معنويات مرتفعة وابتسامة وقوة شخصية وإيمانا قويا جدا على نحو يوجع القلب .. وإرادة صلبة تكشف حجم المفارقة:
كيف يمكن للظلم أن يطال رجلا قضى عمره في خدمة العدل؟ عياشي ليس مجرد محام هو رجلا اختار أن يكون حيث الحق حيث القضايا العادلة المنهكة على كل المستويات ..
عياشي اختاران يكون صوت المظلومون الذين لا صوت لهم …
عياشي لم يدخل معركة إلا وكان منحازا للحق والحرية والاختلاف ولم يرفع صوته إلا دفاعا عن كرامة كل إنسان …
وجوده في السجن ليس أمرا عاديا ولا قابلا للتطبيع، بل جرح مفتوح في فكرة العدل نفسها، لأن السجن حين يضم أمثال عياشي لا يعود مكانا للعقاب بل شاهدا على اختلال الميزان، وما يوجع أكثر أن تراه قويا صلبا ضاحكا يبعث فيك الامل وهو في ذلك المكان رغم كل شيء، لأن هذه القوة ليست دليل رضا، بل دليل رجل يعرف أنه مطالب بأن يصمد حتى لا ينهار غيره …
اكتب هذه الكلمات وانا عاجزة عن فهم كيف يُكافأ هذا المسار النظيف بالقيد ،كيف لروح وضمير الحرية ان يكون هناك
عياشي الهمامي لا يستحق السجن، لا أخلاقيا لا إنسانيا، ولا وطنيا، لأن الأوطان التي تسجن رجال العدل تنهك نفسها…ولان العدل حين يوجل يتحول إلى وجع، وحين يغتال يخلف في القلوب حزنا لا يقال ولا يحكى ولا يمكن وصفه أبدا …
مهما ضاقت الجدران، سيبقى العياشي الهمامي أكبر من السجن، وما يستحقه هذا الرجل هو أن يصان ، أن يُحترم وأن يترك حرا كما عاش دائما …أما نحن فسنظل نحمل هذا الوجع ونكتبه، لأن الصمت أمام هذا القهر خيانة، ولأن الرجل الذي لم ينكسر في عمرٍ كامل من النضال، لن تكسره الجدران…



شارك رأيك