الصّومال : صدمةٌ أخرى تهزّ الكيان العربي في مواجهة إسرائيل

صدمة وراء صدمة ونكبة وراء نكبة يتلقّاها العرب والمسلمون من إسرائيل، الكيان اللقيط في المنطقة، في كل مرة يستغل الاحتلال الصهيوني ضعف العرب والمسلمين، والعمل على استفزازهم من خلال خطة استعمارية وتوسعية شملت الكثير من البلدان العربية أولها فلسطين الأبية وبعدها لبنان الجريح ثم سوريا التغيير، وكلها بلدان تتعرض يوميّا للاعتداءات الصهيونية المتكررة، وصولا إلى الإعلان عن قضم أرض الصومال.

فوزي بن يونس بن حديد

إسرائيل لم تهدأ منذ السابع من أكتوبر 2023 الذي زعزع هيبة الجيش الصهيوني وجعله كالكلب المسعور الذي يعضّ الجميع من غير ذنب ارتكبوه، ولم يفرق بين صغير وكبير ومسن وشاب ورجل وامرأة، ودولة وأخرى، فالكل في حساب إسرائيل مذنب في حقها وعليها أن تدافع عن نفسها بموجب حق منحته إياها الولايات المتحدة الأمريكية التي ظن رئيسها أنه رجل سلام، وأسّس مجلسه المزعوم وكوّن من حوله عصابة تخطّط للمأمول، والحال أن المخطّط كله مستقبل مشؤوم لا ينمّ عن نية أمريكا لإحلال السلام بل إنه الاستعمار، ولكن العرب والمسلمون لا يفقهون.

ضعف ومهانة العرب

أضحوكة أخرى تُسجّل في سجل العرب، وستضحك عليهم الأجيال من بعدهم، وتستغرب حينما يُروى لها هذه الحكايات، أن إسرائيل لم تكن لتفعل ذلك أو تُقدم لولا هذا الضعف وهذه المهانة وهذا الذلّ، ولم تقدم على الإعلان عن قضم أرض الصومال لولا الصمت العربي المُطبق والاستكانة والخوف والتردد والنأي بالنفس، وظنت بعض الدول أنها ستكون بمنأى عن القضم والاستغلال والاستعمار ولكن سترى يوما ما ترى، وستندم على كل خطوة اتحدت فيها مع إسرائيل، أما التي نددت فكانت على الأقل على درب أضعف الإيمان، فالمُنكر لا يتغير بالتنديد والمطالبة فحسب، وقد أثبت الزمان هذا الكلام، بل جعل إسرائيل تسخر منه، وفي كل خطة ترسمها، تترجمها إلى واقع ملموس، دون أن يحرك العرب والمسلمون جيوشهم نحو هذا الكيان اللقيط، بل إننا نرى اليوم توسّعا فاضحا ليس له حدود.

فمن لا يستفيق من الصدمة الأولى ويردّ الفعل لا يستفيق أبدا، وستظل الأحوال رديئة هكذا إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، ما دام العرب والمسلمون على السواء راضين بما يحصل للعالم من تحولات خطيرة تهز المنطقة برمتها نحو المجهول، وما دام العرب والمسلمون لم يتحركوا من أجل قضيتهم الأولى والرئيسة فلن يتحركوا حتى لو وجدوا الجيش الصهيوني أمام أبواب منازلهم، اختفت النخوة والشهامة والشجاعة وانطوت، وحلت محلها المسكنة والذلة، وهذا العلوّ الصهيوني لن يستمر على الأرجح طويلا، لأن التاريخ يشهد أنه سيندثر، وستظهر حركات مقاومة له سواء من الداخل أو الخارج.

وما دامت إسرائيل تعتقد بأنها قادرة على فعل أي شيء، بدأت تتنصّل من تعهداتها التي لم تتعهّد بها أصلا في السابق، فتحكي عن عدم خروجها من غزة للأبد، وعن عدم انتقالها إلى المرحلة الثالثة قبل نزع سلاح حماس، وعدم خروجها من جنوب لبنان، بل هددت باجتياحه وتحويله إلى غزة ثانية، والحال هو نفسه في سوريا، تتدخل إسرائيل بزعم الدفاع عن أهلها الدروز في السويداء، وتتدخل في الصومال وتعلن أنها تدافع عن ما أسمته أرض الصومال لتقتطع جزءا من الأراضي العربية وتزعم أنها تدافع عن نفسها، فهي تمارس سياسة ترامب الذي يتدخل في نيجيريا ويضربها، ويهدد فنزويلا بتغيير نظامها ويهدد العراق إن لم تسلم المليشيات التابعة له سلاحها للدولة، ويهدد لبنان وتضغط عليه حتى يسلم حزب الله سلاحه للدولة، ويهدد اليمن بطريقة غير مباشرة.

الشوكة في حلق الكيان المحتل

لكن الشوكة التي ستظل عالقة في حلق الكيان المحتل، وستحرجه وتجرحه فعلا، هي التي أعلنت أكثر من مرة أنها لن تسمح للكيان اللقيط بتجاوز حدوده، وما زيارة نتنياهو للولايات المتحدة الأمريكية إلا دليل على حرصه على منحه الضوء الأخضر لضرب إيران مرة أخرى، ولكن الضربة الثانية لن تكون على الأرجح مثل الأولى، بل ستستعى إسرائيل إلى الانتقام بقوة بعد أن تعرضت لهزيمة بشعة في الـ12 يوما الماضية، ولكن إيران أيضا استعدت جيدًا حسب تصريحات مسؤوليها لأي سيناريو، ووعدت العالم بأنها ستضرب هي الأخرى بيد من حديد، وستُسكت الكيان اللقيط إلى الأبد حتى يكفّ عن مهاتراته وتُكسر كبرياءه، إنها الحرب العاتية والقادمة بين إسرائيل وإيران، بل الحرب الشرسة التي إما أن تُزال على إثرها إسرائيل من الخارطة وإما أن تُهزم إيران وتُكسر شوكتها للأبد، وكل منهما يريد الانتقام وإنهاء هذا الملف، وسيبقى العرب والمسلمون كعادتهم يتفرجون وينددون ولا أعلم إلى متى سيبقون على هذا الحال؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.