توجه الدكتور صحبي بن فرج، النائب السابق مساء اليوم الأحد 29 ماي 2022 برسالة الى والي بنزرت على خلفية تنفيذ أول أمس، قرار هدم بناءات تم تشيبدها بدون رخصة على شاطئ كوكو بغار الملح. و في ما يلي نص ما كتبه الصحبي بن فرج:
” السيد والي بنزرت، لقد طبقتم القانون وقمتم بتنفيذ حكم قضائي وإداري يقضي بإزالة بناءات تم تشييدها بدون رخصة على ضفاف شاطئ كوكو بغار الملح.
طيب، القانون قانون، وفوق رؤوسنا جميعا، ومع ذلك اسمحوا لي بطرح بعض الملاحظات:
سيدي الوالي، أرجو منك وبكل لطف أن تراجع مصالح بلدية ومعتمدية غار الملح وولاية بنزرت وإدارة وكالة حماية الشريط الساحلي وتسأل: كم من مطلب تم إيداعه بهذه المصالح للحصول على رخصة استغلال هذا الشاطئ؟ كم من شاب ومستثمر تم رفض مطلبه ؟ و منذ عشر سنوات تقريبا؟ الجواب عشرات وعشرات وعشرات المطالب الجدية، وذات جدوى اقتصادية وتحافظ على البيئة وتقدم خدمات في مستوى مقبول وتبعث الحياة في منطقة ميتة طيلة عشرة أشهر
السؤال الأهم لماذا ترفضون هذه المطالب؟ هل المانع مبدئي؟ يعني هل يمنع تماما الترخيص لاستغلال جزئ من الملك العمومي البحري لأنشطة ترفيهية وخدماتية في كل سواحل تونس وعلى كل المواطنين في تونس ؟ بالتأكيد لا، يكفي أن تلقي نظرة على شواطئ الحمامات وسوسة وڨمرت والمهدية………. وستجد مئات النزل والمحلات الترفيهية ومراكز الالعاب وهي تتمتع بنفس المجال بعد أن تحصلت من أجهزة الدولة على نفس الرخص التي منعتها نفس الدولة على مواطني وشباب غار الملح. لماذا سيد الوالي ؟
شخصيا، وكغيري من مئات آلاف التونسيين، أزور مرات عديدة شواطئ كوكو و غار الملح، وأقضي الساعات الرائعة بين آلاف المصطافين الذين يتلقون خدمات مقبولة ونظيفة وفي متناول الشعب الكريم، ولاحظت كما لاحظ غيري حرص الشباب على الحفاظ على البيئة والشاطئ والبحر الذي يعيدهم الى النشاط والحياة بعد موت سريري وسبات شتوي بعشرة اشهر
إذا لماذا يا سيد الوالي…. لماذا؟
ألا يمكن اليوم، و بعد الهدم وتطبيق القانون النظر الى هؤلاء الشباب، وهذه المطالب وهذا المكان الساحر ب”مقاربة جديدة” ؟ أرجو ذلك
سيدي الوالي، وانتم في طريقكم الى غار الملح لتنفيذ القانون، هلاّ ترجّلتم قليلا وتوجهتم الى ميناء غار الملح لتسألوا بحارته: كم شكاية تقدمتم بها ضد مصانع تربية السمك المنتصبة في بحر غار الملح؟ وفي أفظل أماكن تكاثر السمك هناك ؟ وحاول أن تستفسر منهم كيف انخفضت كميات السمك منذ توسعت مزارع السمك في بحرهم وكيف إنحسر رزقهم وكيف صاروا يهاجرون بمراكبهم الى جنوب تونس لعلهم يجدون ما يقتاتون.
إسألهم لماذا انخفض مردود مراكبهم وشباكهم وما علاقة ذلك بمزارع السمك في البحر، ونوعية الاعلاف المستعملة، والمواقع المسندة اليهم (طبعا بمقتضى رخصة “قانونية” من الدولة)
هل ستنظرون الى شكاويهم وتعملون على.إنفاذ قوانين الدولة لحماية أرزاق هؤلاء البحارة؟ أتمنى ذلك
بعد ذلك سيد الوالي، وقبل أن تنزل على شاطئ كوكو لإنفاذ القانون، لاحظ كيف تتسلل التيارات الرملية القادمة من البحر الى تلك البحيرة الرائعة، وتغمرها تدريجيا وتمحيها أمام أعيننا وأعين الدولة وتمحي معها منظومة بيئية طبييعية استثنائية بكل المقاييس (بحر، شاطئ رملي، بحيرة، جبل وغابة..)
إسأل بالمناسبة فلاحي “القطايع” داخل البحيرة الذين يسقون مزارعهم من مياه البحيرة نفسها، إسألهم كيف يهدد الرمل الزاحف من البحر زراعتهم الفريدة من نوعها في العالم
ماذا فعلت لهم الدولة ؟ لاشيء ، بل ماذا يمكن أن تفعل الدولة ؟ بإمكانها فعل الكثير الكثير وتقريبا بدون أعباء و تكاليف كبيرة
أخيرا سيدي الوالي، في طريق العودة من شاطئ كوكو الى مركز الولاية ، لا تعودوا عبر البحر او البحيرة، وأنما واصلوا طريقكم عبر البر، الى مدينة عوسجة بعد أن تعبروا المصب القديم لوادي مجردة وتوقفوا قليلا هناك….. سترون كيف تحول مصب وادي مجردة القديم الى مصب لمياه ديوان التطهير الراكدة والآسنة التي تتسرب بكل حرية وانسيابية الى البحيرة العريقة و البحر الجميل و…. الملك العمومي البحري العتيد،
لا احد يمنعها سيد الوالي، ولا قانون يعاقبها ولا دولة هناك تحمي ملكها العمومي البحري والبري والجوي.
في جوار تلك المنطقة، يتعايش ألاف المواطنون وبكل احترام مع مليارات ومليارات الحشرات والبعوض والنموس…… في كنف دولة الحرية والكرامة الوطنية، وخاصة دولة القانون”.
شارك رأيك