من المشاكل الكبرى التي يعيشها القطر الليبي الشقيق و التي تحول دون ايجاد تسوية للصراعات المتفجرة بين مختلف الفصائل و المدن هي مسألة النفط وتهريبه و الصراع على حيازته.وقد دخلت اطراف و عصابات دولية على الخط لتسنزف النفط الليبي.وكان لبعض مافيات التهريب المقيمة في تونس دور في هذا وتورط بنك الزيتونة في فتح حساب بنكب لاحدى أكبر شركات التهريب .وفق ما اورده تحقيق لصحيفة المرصد الليبية نورد منه مقتطفات.
منذ أن اعلنت الشرطة المالية في ولاية كاتانيا الايطالية بإقليم صقلية عن تنفيذها عمليات اعتقال بحق ثلاثة أشخاص، وحبس منزلي لثلاثة آخرين لم تذكر جنسياتهم، بتهمة الانتماء إلى تنظيم إجرامي دولي ينشط في تهريب منتجات الوقود الليبي لتسويقه في الأسواق المحلية والأوروبية طفت هذه القضية و بقوة على سطح الاحداث فى إيطاليا .
وأكدت السلطات الأمنية المحلية في المدينة بأن الشبكة الإجرامية الدولية تعمل على تهريب وقود الديزل الليبي المسروق من مصفاة الزاوية التي تبعد 40 كم غرب طرابلس، بنقله عبر البحر إلى إقليم صقلية وعرضه على الأسواق الإيطالية والأوروبية وهو مادفعها بعد استيفاء التحقيقات الى مداهمة عناصرها .وكانت وسائل اعلام ايطالية قد نقلت عن محققين ان الشبكة تعمل على تهريب الوقود الليبي وتنشط في مالطا وإيطاليا واليونان و قبرص وأشارت أيضا إلى إعلان النائب العام في طرابلس إصداره مذكرات توقيف بحق موظفين محليين يعملون في مؤسسات نفطية في البلاد بتهمة الضلوع في عمليات تهريب منتجات الوقود الليبي.
عناصر الشبكة
المرصد بحثت بدورها فى القضية و فى الاسماء المعتقلة التي تحفظت السلطات الايطالية عن الكشف عنها بشكل رسمي لوسائل الاعلام المقربة منها او المحسوبة عليها ، وقد تبين بأنهم شخصين من مالطا وثلاثة ليبيين وأربعة إيطاليين .
وقد تبين أيضاً بأن أحد الايطاليين و يدعى ” نيكولا اورازيو روميو ” هو العقل المدبر لخطط الشحن من ليبيا الى وجهات الوصول والتوزيع و هو المرتبط بعائلة المافيا الشهيرة “سانتا باولا اركولانو ” التي تشير المعلومات من تمكنها عبر ” روميو ” من تهريب 80 مليون كيلوجرام من البنزين الليبي المهرب .
أما الايطالي الثاني فهو ” ماركو بورتو ” مدير عام شركة مسجلة في روما تسمى ” ماكسكوم بنكر ” العاملة فى مجال التخزين والشحن البحري والتي أصدرت بدورها بيان تلقت المرصد نسخة عنه يوم 18 اكتوبر الجاري تؤكد فيه إعتقال ” بورتو ” الا أنها نفت صلتها بأي أنشطة تهريب .
تشير المعلومات الى أن شركة ” ماكسكوم بانكر ” كانت قد استفادت من تواطؤ بعض موظفيها ومنهم ” روزانا لادوكا ” و” ستيفانو سيفاسكو ” و”أنطونيو بافو ” فى شراء نفط ليبي بسعر مخفض يصل الى 60٪ من السعر الاصلي وقد قادت التحقيقات الى ان الشركة قدمت مستندات مزورة عن ان مصدر هذا النفط هو السعودية ثم ورقتين مزورتين على ان مصدره شركتين تابعتين للمؤسسة الوطنية للنفط فى طرابلس .
وتؤكد تقارير أمنية صادرة عن جهات مالطية وايطالية بأن بورتو يرتبط بعلاقة متينة مع المعتقل لدى قوة الردع فى طرابلس ، فهمي موسى بن خليفة ، الملقب بـ ” ملك التهريب ” ، الفار من محكومية سجن قدرها 15 سنة بتهمة تهريب المخدرات .
اما المالطيان الاثنان دارين ديبونو و قوردون ديبونو الذان كانا يساعدان الايطالي روميو فى عمليات الشحن ويمتلكان شركة مسجلة فى مالطا باسم ” بترو بلس ” ويرتبطان بدورهما مع الموقوف الليبي الموقوف طارق دردر الذي يقوم بتسيير العمليات المالية لصالح بن خليفة ليكون بذلك حلقة وصل مهمة فى هذه الشبكة بالداخل والخارج .
خط التهريب
وفى المحصلة تقوم هذه الشبكة بشحن الوقود والنفط المهرب فى ناقلات صغيرة تبحر من مينائي زوارة وأبوكماش وتنطلق منهما الى ناقلة أكبر تكون مرابطة فى عرض البحر تنتظر السفن الصغيرة لشفط ما بحوزتها ثم الابحار نحو الشمال الى ايطاليا و مالطا حيث تتولى شركة ” ماكسكوم ” شراء الشحنة و اعادة تسويقها .
وكانت تقارير لجنة خبراء مجلس الامن الصادرة خلال السنوات الثلاث الماضية قد اشارت الى عمليات من هذا النوع تتم فى عرض البحر يتم خلالها شحن وبيع نفط خام او مشتقات نفطية لجهات غير معلومة فى ظل عدم تلقي اللجنة اي ردود من الحكومات الليبية المتعاقبة بما فيها حكومة الوفاق .
المصادر و حركة سير الأموال
تقول مصادر الحكومة الايطالية ان هذه الشبكة خضعت لرقابة و تخطيط عمره سنة كاملة حتى عملية الاطاحة بها التي أطلقت عليها اسم ” Dirty oil أي الوقود القذر ” وقد تبين بأن عمليات البيع و حركة سير الاموال تسير عبر الشركات المشار لها فى عملية تبدأ من الزاوية و زوارة وبوكماش وتنتهي فى محطات وقود اوروبية بعد أن يتم تغيير مصدر الوقود على إنه إيطالي منتج فى مصفاة ” شركة ” ماكسكوم الايطالية .
اما شركة الكمال المسجلة فى تونس باسم فهمي بن خليفة و شريكه طارق دردر تعد هي المحطة الاخيرة والنهائية للأموال التي يربحونها من هذه التجارة وقد تبين بأن لها مقر فى حي باب بحر وسط تونس العاصمة اما حسابها فهو فى مصرف الزيتونة أحد إستثمارات حركة النهضة الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين التونسية .
وفى التفاصيل بحسب ذات المصادر فتقدر قيمة آخر صفقات عملت عليها هذه الشبكة بـقيمة 50 مليون يورو حيث تتحرك الاموال بعد بيع الوقود والنفط المهرب بداية من شركة ” ماكسكوم بنكر ” ثم الى حسابات مالية فى مصرفي ” بانيف ” او ” ساتا بنك ” المالطيان وهي حسابات تعود لشركتي ” بترو بلس ” و ” أوشن بلو المحدودة ” المسجلة فى مالطا ايضاً ثم منها الى شركة الكمال فى تونس التي تعود الى الليبي طارق دردر دباب ومنها الى رفيقه فهمي بن خليفة .
شبكة معقدة من المهربين و مستنزفي المال العام الليبي والثروات الطبيعية والوطنية سقطت فجأة بين فاليتا وروما بعد سقوط رأسها فهمي بن خليفة فى طرابلس ولكن يبقى على عاتق السلطات الليبية كشف بقية الخيوط التي ستقود بكل تأكيد الى ماهو أعظم لا سيما وأن مصفاة الزاوية التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط حيث يختبئ ” ملك تهريب البشر العمّو ” تعد هي المنبع الرئيسي لهذا النزف الفادح وذلك بحسب ما أعلن المحققون الايطاليون بشكل رسمي.
شارك رأيك