الرئيسية » عمادة المحامين التونسيين : ابراهيم بودربالة و سياسة الإختباء وراء الإصبع

عمادة المحامين التونسيين : ابراهيم بودربالة و سياسة الإختباء وراء الإصبع

ابراهيم بودربالة لم ينجح كثيرا في إبعاد تهمة قربه الكبير من حركة النهضة و رئيسها راشد الغنوشي.

لا أحد ينكر وزن و دور و موقع عمادة المحامين التونسيين و لا يوجد من يشكك في نضالات السادة المحامين قبل و ما بعد الاستقلال، هذا جيّد، لكن و مع ذلك، هناك أسئلة تحتاج إلى أجوبة و هناك نقاط استفهام و تعــجب و هنـاك لغط و كلام و ماء كثير يجرى تحت هذه البناية. 

 بقلم أحمد الحباسى *

خذ مثلا السؤال الذي طرحه البعض و لا يزال يطرح حول “لون” السيد العميد إبراهيم بودربالة في علاقة بتلك الصورة الشهيرة  التي أسالت كثيرا من الحبر و التي جمعته لحظة إعلان فوزه بالعمادة مع رئيس ائتلاف الكرامة الأستاذ سيف الدين مخلوف. بالطبع من أراد التقاط تلك الصورة في تلك اللحظة بالذات كان يدرك أنها ليست صورة عادية للذكرى بل هي رسالة فوتوغرافية مشفرة لمن يهمه الأمر و بالذات لمن سوقوا لما يسمى باستقلالية العميد المنتخب.

مع ذلك و بعد ذلك لم تنفع كل تصريحات العميد الإعلامية لتزيل الانطباع السوء الحاصل لدى أغلبية المتابعين من كون العمادة و بالذات السيد العميد قد تلون بلون حزبي و انحاز كما انحاز كثيرون قبله من مختلف المهن إلى حركة النهضة و مشروعها المشبوه في التغلغل في كافة التجمعات و الكيانات المهنية.

تردد و تلعثم و محاولة لمسك العصا من الوسط

ما هو الدور الذي تلعبه عمادة المحامين برئاسة العميد الحالي؟ أين دور العمادة وماذا قدم الأستاذ إبراهيم بودربالة لهذا الموقع و للمحامين و لمشاكل هياكل المهنة و هل تجوز المقارنة مثلا بين دوره و الدور التاريخي الذي لعبه العميد المتخلى الأستاذ الفاضل محفوظ و الذي أهله للحصول على جائزة نوبل للسلام  في سابقة ستبقى خالدة في تاريخ المحاماة التونسية.

لعل ما يعيبه الكثيرون ممن يعرفون السيد العميد الحالي أنه لا يمتاز بمواقف حينية مهمة تستحق الذكر رغم ما اعترض المهنة من مواقف محرجة على أكثر من صعيد و بالذات في علاقة  بالجسم القضائي و بالسادة القضاة تحديدا مما دفع بعض الظرفاء إلى تشبيه دوره و حضوره بدور الجندرمة الإيطالية التي تصل متأخرة دائما.

زائد أن هناك من يتساءل اليوم عن موقف  السيد العميد من الحدث الزلزال الذي  لا يزال يؤرق الطبقة السياسية في تونس المتمثل في قرارات ليلة 25 جويلية الرئاسية و ما ترتب عنها من إرهاصات و ارتدادات داخلية و خارجية و لماذا كل  هذا التردد و التلعثم و محاولة مسك العصا من النصف.  ليبرز السؤال  القائل هل أن مواقف السيد العميد مرتبطة بمستقبله أو بمستقبل القطاع و هل أن هذا التردد الواضح يخفى وراءه شعورا بالحرج تجاه مصير شيخ حركة النهضة الذي دفع الأمور إلى حافة الهاوية و ترك الجميع في التسلل.

 هيمنة المحامين المنتمين لحركة النهضة على هياكل العمادة

لعل الأوضاع داخل هيكل المحاماة اليوم  تشير إلى أن هذا الجسم يميل إلى الوقوف سدّا في وجه ما سمته جهات داخل العمادة و داخل جسم المحامين بالانقلاب و بالذات كل القرارات الرئاسية التي تلت إعلان ليلة 25 جويلية و غنى عن البيان أن وقوف العمادة في ملف المحامين المنتمين إلى ائتلاف الكرامة في علاقة ببطاقات الجلب و الإحالة على المحكمة العسكرية ليس موقفا مبدئيا بقدر ما هو موقف متحيّز إلى جهة حزبية سياسية لم تعد خافية على أحد.

هذا التحيّز الفاضح  لجهة سياسية استهدفتها قرارات الرئيس بالتصريح و التلميح سببه هيمنة واضحة لجزء كبير من المحامين المنتمين لحركة النهضة على هياكل العمادة محليا و جهويا لكن من الواضح أيضا أن هناك من يدفع بالعميد إلى إعلان الولاء الصريح و أن اللحظة لا تحتمل سياسة الاختباء وراء الأصابع أو اتخاذ أنصاف المواقف و الحلول.

لا مجال إذن للسيد العميد بعد أن  قطع نصف المسافة أن يدخل الآن في بعض الحسابات الانتخابية الضيقة و لن يكون هناك متسع من الوقت للمناورات و لا للعبة الكواليس و إخفاء النوايا الحقيقية لأن الرئيس باتخاذه قرار  التغذي بالنهضة قبل أن تتعشى به قد وضع الجميع و بالذات السيد العميد أمام خيار صعب لا مفر من اتخاذه مهما كلف المهنة من ثمن.

لعل القاسم المشترك بين السيد العميد و بين الشيخ راشد الغنوشى هو الفشل، فشيخ الإخوان قد سعى رغم كل التحذيرات إلى جرّ حركته المتآمرة إلى معركة خاسرة انتهت إلى ما شاهدته كل وسائل الإعلام الداخلية و الخارجية من حرق مقرات الحركة و إهانة مرشدها أمام بوابة مجلس النواب في مشهد دراماتيكي سيبقى خالدا في تاريخ نضال هذا الشعب المنكوب بحكم الإخوان طيلة أكثر من عشر سنوات في حين فشل السيد العميد طيلة كامل هذه الفترة من ولايته في  تحقيق أي مكسب واضح للمهنة و لقطاع  يشارف فيه بعض المحامين على الإفلاس خاصة بعد جائحة كورونا،

و في حين ارتقى العميد المتخلى بالمهنة إلى  مرتبة و إشعاع منقطعي النظير لا يزال الأستاذ إبراهيم بودربالة يفكر على أي الساقين يرقص.

بالنهاية، تعيش المحاماة  أسوأ فتراتها و تتعقد أزمتها لغياب الحلول و يبقى السيد العميد أسير بعض الحسابات الخاطئة التي تضرّ بمستقبل المهنة و تقلّص من حظوظه الانتخابية القادمة و عله سيقف يوما بعد فوات الأوان على حقيقة موجعة مفادها أن المتغطي بالإخوان عريان، خاصة و أن محامو النهضة و أتباعها يعملون جاهدين اليوم على تصعيد الأستاذة سيدة العكريمي النهضاوية و زوجة القيادي النهضاوي نور الدين البحيري إلى سدة العمادة خلال الانتخابات القادمة.  

* كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.