الرئيسية » الصادق شعبان : “نحن مهاجرون لا أنصار “

الصادق شعبان : “نحن مهاجرون لا أنصار “

%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%82-%d8%b4%d8%b9%d8%a8%d8%a7%d9%86

بقلم الصادق شعبان *

كلنا في حركة مشروع تونس مهاجرون لا أنصار . هذه العبارة رددها لي الصديق محسن مرزوق لما التقينا اكثر من مرة و تحادثنا في التاسيس للحركة .

هاجر الندائيون النداء فتركوا الشْقَف كما يقولون و حملوا معهم المشروع . هُجًٌرنا نحن الدستوريون من حزبنا لما اعدموه و اخترنا حمل المشروع معنا إيضا مثلما حمله أصدقاء اخرون .

ليس هناك منا من هاجر و حده ، و ليس هناك منا من ناصر الاخر لاحقا . كلنا مهاجرون ، و كلنا أنصار لبعضنا البعض .

حملنا معا هذا المشروع ، و اسسنا له هذا الفضاء المشترك و كل هذه الهياكل ، بسرعة فائقة و على أساس الانتخاب .

لم نتغير ابدا لان المشروع الاصلاحي الدستوري بين أيدينا . لم نتنكر لأصولنا لان الأصل بين أيدينا . لا احد يفتك منا هذا الفكر . لا احد ينتزع منا هذا الأصل . لا احد يدعي احتكاره ، و لا احد يقدر على ذلك وحده .

كيف تقولون اننا تنكرنا لماضينا في حين اننا نحمل ماضينا معنا ؟

الشئ الوحيد الذي ابتعدنا عنه هي حروب الزعامات من كل جانب . وهي حروب يجب ان تكف من اجل تونس عاجلا ام اجلا .

هذا تعقيب على من يدعي اننا في حركة مشروع تونس التحقنا بركب سبقنا ، فالمركب صنعناه معا . و هذا رد على من يدعي اننا تغيرنا ، فالمشروع نحمله بين أيدينا و نحميه كما لا يحميه احد . و هذا رد على من يدعي ان ليس من حق حركة مشروع تونس التحدث باسم البورقيبية ! فالبورقيبية ملك مشاع للتونسيين جميعا ، و لا احدا يقدر على حملها وحده ، و ليس لأحد الحق في احتكارها .

و هذا رد على كلمات اخرى سوقية لا يستحق أصحابها منا الرد . فنحن اشرف و أسمى ، و ليس لهم ما لنا من علوم و لا ما لنا من خبرة .

مشروعنا اصلاحي عريق . ذلك المشروع الذي حلم به الإصلاحيون الاول ، منذ اكثر من قرن و نصف . من عهد الأمان ( 1857) ، مع ابن ابي ضياف و خير الدين التونسي و جماعة تحت الصور و الصادقيون و الخلدونيون و حركة الشباب التونسي .

مشروعنا اصلاحي عريق . حمله الدستوريون لأجيال متعاقبة منذ 1920 ، و كلهم دستوريون الى اليوم لا فضل لأحد على الاخر ، و لا دستورية لأحد اكثر من الاخر . الأصل الدستوري باق رغم تعاقب الأجيال ، و من الطبيعي مع تغير سياق التاريخ ان تتغير التسميات و ان تتعدل الأشكال التنظيمية و تتطور منهجيات النضال .
مشروعنا اصلاحي عريق . حمله نقابيون وطنيون منذ 1924 ، و حمله أعراف و صناعيون منذ الثلاثينيات ، و حمله نشطاء في الحركات الشبابية و النسائية و الكشفية و غيرها .

مشروعنا اصلاحي عريق . شارك فيه مع الدستوريين زيتونيون و قوميون و يساريون ، شعارهم ” الوطن اولا “. توحدوا عندما اقتضى الامر التوحد . فما اجمل ذلك الشعار الذي رفعته الحركة العمالية منذ العشرينات : حق الوطن قبل حق العامل !

المشروع الاصلاحي ليس ملكا لتنظيم واحد . كان هكذا و سيبقى هكذا . المشروع الاصلاحي أوسع من ان يملكه احد . و في هذا نفع كبير لتونس .

نحن في مشروع تونس ، نؤمن بالمشروع الاصلاحي و نعتقد اننا مهيؤون لتنفيذه . نعتبر أنفسنا امتدادا لهذه الحركة الوطنية الكبرى ، و حاملين لأحلام الإصلاحيين الاول .

نفذ الجزء الأكبر من المشروع الاصلاحي : نشرنا التعليم ، حررنا المرأة ، اجتهدنا في تفسير الاسلام الذي في تصور الإصلاحيين منذ القديم لا يمكن ان يكون منتقصا لكرامة المرأة و لا معرقلا لحداثة المجتمع ، ازلنا الكثير من بؤرالفقر و وسعنا من الطبقة الوسطى ، و حققنا أرقاما اقتصادية و اجتماعية رائدة .

لكن جزءا من المشروع الاصلاحي لم يكتمل بعد . و دورنا هو إكماله ، حتى يتحقق الحلم الكامل . ما تبقى هو التاسيس لدولة قوية يحكمها القانون و تعمل بروح المؤسسات بعيدا عن الشخصنة ، و تقوم على التوازن بين النظام و بين الحرية .

نحن إصلاحيون جدد ، هدفنا تنفيذ المشروع الاصلاحي الأصيل كاملا ، بكل فروعه الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية . فالتجربة بينت ان النمو مهما تعاظم لا يستديم بدون الحرية و بدون النظام القائم على القانون .

لقد اصدر مؤتمر الحركة في 2016 توجهاته الكبرى . انها تتلخص في نقاط قليلة هذه أهمها :
– تونس أمة لها تاريخها و لها أمجادها و لها خصوصيتها التي يجب ان ترعاها ، و رؤيتها الكبرى هي مسايرة الامم التي سبقتنا في التقدم و اللحاق بها في كل مؤشرات التقدم الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية دون استثناء ،
– تونس تحتاج الى دولة قوية و عادلة ، دولة مدنية جمهورية تفصل الدين عن السياسة ، و تعمل بنظام دستوري ناجع ، يوفق بين قيم الحرية و بين ضروريات النظام ، و يحمي المواطن في بيته و خارج بيته ، داخل تونس و خارجها ،
– تونس تحتاج الى مشهد سياسي مبسط ، يمكّن المواطن من اختيار ممثليه و من مساءلتهم ، و الى نظام انتخابي يعكس التعددية في البرلمان و في المجالس الاخرى المنتخبة دون شك لكن في نفس الوقت يفرز أغلبيات مستقرة قادرة على الحكم و تحمل المسؤوليات ،
– تونس تحتاج الى مصالحة وطنية شاملة ، و الى وفاق وطني واسع حول كبريات القضايا ، حتي تستقر السياسات مهما تعاقبت الأغلبيات ، و يزداد الاطمئنان لدى الناس عموما و لدى المستثمرين بالخصوص ، و تتعزز الجابية الاقتصادية لتونس ، و نتمكن من خلق الثروة التي بدونها لا يمكن ان يكون هناك نمو و لا ان يكون هناك توزيع ،
– تونس تحتاج الى حماية المؤسسة ، و تكريم رجال الاعمال و العمال على السواء ، و تحسين مناخ الاعمال حتى يكون تنافسيا فعلا ، منتشرا في كل الجهات ، فتزداد فرص الشغل و تتحسن الاجور و تعود الطبقة الوسطى من جديد ، و يتقلص الاقتصاد الموازي و يتوارى التهرب و التهريب ،
– تونس تحتاج الى بيئة سليمة يطيب فيها العيش ، و الى جمالية في كل مدنها و في كل أريافها ، و الى تنمية مستدامة لا تهدر الموارد الطبيعية بل توظفها أفضل توظيف ،

الحركة الان تعد لبرنامج مفصل و مرقم .

الحركة تمشي الى امام ، و لا تنظر الى الخلف .

الحركة تنظر الى نقطة الوصول ، لا يهمها ما يأتي من صفير من هنا و هناك .

لا نعادي احدا ابدا . الكل له الحق في تونس ، و الكل قادر على الإضافة و التجديد .

………………………………………………………………………………………………………..

*الصادق شعبان، وزير سابق في عهد بن علي وقيادي سابق في التجمع الدستوري الديمقراطي التحق أخيرا بحركة مشروع تونس .

………………………………………………………………………………………………………….

**نشر النص كتدوينة على حساب الصادق شعبان في الفايسبوك بتاريخ 1 نوفمبر 2016

…………………………………………………………………………………………………………………….

*** المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.