الرئيسية » الاستثمار الخارجي : بداية الغيث قطر…

الاستثمار الخارجي : بداية الغيث قطر…

%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1

“بداية الغيث قطر ثم ينهمر”، هكذا يقول المثل عندنا. و ما جرنا إلى استحضاره هو ما سجلته تونس من خطوات أولى على  درب الانتعاشة الاقتصادية المأمولة من خلال المؤتمر الدولي للاستثمار الذي تدور فعالياته اليوم وغدا بتونس العاصمة.

فتونس التي قال عنها أحد المسؤولين الفرنسيين بأنها ستكون، بهذه المناسبة، حاضنة لثلث العالم و أنها تتهيأ لأن تكون أهم منصة اقتصادية في افريقيا و في الفضاء المتوسطي حسب قول الأمين العام للهيئة المتوسطية للمنظمة الدولية الثقافية و الاقتصادية بالصين (طريق الحرير) الذي حل ببلادنا على رأس وفد هام للمشاركة في فعاليات هذا الملتقى الذي يوصف بالاستثنائي من حيث المواضيع المطروحة للدرس و من حيث نوعية المشاركين الذين توافدوا على البلاد بأعداد فاقت كل التقديرات.

بداية الغيث الذي نتحدث عنه بدأت بوضع الحجر الأساسي من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد لمشروع القطب المالي برواد من ولاية أريانة ( شمال العاصمة تونس) يومين قبل انطلاق المؤتمر الدولي للاستثمار الذي يهدف الى دعم التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المستدامة بالبلاد، وهو مشروع يمسح 523 هك و قدرت كلفته ب 5 ،6 مليار دينار(3 ملياردولار) بتمويل من بنك الاستثمار البحريني . ثم تأتي الاتفاقية التي تم إمضاؤها بالأمس بين البنك الاوروبي للاستثمار و شركة اتصالات تونس والتي تقضي بإقراض هذه الأخيرة مبلغ 100 مليون أورو (ما يناهز 250 مليون دينار) يساعدها على دعم شبكتها و مزيد تطوير خدماتها.

وهذا التوجه الأوروبي و الاستعداد الى الوقوف الى جانب توتس في هذا الظرف العصيب ازداد تأكيدا من خلال اللقاء الذي جمع صباح أمس رئيس الحكومة بوفد هذه المؤسسة المالية الأوروبية يتقدمه رئيسها الذي أشار الى الاتفاقيات التي سيتم امضاؤها اليوم لتمويل عدة مشاريع بقيمة 400 مليون أورو( ما يعادل 1 مليار دينار) مؤكدا في هذا السياق ان” توتس دولة مشجعة على الاستثمار بما تعيشه من تجربة ديمقراطية واعدة و متميزة في منطقة جنوب المتوسط بما يجعلها قادرة على التغلب على الصعوبات التي تواجهها”.ويبقى البنك الأوروبي للاستثمار “واعيا بهذه التحديات و ملتزما بدعم هذه التجربة المثيرة للاهتمام” على حد تعبيره من خلال دعم الاستثمار الخارجي في البلاد .

مثل هذه المؤشرات حرية بأن تفتح باب الأمل واسعا بما يمكن البلاد من تخطي الصعاب و التخلص من الازمة الاقتصادية و الاجتماعية التي ظلت تتخيط فيها منذ مطلع 2011 بحيث أضحت تبحث عن إعادة تموقعها في فضائها المتوسطي الذي تعزز منذ منتصف تسعينات القرن الماضي إثر إمضائها لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. كما يمكنها من استعادة رصيد الثقة الذي اكتسبته لدى الأشقاء و الأصدقاء و مختلف الشركاء بما يدفعهم الى الاقبال على الاستثمار في هذه الرقعة من المتوسط ذات البعد الاستراتيجي الكبير و التي تتميز بمواردها البشرية ذات الكفاءات العالية في العديد من الاختصاصات و الميادين.

وسيكون الامر كذلك حافزا لمن سبق لهم ان عاشوا التجربة و استثمروا في تونس سابقا و غادروها لأسباب أمنية ومرتبطة بتأزم الأوضاع الاجتماعية أن يعودوا إليها لتحتضنهم من جديد بعد أن سجلت تحسنا ملحوظا في أوضاعها الأمنية. وحتى التجاذبات الاجتماعية التي ما تزال قائمة لا محالة فإن أمرها سيؤول حتما إلى الانفراج نظرا لما عرفت به الأطراف الاجتماعية في تونس من قدرة على تنسيب الأمور و على التعقل وتغليب المصلحة العليا للوطن ديدنهم في ذلك نهج الحوار الصريح و البناء الذي أصبح ميزة تونس وميزة منظماتها و المجتمع المدني فيها بما مكنها في ماض ليس بالبعيد من تخطي الازمات السياسية الخانقة و بوأ منظماتها لنيل جائزة نوبل للسلام.

و لعل ما يزيد في تشجيع الأجانب على التوجه نحو تونس هو تلك المبادرة التي أقدم عليها رجال الأعمال في تونس بالتزامهم امام رئيس الجمهورية برصد استثمارات بقيمة 1،5 مليار دينار كفيلة بان توفر 50 الف موطن شغل في 14 جهة داخلية من جهات البلاد. فتلك رسالة عميقة الأبعاد يوجهها من خبروا دنيا الأعمال و الاستثمار باختلاف تعقيداتها ليقولوا لمن يريد ان يسمع بانهم ركبوا قطار التنمية الجديد الذي سيفتح عرباته للاشقاء و الأصدقاء حتى يأخذوا مكانهم فيه و يساهموا بقسطهم في بلوغ الهدف المنشود.

   وجدي مساعد

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.