الرئيسية » منظمة المادة 19 تنتقد مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة

منظمة المادة 19 تنتقد مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة

قالت منظمة “المادة 19″إن مشروع قانون “القضاء على العنف ضد المرأة” في تونس، المعروض حاليا على لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب للمناقشة، تضمّن أحكاما قد تُستخدَم للتضييق على حرية التعبير بطريقة شاملة.

و دعت  منظمة المادة 19 السلطات إلى إجراء مراجعة جزئية لمشروع القانون ليصبح متلائما مع التزامات الجمهوريّة التّونسيّة بمقتضى القانون الدّولي فيما يتعلّق بالحقّ في حريّة التّعبير.

و في هذا السياق أفادت  سلوى غزواني، مديرة مكتب المنظمة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “بقدر ما تثمّن منظمتنا جهود الدولة التونسية في السعي إلى القضاء على العنف ضد المرأة، نعرب عن بالغ قلقنا تجاه أحكام جاءت في مشروع القانون لتجرّم التعبير بطريقة شاملة، وندعو البرلمان إلى مراجعتها قبل المصادقة عليه”

 

ولاحظت سلوى غزواني “لقد تضمّن مشروع القانون مصطلحات ضبابية ومُبْهَمَة، تحتمل قراءة وتأويلات متعددة، وتترك سلطة تقديرية كبيرة أو مطلقة للمسؤولين عن إنفاذ القوانين والذين قد يسيؤون استعماله أو يتعسّفون في تطبيقه لتقييد حرية التعبير”.

ولفتت المنظمة فيفي بلاغ لها  إلى صياغة الفصل 3 من مشروع القانون والذي عرّف “العنف المعنوي” ضد المرأة بأنه “كل اعتداء لفظي كالقذف والشتم أو (..) التجاهل (..) وغيرها من الأفعال أو الأقوال التي تنال من الكرامة الإنسانية للمرأة، أو ترمي إلى إخافتها أو التحكم فيها”، من دون أن يحدد بدقة هذه “الأفعال” و”الأقوال”.

و أضافت أنه يمكن  حسب الصّياغة الحاليّة لهذا الفصل تأويل أيّ تصريح أو خطاب على أنّه قد تسبّب في اعتداء “لفظي” على المرأة، أو اعتباره محاولة “للتحكّم” فيها أو “إخافتها”.

و دعت إلى تحديد دقيق ومضيّق لعتبة ما يشكّل، عمليّا، عنفا ضد المرأة مفيدة انه يجب أن ينصّ القانون على توجيهات كافية للمكلّفين بتنفيذه لتمكينهم من التحقّق من أنواع التّعبير التي تخضع للتّقييد وتلك التي لا تخضع له”، أضافت سلوى غزواني.

و اعتبرت  المادة 19 أنّ استخدام مشروع القانون مصطلحات فضفاضة وغامضة مثل “الأفعال أو الإشارات أو الأقوال” التي “من شأنها” أن “تنال من كرامة الغير أو تخدش حياءه”، يجعل تّعريف التحرش الجنسي، وخاصة اللفظي، محتويا على العديد من المفاهيم المطلقة التي لا يمكن اعتبارها قانونيّة، ممّا يفتح الباب أمام تفاسير متعدّدة وتعسّفات محتملة عند تطبيق القانون.

وِفق الفصل 16 من مشروع القانون “يعاقب بالسجن مدة عام كل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي، بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تنال من كرامتها أو اعتبارها أو تخدش حياءها”.

تعتبر المنظمة أن هذا الفصل عرّف المضايقة بطريقة فضفاضة وغير واضحة. وما لم يتمّ تعريف المصطلحات الضبابيّة مثل “كل من” أو “النّيل من الكرامة” أو “خدش الحياء”، سيكون هذا الفصل صعب التطبيق أو قد يفتح الباب أمام تعسف في التطبيق.

و تقترح المادة 19 تحديد التّعاريف المدرجة في مشروع القانون بطريقة دقيقة أكثر، لتجنّب إساءة استعمالها، وذلك خاصّة اعتبارا للعقوبة السجنيّة لمدّة سنة التي يمليها الفصل 16.

و يقول الفصل 11 من مشروع القانون “تتولى وسائل الإعلام العمومية والخاصة التوعية بمخاطر العنف ضد المرأة وأساليب مناهضته والوقاية منه. ويمنع الإشهار وبث المواد الإعلامية التي تحتوي على صور نمطية أو مشاهد أو أقوال أو أفعال مسيئة لصورة المرأة أو المكرّسة للعنف المسلط عليها أو المقلّلة من خطورته، وذلك بكل الوسائل والوسائط الإعلامية”.

أولا، ليس واضحا كيف سيتمّ تطبيق كلّ من الإلزام والمنع الواردين في هذا الفصل. كما يطرح منع الإشهار أو بثّ المواد الإعلاميّة المحتوية على “صور نمطيّة” أو “أقوال أو أفعال” “مسيئة لصورة المرأة” أو “المكرّسة” للعنف ضدّ المرأة، إشكالا يتعلق بالتعريف الفضفاض لمفهوم “العنف ضدّ المرأة”.

ثانيا، لم يتمّ تعريف أيّ من العناصر الهامّة في هذا الفصل ممّا يفتح الباب أمام العديد من التّفسيرات لما يشكّل مثلا “صورة نمطيّة” وما هي الأفعال التي تدخل في الأصناف الذاتيّة “لتكريس” العنف ضدّ المرأة أو الأقوال والأفعال “المسيئة” “لصورة المرأة”.

وترى منظّمة المادّة 19 أنّه من الضّروري إعادة صياغة أحكام هذا الفصل لتدقيق محتواه. كما يتعيّن توضيح التّبعات القانونيّة في حالة عدم احترامه.

وتذكر المنظمة أن الحقّ في حريّة التّعبير ليس حقّا مطلقا، ويمكن وفق المعايير الدّوليّة أن تفرض عليه قيود لكن شريطة أن تكون تلك القيود محدّدة بنصّ قانوني يصاغ بدقّة كافية لكي يتسنّى للفرد ضبط سلوكه وفقا له.
وبحسب العهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، لا يمكن فرض مثل هذه القيود إلا بدافع ”احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”. كما يجب أن تكون القيود المفروضة “ضروريّة ومتناسبة”.

و يشار أن  مشروع القانون الذي أعدته وزارة المرأة والأسرة والطفولة وصادق عليه مجلس الوزراء منذ جويلية 2016، فرض عقوبة السجن مدة عاميْن اثنين على مرتكب التحرش الجنسي “اللفظي”، وعقوبة السجن مدة عام واحد على كل من “يضايق” لفظيّا امرأة بمكان عام.

 

و.ق

 

 

 

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.