الرئيسية » بسبب مرض بوتفليقة : قايد السبسي يلغي زيارة رسمية كانت مبرمجة إلى الجزائر

بسبب مرض بوتفليقة : قايد السبسي يلغي زيارة رسمية كانت مبرمجة إلى الجزائر

 

من الجزائر : عمار قردود

كشف مصدر ديبلوماسي جزائري موثوق لـــ”أنباء تونس” أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ألغى زيارة رسمية له كانت مقررة إلى الجزائر بطلب من السلطات الجزائرية بسبب الوضع الصحي المتدهور للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة التي بات يتعرض بشكل مفاجئ لنوبات حادة تفضي إلى فقدانه للوعي.
و كان الرئيس التونسي يرغب في زيارة الجزائر لجبر الخواطر و تصفية الأجواء مع المسؤولين الجزائريين الذين يعتبون على المسؤولين التونسيين قبولهم إقامة قواعد عسكرية أجنبية بتونس،و هو الأمر الذي تسبب في وقوع أزمة دبلوماسيّة صامتة بين الجزائر و تونس، منذ الإعلان عن وجود قاعدة عسكرية أمريكية في تونس و هو ما ترفضه الجزائر جُملة وتفصيلًا.

و هي الأزمة التي أخذت تتعمّق شيئًا فشيئًا بين كبار مسؤولي البلدين الجارين عقب إعلان الإدارة الأمريكية استكمال إجراءات منح تونس وضع حليف رئيسي خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو” لتصبح بذلك الحليف السادس عشر الرئيسي للولايات المتحدة سنة 2015.

هذا التحالف الرسمي شكّل مصدر قلق للجزائر التي تعتبر دائمًا أن قرب القوى الاجنبية يشكل تهديدًا غير مباشر على استقلاليتها و يهدد ايضًا بالتدخل في استراتيجياتها الامنية و هو احتمال يبدو واردًا , حسب خبراء, في ظل تشاركها مع تونس في مكافحة الارهاب الديني المتطرف و مع دعم الولايات المتحدة لتونس في حربها ضد الارهاب لوجستيًا و استراتيجيًا.

و أشار ذات المصدر إلى أن الجزائر تتابع بإهتمام كبير و بالغ المعلومات التي تشير إلى إحتمال وجود قاعدة عسكرية أمريكية بتونس بالقرب من الحدود الجزائرية،بعد حادثة الإعتداء الجنسي التي كشفت عنها صحيفة أمريكية رسمية صادرة عن القوات الجوية العسكرية الأمريكية ،مؤخرًا،و التي راحت ضحية لها قائدة طائرة تونسية من طرف طيار أمريكي في قاعدة “سيدي أحمد” ببنزرت التونسية،و أنها شرعت في إتصالاتها المكوكية مع المسؤولين السياسيين و العسكريين التونسيين للإستفسار حول حقيقة الوجود العسكري الأمريكي في تونس.

و سبق و أن أبلغ وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة في سنة 2015 الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رسالة مهمة من القيادة الجزائرية تتعلق بالطلب الذي تقدمت به أمريكا لتونس عندما طلبت من تونس كما من باقي دول شمال افريقيا وبشكل مباشر قبول إقامة قاعدة عسكرية بحجة المساعدة في مكافحة الإرهاب.

و قال مصدرنا إن” لعمامرة أبلغ رسالة شديدة اللهجة للقيادة التونسية بخصوص رغبة أمريكا في إقامة قاعدة عسكرية في شمال افريقيا وبالضبط في تونس”، وقال لعمامرة،أنه “يتعين على تونس أن تختار بين القاعدة العسكرية الأمريكية أو العلاقات مع الجزائر، خاصة أن الجزائر بقيت عقودًا من الزمن تكافح الإرهاب وتقاوم الضغوط الأجنبية لإقامة قواعد عسكرية على أراضيها أو على حدودها.

لكن يبدو أن تونس وتحت الضربات المتوالية للجماعات الإرهابية ولأنها تنقصها الخبرة في مواجهة هكذا ظروف وجدت في العروض الأمريكية بعض الاستحسان، وبموقف الجزائر ستكون تونس مخيرة بين نارين أمام التضحية بعلاقتها مع الجزائر أو مع أمريكا خاصة في مواجهة الإرهاب. ومعروف موقف الجزائر منذ عقود في رفض الابتزاز الغربي وبخاصة الأمريكي الساعي إلى إقامة قواعد عسكرية استخباراتية بحجة المساعدة في مكافحة الإرهاب، ويرى المراقبون أنه يتعين على تونس الاستماع إلى خبرة الجزائر والوثوق في أن هذه القواعد العسكرية الأجنبية هي انتهاك للسيادة لا يمكن قبوله على الإطلاق.

هذا و رغم ذلك يصر المسؤولون في تونس على نفي وجود قواعد عسكرية أمريكية في بلادهم في وقت تؤكد فيه تقارير غربية ومحلية على نشاط مكثف للطائرات بدون طيار الأمريكية فوق تونس، حتى أن طائرات بدون طيار أمريكية تحلق باستمرار في مناطق غرب ليبيا، وفي الجنوب التونسي.
وزير الدفاع التونسى، فرحات الحرشاني أكد مجددًا عدم وجود قاعدة عسكرية أمريكية على الأراضى التونسية، موضحًا أن تونس تتعاون فى المجال العسكرى مع عدة دول صديقة وشقيقة على غرار فرنسا وأمريكا وبلجيكا والجزائر.

الاصرار التونسي على نفي الأخبار المتعلقة بوجود قاعدة أمريكية للطائرات بدون طيار يعني أن المسؤولين في تونس يرغبون في تحاشي الضغط الشعبي ، بالإضافة إلى رعبتهم في عدم تحمل مسؤولية اية غارة جوية أمريكية قد تؤدي إلى وقوع ضحايا مدنيين في ليبيا .

وقال الحرشاني – فى تصريحات صحفية عقب الإعلان عن الانطلاق الرسمى لمشروع منظومة المراقبة الإلكترونية على الحدود الجنوبية الشرقية لتونس بتمويل وتنفيذ أمريكي ألماني- إن حماية الحدود تتطلب تقنيات عالية معقدة من بينها طائرات بدون طيار، وهو ما يتطلب وجود وحدات عسكرية من عدة بلدان من بينها أمريكا فى تونس لتدريب العسكريين التونسيين على هذه التقنيات.

وأضاف الحرشاني، أن تونس تواجه تهديدات غير تقليدية بحكم الوضع الأمنى فى ليبيا وتداعياته الخطيرة على المنطقة المغاربية والمتوسطية والمنطقة العربية عموما، مشيرا إلى أنه بقدر اعتماد تونس على وسائلها وإمكانياتها الخاصة فى مواجهة المخاطر والتهديدات، فهى تعتمد أيضا على التعاون مع البلدان الصديقة نظرا لأن الإرهاب يمثل تهديدا لكل الدول مهما كانت قوتها.

وأكد الحرشاني، دعم الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، لتونس فى انتقالها الديمقراطى، وحرصهما على دفع التعاون فى المجال التنموى، إضافة إلى مساهمتهما فى تطوير القدرات العملياتية للقوات المسلحة التونسية بتوفير المعدات وتكثيف التدريب وتبادل الخبرات والتنسيق فى مجال الاستعلام فى إطار مكافحة الإرهاب.

من جانبه، أكد السفير الأمريكى فى تونس، دانيال روبنستين، التزام بلاده بمساعدة تونس على تأمين حدودها وحماية شعبها والحفاظ على الاستقرار فى منطقة شمال إفريقيا، وأوضح أن هذا المشروع –الذى تبلغ تكلفته الإجمالية مائتى مليون دولار- يهدف إلى تمكين تونس من مواصلة تعزيز قدراتها على رصد التهديدات على حدودها والتصدى لها.

من جهته، قال السفير الألمانى أندرياس رينكى، إن بلاده تعمل على مساعدة القوات المسلحة التونسية فى مجال مراقبة قوية للحدود من التهديدات الإرهابية والتهريب، وأن الدعم المالى الذى قدمه الجانب الألمانى لهذا المشروع فى حدود 16 مليون يورو.

كشف نفس المصدر أن هناك 12 رئيس دولة كانوا من المقرر أن يزوروا الجزائر و يلتقوا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الفترة ما بين فيفري و ديسمبر 2017 لكن تم إلغاء هذه الزيارات بشكل نهائي لأنه من غير المعقول القيام بزيارة دولة دون الإلتقاء و إجراء مباحثات رسمية مع رئيس الجمهورية خاصة و أن الجميع يعلم أن الرئيس بوتفليقة له جميع الصلاحيات و هو الوحيد الذي يمكن له إجراء إتفاقيات و توقيعها بحكم الدستور و من بين رؤساء الدول الذين قرروا إلغاء زياراتهم إلى الجزائر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل،الرئيس الإيراني حسن روحاني،الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن”،الرئيس النيجري محمد بخاري،رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما،الرئيس الصيني شي جين بينغ،الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،الرئيس الأندنوسي جوكو ويدودو،و أمير دولة الكويت الشيخ صباح لأحمد الجابر الصباح.

 

كما أن زيارة كانت مرتقبة و ليست مبرمجة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في أكتوبر أو نوفمبر المقبلين سيتم إلغاءها كذلك من الجانب الفرنسي بسبب رفض الرئيس الفرنسي الترويج بأن كل شيء على ما يرام في الجزائر و قبوله لقاء لوقت وجيز بالرئيس الجزائري المريض.
و بحسب ذات المصادر فقد أبلغت الجزائر عبر القنوات الرسمية و الديبلوماسية المعهودة عدة دول شقيقة و صديقة بأن الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا يسمح له بلقاء رؤساء هذه الدول في الوقت الحاضر بإستثناء بعض الدول الفقيرة و الصغيرة و معظمها إفريقية التي تقبل للشروط الجزائرية مثلما حدث مع رئيس جمهورية الكونغو دونيس ساسو نغيسو الذي زار الجزائر في مارس الماضي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.