الرئيسية » الطوارق ينتفضون ضد إطلاق تسمية “الطوارق” على الخمور في تونس

الطوارق ينتفضون ضد إطلاق تسمية “الطوارق” على الخمور في تونس

من الجزائر:عمّــــــار قــــردود

استنكرت “منظمة ايموهاغ الدولية”من أجل العدالة و الشفافية ،الأسبوع الماضي، في بيان تحصلت عليه”أنباء تونس”  الشركات التي تستغل اسم “الطوارق” كعلامة تجارية لمنتوجاتها الصناعية في كل من تونس و المغرب٬

و هو الفعل الذي قالت المنظمة المذكورة آنفًا في بيانها الصادر ،السبت الماضي، أنه يُعد تصرفًا وسلوكًا غير مقبول. كما دعت المنظمة في بيانها الشخصيات البرلمانية والاعيان والنشطاء من “الطوارق” بالقيام بواجبهم في حماية رمزية اسم “الطوارق”.واعتبرت المنظمة (مقرها باريس)، التسمية “تعد سافر على أمة “الطوارق” ذات التاريخ العريق و إساءة جسيمة لمجتمعها المحافظ.
وهدّدت منظمة “ايموهاغ” الدولية في بيانها ، بالمتابعة القضائية لتلك الشركات التي ترفض التراجع عن التسمية رغم المراسلات المسجلة التي تم ارسالها لتلك الشركات بتاريخ 01 افريل2016، مؤكدة أن “الطوارق مجتمع اصيل عرف عنه تمسكه بعاداته العريقة وتقاليده المتوارثة”، كما دعت المنظمة في بيانها الشخصيات البرلمانية والاعيان والنشطاء من الطوارق بالقيام بواجبهم في حماية رمزية اسم “الطوارق”.

هذا و قد أطلقت عدة شركات تونسية و مغربية تسمية “الطوارق” كعلامة تجارية لنوع من النبيذ والمبيدات الحشرية و هو ما يُعتبر بمثابة إهانة لأمة “الطوارق”،مع العلم أن شركة سيارات ألمانية كبيرة أطلقت إسم “الطوارق” على إحدى أفضل و أفخم سياراتها.

“الطوارق”…أزيد من 180 سنة من الإضطهاد و الإبادة
و في شهر جويلية 2016 ألتقى مسؤولو منظمة “ايموهاغ” الدولية مع المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية و قدموا ملفًا كاملاً حول الانتهاكات وحقوق الانسان ضد الطوارق في ليبيا ومنطقة الصحراء الكبرى.

أكثر من 180 سنة من أنتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب وإبادات جماعية ضد شعبنا دفنت الضحايا بعيدا عن مسمع ومرأى العالم تحت رمال وكثبان الصحراء والجناة لم يعاقبوا بعد .

بعد عمل مضني وشاق من قبل منظمات إيموهاغ الدولية من أجل العدالة والشفافية نستطيع ان نقول اليوم ان محكمة الجنائية الدولية في لاهاي قبلت بفتح ملف تحقيق بشأن هذه المسألة الحساسة للمرة الأولى. وخاصة ملف الانتهاكات في ليبيا الذي تعكف المحكمة حاليا بدراسته بشكل جدي. وربما نرى اسماء بعض المجرمين الذين اجرموا في حق الليبين وفي حق ايموهاغ الطوارق على لائحة المطلوبين.

الشكر موصول للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المتمثل في السيدة فاتو بنسودة التي سمحت لمنظمة إيموهاغ الدولية باللقاء بها بشأن تقديم أدلة مفصلة حول عمليات القتل الجماعي والانتهاكات الفظيعة التي أرتكبت على مدى قرن ونيف في صمت تام ضد شعب الطوارق.
و في مارس 2017 أدانت منظمة “ايموهاغ” الدولية من أجل العدالة والشفافية المختصة بشؤون الطوارق، ما قام ك به أفراد ينتمون إلى قوات برلمان طبرق من ما وصفته بجرائم وانتهاكات صارخة ضد شباب “قصر” من أبناء الطوارق.

وطالبت المنظمة في بيان لها امس الجمعة محكمة الجنايات الدولية والمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان والمحاكم الليبية بإجراء تحقيق فوري حول هذه الانتهاكات.ودعا البيان كافة شباب ليبيا للعودة إلى مناطقهم والنأي بأنفسهم عن دوائر الصراع وعدم الانخراط في اي اعمال عنف.كما دعت المنظمة قادة ووجهاء الطوارق وكافة هيئاتهم الاجتماعية والسياسية بخلق آليات وبرامج للشباب تقيهم من نيران الصراع الدائر.كما أدان البيان كافة اعمال العنف، داعيا كافة الاطراف إلى الحوار والمصالحة الوطنية الشاملة.

يشار إلى أن النقيب محمود الورفلي آمر محاور الصاعقة بتاريخ 20 الربيع 2017 كان قد قتل شباب أسرى قُصر من “الطوارق” رميًا بالرصاص.

من هم “الطوارق”؟
“الطوارق” من الأمازيغ وهم شعب من الرُحل يقطنون في مساحة شاسعة من الصحراء الأفريقية تمتد من موريتانيا في الغرب الى تشاد شرقًا وتشمل الجزائر وليبيا والنيجر وبوركينا فاسو ومالي التي يطلق عليها “الطوارق” اسم “أزواد”.

ويطلق على “الطوارق” احيانًا اسم “الشعب الأزرق”، نظرًا لاصطباغ جلودهم بالصبغة الزرقاء للباس التقليدي الذي درجوا على ارتدائه.وقد تعود الطوارق، كما البدو، على الترحال بقوافلهم المكونة من قطعان الإبل في سائر مناطق الصحراء الافريقية الكبرى ودول الساحل الافريقي دون الاكتراث بالحدود بين هذه الدول.
وكان “الطوارق” من اهم مستخدمي قوافل الإبل في التجارة عبر الصحراء الكبرى ، إذ كانوا ينقلون البضائع وأهمها الذهب والملح. وتأثرت حياتهم سلبا بشكل كبير بعد تحول طريق التجارة للمحيط الأطلنطي.وعرف “الطوارق” تاريخيًا بأنهم شعب مقاتل، جيد التسليح. فهم يحملون معهم في ترحالهم السكاكين والسيوف والخناجر والرماح.

وسبق للطوارق أن انتفضوا على حكومات مالي وتشاد والنيجر وغيرها مطالبين بإنهاء التهميش الذي يمارس بحقهم وبحصة أكبر من عوائد بيع المعادن الثمينة التي تزخر بها دول المنطقة كاليورانيوم وغيره.

في غياب إحصاءات دقيقة وموثقة لا يمكن إعطاء رقم صحيح عن عدد الطوارق في منطقة الساحل الأفريقي أو في دول شمال أفريقيا. وثمة تقديرات غير رسمية تذهب إلى أن عددهم الإجمالي يناهز 3.5 ملايين، نسبة 85% منهم في مالي والنيجر والبقية بين الجزائر وليبيا. وتذهب نفس التقديرات إلى أنهم يشكلون من 10% إلى 20% من إجمالي سكان كل من النيجر ومالي.

ويوجد الطوارق في مناطق صحراوية تمتد من الجنوب الليبي حتى شمال مالي، ففي ليبيا يوجدون بمنطقة فزان أما في الجزائر فيوجدون بمنطقة الهقار. وفي مالي يوجد الطوارق بإقليمي أزواد وآدغاغ، أما في النيجر فوجودهم أساسا بمنطقة أيِّير.

وتتميز هذه المناطق الأربع بأنها الأكثر جفافا والأقل سكانا من غيرها من مناطق الدول المذكورة. وقد ظل الطوارق إلى عهد قريب خبراء هذه الصحراء الكبرى العارفين بمسالكها المؤمنين لحركة القوافل بها، وقد أعانهم على ذلك صبرهم وشجاعتهم ومعرفتهم بأماكن الماء وإتقانهم الاهتداء بالنجوم.
ويتيمز الطوارق عن غيرهم من الأمازيغ بحفاظهم على لهجتهم الأمازيغية “تماشق” وعلى كتابتها بحرفهم الخاص “تيفيناغ” الذي يكتب من اليمين إلى الشمال ومن فوق إلى تحت والعكس.
قاوم الطوارق الاستعمار الفرنسي ببسالة واشتهر قتل الفرنسيين عام 1916 لرئيسهم الأمنوكال (الشيخ) فهرون قائد أولدمن (كل أترام).

ومنذ استقلال الدول التي يوجد بها الطوارق وعلاقتهم بالأنظمة المتعاقبة غير ودية خاصة مع مالي والنيجر.وكان أول تحرك سياسي للطوارق سنة 1963 مطالبين بحقوقهم السياسية في مالي، إلا أن حكومة الرئيس السابق مودبو كيتا قمعتهم بشدة وزجت بأغلب نشطائهم في السجون.

ومع بداية تسعينيات القرن الماضي نشطت حركات مسلحة طارقية في مالي والنيجر، وقامت الجزائر بوساطة بين مالي والمسلحين فقد تم توقيع اتفاق سلام بتمنراست في يناير/ كانون الثاني 1991، وهو اتفاق لم يحترمه الطرفان المتنازعان في الغالب. وقد تزايد العنف بين الجيش المالي وحركة التمرد مما دفع الآلاف من الأسر للجوء إلى موريتانيا والجزائر وبوركينا فاسو.

وقد عرف طوارق النيجر هجرة واسعة إلى ليبيا في عهد الرئيس السابق سيني كونتشي، وبعد موته سنة 1987 حاول خلفه الرئيس علي سيبو أن يتصالح مع المعارضة الطارقية في ليبيا، غير أن مواجهات دامية بين الطوارق والجيش النيجري اشتعلت بعد القمع الساحق الذي تعرض له الثوار على أيدي الدرك النيجري.
ورغم رعاية الجزائر وبوركينا فاسو لعدة اتفاقيات سلام بين المسلحين وكل من مالي والنيجر، لم يصل الوضع بعد إلى حد السلام والوئام، فلا الطوارق حصلوا على حكم ذاتي فضلا عن الانفصال، ولا مالي والنيجر استطاعتا السيطرة على مناطق الطوارق الواسعة الأرجاء الصعبة المسالك.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.