الرئيسية » برهان بسيس و حكاية جمهورية الفنكوش

برهان بسيس و حكاية جمهورية الفنكوش

بقلم أحمد الحباسي

كلمة الفنكوش تعنى بيع الوهم للناس و تسويقه دون أساس لمجرد الإلهاء و جعلهم ينسون الوعود السابقة عملا بالمبدأ الذي أنشاه ميكافيللى في كتابه الشهير ” الأمير ” …. ” الغاية تبرر الوسيلة ” و كلمة الفنكوش تذكرنا طبعا بفيلم ساخر للفنان عادل إمام يتناول كيف تصنع الدعاية الكاذبة من ” الفسيخ ” ( و هو شراب الفرح ) منتجا يسلب العقول أطلق عليه اسم الفنكوش ،

في نهاية الأمر نحن أمام أركان عملية تحيل موصوفة لا تحتاج من المتابع كثيرا من مزيد البراهين و الأدلة خاصة و أن تاريخ السيد برهان بسيس يعج بأمثلة التحيل و التحايل المقصود منه التعتيم على الحقائق و إكساء الباطل لبوس الحق و استعمال المفردات في سياق كلمة حق أريد بها الباطل ،

لعل الرجوع إلى تصريحات هذا ” الناطق ” الرسمي الغير المكلف باسم رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس زين العابدين بن على في وسائل الإعلام العربية و الأجنبية و بالذات على قناة الجزيرة القطرية يكفى مئونة إثبات الاتهام بالتحيل على الشعب و تزوير الحقيقة و تضليل الرأي العام و لعل العودة إلى تصريحات الرجل في الأيام الأولى للثورة كافية بإثبات كل عناصر الجريمة في حقه خاصة و أن الاعتراف سيد الأدلة في كل القوانين الدولية .

لقد خرج الرجل بآيات الاعتذار و الانحناء طالبا العفو من الشعب الذي طالما تحيل عليه بإخفاء حقائق ما حدث من جرائم و نهب و سرقة و اغتصاب و تعذيب في العهد السابق الاعتذار واعدا بالاختفاء و التصوف السياسي في إحدى الزوايا المظلمة التي تخفى فيها بعض الذين ظلموا هذا الشعب و لكن كما يقال بمثلنا العامي و ليعذرنا السادة المتابعون ” الحجرة ما تذوب و العاهرة لا تتوب ” و لم نفاجأ بعودة المتحايل الضال بداية في قناة التاسعة التي طاولتها الاتهامات بالعلاقة الآثمة مع الصهيونية و مع بعض دكاكين المخابرات المنتصبة في هذا الوطن بلا حسيب و لا رقيب ثم في أحضان حزب نداء تونس الذي استولى عليه ” ولد الباجى ”

بموجب الإرث المزعوم و باستعمال كل الطرق و الأيادي و الأفكار الخبيثة لإبعاد ما أمكن إبعادهم من رموز الحزب ، بطبيعة الحال وافق شن طبقة و جلس المتحيل مع المتحيل لإضافة ادوار قذرة أخرى للمشهد السياسي المتعفن .

لقد قد كان ” ولد الباجى ” غشيرا غشيما لا يصلح للسياسة جاءت به الأقدار السيئة ليزيد حالة انكسار النداء انكسارا و كان من الطبيعي و الرجل لا يفقه تركيب جملتين مفيدتين على بعضهما أن يلجأ لأحد كبار الغشاشين و المتحايلين “لينطق ” باسمه في المنابر الإعلامية و يرفع عنه حرج الأمية السياسية المفرطة التي جلبت إليه سخرية الخاص و العام .

إن شر البلية ما يضحك في هذا الحزب المتآكل المتصدع و حين خرج علينا رئيس الحكومة بالأمس بخطاب الاتهام “لولد الباجى ” كان لا بد “للناطق ” باسمه أن يواجه معركة ليلة السكاكين الطويلة بما يملكه من أسلحة الدمار الشامل اللفظية التي تدرب عليها طيلة سنوات عهد المخلوع و شاهدنا صواريخ ارض ارض تستهدف رئيس الحكومة و لكنها صواريخ فشوش لان الرجل في زحمة التناقضات اللفظية و الفكرية و الشطح و الردح الإعلامي الهابط التي يعيشها للأسف لم يتفطن أن ادعاءه بكون الشاهد لم يكن مؤازرا من الحزب يتجافى مع تصريحات سابقة تجزم بالعكس لكن من الظاهر أن حبل الكذب قصير كما يقال و وقع برهان فريسة لخطاب النفاق الذي كان يراد منه تلميع الصورة السيئة و القبيحة ل ” ولد الباجى ” فتحول إلى خطاب لا يختلف كثيرا عن خطاب وزير الإعلام الألماني جوزيف قوبلز زمن الزعيم النازي أدولف هتلر و تلك المقولة الذائعة الشهيرة ” اكذب ثم اكذب ثم اكذب فسيصدقك الناس أخيرا ” ،

إن التمسك بالمدير التنفيذي رغم عيوبه الظاهرة و الخفية و محاولة سحق أي بديل سياسي محتمل عبر دعاية تضليلية يتم فيها استخدام سلاح الكذب السياسي الموصوف يفرغ الحياة السياسية من كل الرجال القادرين على رفع التحديات و مواجهة الوضع الصعب للبلاد و يمثل محاولة قذرة لاغتيال معنوي لشخصية سياسية و هذا الأمر لا ينتج في الحقيقة إلا صورة كاريكاتورية مشوهة عن المعارك السياسية .

إن خطاب السيد برهان بسيس يريد من المتابع و المواطن عموما أن يطمئن إلى عملية بيع وهم اسمه السيد حافظ قائد السبسى لا يصلح لا للسوق و لا للصندوق كما يقال بمثلنا العامي الشهير و عملية بث الوهم للجماهير تعد من أكبر الجرائم في السياسة و إذا كان الرجلان لم يقتنعا بعد سقوط الحزب في ” انتخابات ألمانيا ” و السقوط المدوي في الانتخابات البلدية الأخيرة فالظاهر أنهما يفتقدان إلى الحاسة السابعة السياسية بل إلى حاسة الشم المطلوبة التي تجعلهما يسارعان بإلقاء المنديل و الخروج من الحلبة السياسية غير مأسوف عليهما لعل ذلك بحفظ ماء الوجه قليلا ،

ربما تحمل الظرف الاقتصادي في عهد الرئيس المخلوع شطحات برهان بسيس و استغفاله للشعب و لكن تونس اليوم تعيش ظروفا كارثية صعبة نتيجة سنوات عجاف من حكم حركة الإرهاب و ما تلاها من سنوات حكم الأيادي المرتعشة لمهدي جمعة و الحبيب الصيد و لذلك فان المطالبة بمحاسبة مزور التاريخ و منافق الثورة برهان بسيس قد أصبحت من مطالب الثورة و لكن نحن على قناعة بأن جمهورية الفنكوش الهشة ليست قادرة حتى على ” نش الذبان ” على جسدها المنهك .

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.