الرئيسية » تونس معارضة الهانة ورقود الجبانة

تونس معارضة الهانة ورقود الجبانة

 

بقلم أحمد الحباسي

في غياب معارضة حقيفية مسؤولة وأمام انهيار الحزب الحاكم بأمر غيره، نداء تونس المضحك المبكي، تظل حركة النهضة تقوم بأكبر عملية تخدير لعقول التونسيين في التاريخ السياسي وهي تمثل بذلك أكبر خطر زاحف على مصير الدولة و مؤسساتها.

رغم أن الثورة قد وفرت مجالا خصبا مشاعا للعمل السياسي والنشاط الفكري والإعلامي، إلا أن أحزاب “المعارضة” وبالذات الجبهة الشعبية لا تزال تائهة في البحث عن إجابة لسؤال هل أن البيضة قد ولدت قبلا من الدجاجة أو العكس و هل أن التنبير على الحكومة هو أقوم المسالك لربح النقاط وتسجيل المواقف والبقاء على الربوة دون تعب وهل أن البقاء خارج دائرة الفعل البنّاء والمساهمة في رفع التحديات سيجعل الحكومة تسقط من تلقاء نفسها كما تسقط ثمرة التين الناضجة. المرزوقي والشطحات البهلوانيات المضحكات المبكيات منذ فترة استمعنا إلى الرئيس المؤقت السابق محمد المنصف المرزوقي يقول في برنامج “شاهد على العصر” سيء الصيت لصاحبه سيء الصيت أحمد منصور للقناة السيئة الصيت “الجزيرة الصهيونية” أنه سيبقى في ساحة النضال حتى ينتصر أو ينتصر أو ينتصر، لقد كان من الأولى لسيادته لا فض فوه أن يغير هذا الشعار النحس الذي رفعه في غزواته أيام الانتخابات الرئاسية حين جمع في تلك الحملة الشعواء الفاقدة للطعم النطيحة والعرجاء وما أكل السبع من ريكوبا إلى عماد دغيج إلى البشير بلحسن إلى صاحب البكاء الشهير عدنان منصر إلى أحد كبار المنافقين طارق الكحلاوى ورديفه الإسلامي عماد الدايمى إلى ذات الخمار الأسود السيدة النائبة سامية عبو بجلالة قدرها إلى زوجها المصون “المناضل” محمد عبو. كان على سيادته أن يغير “الصندوق” عفوا الشعار بعد خسر الانتخابات ولم يكن هناك ما يدعو لإعادة استعمال نفس الشعار الخاسر. خرج سيادته من الانتخابات بخفي حنين وسلم مفاتيح قصر الرئاسة لغريمه الرئيس الحالي دون أن يجد من يواسيه أو يرفع من معنوياته أو يتذكر من فترة رئاسته الفوضوية إلا تلك الشطحات والبهلوانيات والمضحكات المبكيات التي بقدر ما جلبت له من سخرية العموم بقدر ما جعلته يخرج من الوجدان الشعبي غير مأسوف عليه. نتذكر أن الرجل لم يقبل بنتائج الانتخابات ليخرج علينا مساعده منصر بتلك التصريحات المشينة التي طعنت في شفافية الانتخابات وزادت من قناعات المتابعين بأن هذا الرجل ومن معه ومن والاه يمثلون ثلة من المهرجين لم يكن بإمكانهم أن يتحولوا إلى رجال دولة و قد قضوا ثلاثة أرباع أعمارهم بين الحانات الباريسية وصالونات القمار السياسي ودكاكين المخابرات والسفارات الأجنبية، بعدها خرج علينا الرجل بتقليعة جديدة سماها على بركة الله “حزب حراك شعب المواطنين” تسمية نالت سخرية الجميع لأنها مجرد تسمية لكيان هلامي غير موجود إلا في خيال “الدكتور” بدليل أنه لم نجد لها أثرا ولا عينا في الانتخابات البلدية الأخيرة. بطبيعة الحال لم يقتنع أحد من العقلاء و المجانين ونصف العقلاء ونصف المجانين في هذا الوطن بأن “المؤقت” يحمل أفكارا صالحة لهذا الزمن الرديء الذي تعيشه تونس وهناك من ذكرنا بالمثل المعبر “لو كانت البومة فيها خير ما يخلفوهاش الصيادة”. الجبهة والتنديد والرفض وعبارة “لا” بكل اللغات نأتي الآن إلى الجبهة الشعبية، هذا الحزب مكون من مجموعة من ممثلي الكومبارس الذين يلعبون دور المعارضة في المسرحية السياسية التي تدور فصولها على الساحة السياسية التونسية منذ نجاح ثورة سنة 2011، المنجى، عمار عمروسية، أحمد الصديق إلى آخر القائمة بما فيها “الرفيق” حمة. هؤلاء لا نسمع منهم صباحا مساء إلا التنديد و الرفض وعبارة “لا” بكل اللغات، لا للحكومة و لا لبرامج الحكومة و لا لوزراء الحكومة ولا للحوار ولا لوثيقة قرطاج ولا للعلاقة مع البنك الدولي ولا لخصخصة البنوك الخاسرة ولا لنقاش المديونية وكيفية حل مشاكل الاقتصاد… تذكرنا لاءات الجبهة الشعبية باللاآت الثلاثة الشهيرة “لا صلح، لا تفاوض، لا استسلام” الصادرة عن القمة العربية في الخرطوم والتي تحولت مع الوقت إلى مجرد شعار خائب صادر عن قادة عرب خائبين. بطبيعة الحال، صعد “الرفاق” على جثث الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمى ونالوا مبتغاهم من الكراسي و الفخامة كما جاء في أغنية المطرب التونسي الكبير لطفي بوشناق “أنا مواطن” ولم يبق من ذكرى الشهيدين الراحلين إلا تلك عبارات التأبين التي أسالت كثيرا من الحبر حين قال “الرفيق” حمة “نم يا شكري … نم…” فنام شكري ونامت حقيقة الاغتيال ونامت الوعود الكاذبة المنافقة بمتابعة الحقيقة إلى حين معرفة من قتل الشهيدين ومن مول ومن أعطى الأمر إلى حين محاسبة حزب النهضة على تلك الجريمة السياسية النكراء. ربما تريد هذه المعارضة الكرتونية أن تقنع المتابع بكونها تعيش هموم المواطن والوطن لكن لنسأل من أعطى الأوامر بحرائق ومظاهرات حي التضامن وغيرها التي أشعلت الأخضر واليابس و من يقف وراء اعتصام الكامور المشبوه ومن يضع يده في يد كل المتاجرين بدماء أبناء هذا الوطن ومن يدفع بعض القيادات المشبوهة في اتحاد الشغل لضرب الحكومة والدعوة لإسقاطها وإشعال بؤر التوتر في كل جهات الجمهورية. حركة النهضة تلعب دور المعارضة بلؤم يفوق الخيال ربما يظن البعض أن حركة النهضة تلعب دورا ايجابيا وربما يظن البعض غباء أن الحركة شريك في الحكم و لا يمكن أن تكون شريكا في المعارضة. لا أيها السادة و السيدات، حركة النهضة تلعب دور المعارضة بلؤم يفوق الخيال و الجميع على علم من رئيس الحكومة إلى رئيس المخابرات إلى رئيس الدولة إلى دكاكين المخابرات الأجنبية أن النهضة تضع ساقيها الإثنتين في المعارضة بدليل أنها من تقف وراء شبكات تسفير الإرهابيين إلى سوريا و من تقف وراء التعيينات المشبوهة الأخيرة في وزارة الداخلية ومن تقف وراء إقصاء وزير الداخلية السابق لطفي براهم لأنه يعرف كافة الأسرار وتقف وراء كل الحرائق السياسية المتنقلة وهذا على الأقل ما يصرح به عديد السياسيين من الأزهر العكرمي إلى عبد العزيز المزوغى إلى منذر بلحاج على وغيرهم كثير. هذا اللعب على كل الحبال هو خاصية من خاصيات الفعل السياسي الماكر لحركة النهضة التي سعت منذ سقوطها اثر اعتصام الرحيل إلى إعادة تغيير خططها و أسلوب تعاملها ونوعية خطابها في توجه يعكس مدى زئبقية مواقف هذا الحزب أو هذه الحركة التي لا تختلف عن الورم الخبيث الذي يهدد صحة جسم الوطن. حركة النهضة تقوم بأكبر عملية تخدير لعقول التونسيين في التاريخ السياسي وهي تمثل بذلك أكبر خطر زاحف على مصير الدولة و مؤسساتها.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.