الرئيسية » خطاب حركة النهضة المتقلب برأسين : لاهوتى وشيطانى في نفس الوقت

خطاب حركة النهضة المتقلب برأسين : لاهوتى وشيطانى في نفس الوقت

يجب ألا ينخدع السياسيون والمحللون بالخطاب المتلون المزدوج الذي تعلنه قيادات حركة النهضة  وتتستر وراءه في مخالفة معلنة لخطابها الديني والفقهي الأصلي ولو كلفها ذلك حالة من الإحتقان لدى مؤيديها وبالذات من كبار قادة صفها فالحركة تظل في النهاية محافظة على مسلماتها وأهدافها الأولى.

بقلم أحمد الحباسي

منذ فوزها في إنتخابات سنة 2011 وسيطرتها على البرلمان وتنصيب حليفها البائس محمد المرزوقي رئيسا للجمهورية وفشل مشروعها الإيديولوجي لتغيير الهوية التنويرية لتونس التي كان للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة دور مهم في ترسيخها وتدعيمها وصعود حركة نداء تونس  في انتخابات سنة 2014 وقيادة الحركة لا تزال تخلط الأوراق وتقف بين المواقف مخالفة أحيانا كل أدبياتها ومواقفها ومسلماتها التي لا تخرج عن أدبيات ومسلمات ومواقف حركة الإخوان المسلمين، ولعل السؤال الأبرز والحارق الذي لم يستطع المحللون والمتابعون لشأن الحركة وممارساتها السياسية والأخلاقية الإجابة عليه يتمثل بكل بساطة: ما هو الموقف الصحيح والثابت للحركة من جميع القضايا المطروحة على الساحة السياسية التونسية؟

الجمعيات الخيرية المقربة من النهضة تمول الإرهاب

طبعا لا جواب، وطبعا هذه الحيرة لا تزال مسيطرة على كل المتابعين والمواطنين وكتاب الرأي وهذا الإرتباك والغموض والحيرة ناتج أساسا وبالذات عن الخطاب المتلون المزدوج الذي تعلنه قيادات الحركة وتتستر وراءه في مخالفة معلنة لخطابها الديني والفقهي ولو كلفها ذلك حالة من الإحتقان لدى مؤيديها وبالذات من كبار قادة الصف الأول في الحركة.

لعل من أهم نشاطات الحركة هو العمل الخيري ولكن المتابعين اليوم يدركون أن تمويل الجمعيات الخيرية ليس متاحا لكل الأحزاب وأن العمل الخيري على أهميته كعمل إنساني يهدف إلى معالجة بعض الأوضاع الاجتماعية  ليس متاحا أيضا لولا الدعم بعض الدول الخليجية المتآمرة على تونس وأن الأموال الخيالية الموظفة في هذا المجال ليست بدون مقابل ولهذا فقد كشفت كل التقارير والدراسات في هذا المجال أن هذه الجمعيات الخيرية التي خرجت عن سيطرة الدولة لأسباب يطول شرحها هي في حقيقة الأمر مجال لتبييض الأموال لغايات تمويل الإرهاب وتوفير السلاح وتدريب الإرهابيين وتوفير الدعم اللوجيستى على كل المستويات لكل المرحلين إلى المحرقة السورية منذ سنة 2011 إلى الآن.

بطبيعة الحال الإتهام لا يطال كل الجمعيات الخيرية بل يتعلق بتلك التي تخدم مشروع الإسلام السياسي التكفيري المتوحش والتي يعد تمويلها بوابة مشرعة لتمويل الإرهاب وهنا نتساءل طبعا عن سر هذا الصمت الرهيب الذي يسلكه محافظ البنك المركزي حول كشف حقيقة تمويلات هذه الجمعيات ومصادر الأموال والطريقة التي يتم بها صرفها ومد الجهات الرسمية بما فيها مؤسسات المجتمع المدني بكشوف صريحة  فيها.

الخطاب المخاتل الكاذب عن فصل الدين عن السياسة

لقد كان مرشد حركة النهضة السيد راشد الغنوشي يؤكد دائما أن الإسلام قد جمع بين الدين والدولة والدعوة لفصل الدين عن السياسة والدولة هي مغامرة تحول الدولة إلى عصابات مافيا  لكن الرجل تحول تماما بهذا الخطاب في المؤتمر العاشر للحركة معلنا بنفسه فصل الدين عن السياسة والدولة لكن هذا الخطاب المخاتل الكاذب لم يقنع أحدا من المتابعين لشأن الإسلام السياسي بصورة عامة وشأن حركة النهضة بصورة أخص بل هناك من أعتبر هذا “التحول” المزيف إكراها من إكراهات سقوط حكم الإخوان في مصر وفي سوريا وما بدر عن القيادة الأمريكية من سعيها لوضع تونس في مقدمة الدول المصدرة للإرهاب وتصنيف الحركة بالإرهاب  لكن من الثابت والواضح أن  كشف هيئة الدفاع في قضية الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمى عن وجود جهاز عسكري سرى لحركة النهضة يتعامل مع جهات و مخابرات أجنبية ويتصنت على المعارضة ويعد قوائم اغتيال محتملة ويخطط للإستيلاء على الحكم بعد تفخيخ المؤسسة الأمنية والعسكرية قد أكد للمتابعين مرة أخرى نفاق المرشد وزئبقية مواقفه وسوء نيته ومحاولاته البائسة للتعتيم على المواقف الحقيقية للحركة.

إنتصار سوريا الأسد يفسد حسابات الإسلام السياسي

لعل موقف الحركة من التحول الحاصل في سوريا الذي يؤشر إلى إنتصار الرئيس بشار الأسد على المؤامرة القذرة التي شاركت فيها حركة النهضة بكيفية كبيرة سواء على مستوى تدريب أو تأهيل الإرهابيين الذين وجهتهم إلى سوريا والذين بلغ عددهم الستة آلاف في وقت ما في تنفيذ حرفي لإرادة الإدارة الصهيونية الأمريكية ولأدواتها في المنطقة قطر وتركيا قد كشف حقيقة خطاب التضليل الذي اعتمده مرشدها السيد راشد الغنوشى وبقية قيادات الحركة طيلة سبعة سنوات للتبرير والتغطية على اغتيال الأبرياء وهدم البنية التحتية السورية لأن هذا التحول في الخطاب ليس إلا مجرد بهلوانيات جدلية تعودنا عليها من قيادة الحركة منذ عهد  مرشدها حسن البنا إذ لا أحد يصدق أن النهضة قد ناقضت خطابها السابق أو أنها قد تخلت عن دعم الجماعات الإرهابية أو الوقوف إلى جانب المشروع الصهيوني لإسقاط النظام السوري ولكن المسألة تتعلق بكون الحركة بعد أن تحولت إلى ألعوبة في يد قطر وتركيا قد أصبحت مطالبة بالإنحناء إلى الريح وإلى مخرجات الإتفاق الروسي التركي وما حدث من ثقوب داخل العائلة الخليجية وما صدر عن بعض الدول من رغبتها في الرجوع للحضن السوري بالشروط السورية إضافة إلى ما يتحدث عنه البعض من وجود مساع سودانية لفرض حالة من الاعتذار الخليجي للدولة السورية حتى تقبل بحضور مؤتمر القمة العربي القادم. لذلك صدق من قال أن خطاب حركة النهضة هو خطاب برأسين، خطاب لاهوتي وخطاب شيطاني.

مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس : 

حول علاقة حركة النهضة والإخوان المسلمين بإسرائيل والصهيونية العالمية

موقع تونس في شبكات الرقيق الأبيض والدعارة في تركيا وبلدان الخليج

عن الجهاز السري أو حين تسأل حركة النهضة : ما اسم الذئب الذي أكل يوسف ؟

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.