المؤتمر العاشر وأكذوبة المراجعات الأيديولوجية.
ما تسمى بالمراجعات الفكرية والأيديولوجية المنسوبة لحركة النهضة لا تعدو أن تكون مبادرات فردية لبعض القيادات عكس الإتجاه السائد فهي تفتقر إلى الجدية والمصداقية ولا تخرج مطلقا عن سياق المكائد والمؤامرات على مدنية الدولة وصولا إلى ضرب التحول الديمقراطي في تونس تحضيرا لدولة الخلافة الإسلامية.
بقلم أحمد الحباسي
لا تزال حركة النهضة تواصل مناوراتها المتعددة الوجوه على أمل أن تستعيد موقعها المحوري في الساحة السياسية بعد الإنتخابات الرئاسية والتشريعية أواخر 2019 وهي تسعى بطرق مختلفة لتقديم وتسويق صورة معدلة ومعتدلة لها في وقت يكتشف الشعب بمزيد من الخشية والخوف كثيرا من الخفايا و الأسرار المرعبة دعت البعض إلى تأخير موعد الإنتخابات حتى تتم محاسبة قيادة الحركة وكشف كل الحقائق في ملف إغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمى وفي ملف التمويل القطري المشبوه وفي ملف الجهاز العسكري السري وفي ملف تسفير الإرهابيين إلى سوريا وملف علاقة الحركة المريبة بالمخابرات القطرية والتركية والإيطالية، إلخ.
ملفات خطيرة حارقة و مزعجة لإخوان تونس
طبعا هناك شعور بحالة من الإرتباك والخوف داخل قيادة الحركة تحاول إخفاءها لتبعد الإتهامات التي أصبحت تضعها في بوتقة واحدة مع المجموعات الدموية المتطرفة التي نراها تعيث فسادا وإسالة للدماء في سوريا والعراق وليبيا والصومال.
يرفض المتابعون إطلاق صفة “المراجعة” على الطرح الذي قدمه مرشد حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشى أثناء المؤتمر العاشر المنعقد في ماي 2016 كما يرفضون خاصة مع خروج الوثائق الأخيرة حول وجود الجهاز العسكري السري والتي دفعت السيد حمة الهمامى باتهام رئيس الحركة بكونه رئيس هذا الجهاز المرعب تجاهل ما ارتكبته الحركة خلال السنوات الأخيرة من جرائم سواء في مواجهة المتظاهرين في ولاية سليانة بالرش الذي تسبب في أضرار بدنية ومعنوية لكثير منهم وهو ملف تم تمييعه و التعتيم عليه إلى حد الآن أو في التعتيم على رسالة التحذير الخطيرة التي أرسلتها المخابرات الأمريكية وتحفظت عليها وزارة الداخلية في عهد الرئيس المؤقت السابق محمد المرزوقي مما أدى إلى اغتيال شهيد الوطن الحاج محمد البراهمى صيف سنة 2013 بتلك الطريقة البشعة.
تكتيكات الإنحناء أمام العاصفة
يقول المتابعون أن القيادة لم تقم فعليا بأية مراجعة معمقة لأدبياتها و سلوكها ونزعتها الشريرة لاستخدام العنف ولغة السلاح للإستيلاء على الحكم وما يحدث هو من قبل تكتيكات الإنحناء أمام العاصفة خاصة بعد بروز عدة مواقف سلبية ضدها من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الخليج.
لعل الأفكار المطروحة من الحركة و التي دفعت رئيس الدولة في وقت من الأوقات إلى إطلاق عبارات الثناء عليها ليست جديدة كما يظن البعض بل تم طرحها من قبل وبالذات في الأيام الأخيرة لحكومة السيد على العريض ولعل الهدف من إبرازها اليوم أو إعادة صياغتها لتكون لمجة انتخابية بعد أشهر قليلة هو إحتواء موجة الغضب والإستياء الشعبي المعلنة بالذات في شعارات المتظاهرين في ساحة باردو بمناسبة الإضراب العام الذي دعت إليه المنظمة الشغيلة حين نادوا “غنوشى يا سفاح يا قاتل الأرواح”.
من الواضح أن حركة النهضة تتعامى قصدا على أن الدولة المدنية لا تقبل مطلقا بوجود جماعات تكفيرية تمارس العنف والإرهاب خفية بل بجماعة منغلقة على نفسها تحمل أسرارا ومناهج وخطط وتفكيرا خاصا بها يتعارض مع مدنية الدولة، لذلك يقول المتابعون إلى أن مبادرات المراجعة تفتقر إلى الجدية و لا تخرج مطلقا عن سياق المكائد والمؤامرات على مدنية الدولة وصولا إلى ضرب التحول الديمقراطي الذي يعانى من شلل وضمور بسبب الصراعات الحزبية الضيقة.
تغيير التكتيكات من باب الضرورات تبيح المحظورات
ربما هناك مبادرات فردية لبعض القيادات عكس الإتجاه السائد و لكن من يعرف خفايا و مبادئ حركة الإخوان يدرك أن هؤلاء القوم لا يملكون سلامة النية ونقاوة النفوس ولا يبحثون إطلاقا على معرفة الأخطاء لتداركها بل أن الأمر يتعلق بتغيير التكتيكات من باب الضرورات تبيح المحظورات.
لقد وجه منتقدون ومحللون ومتابعون الإنتقاد لقيادة حركة النهضة لعدم إقدامها بشجاعة على مراجعات منهجية شاملة وموثقة وعلنية وهذا الرفض ضاعف من عامل فقدان الثقة فيهم بصورة واضحة ولذلك فهموا أن الحركة لا تتحرك دائما إلا على استحياء لغاية التقاط الأنفاس و إعادة ترتيب الأوراق و بعد أن تأتيها التعليمات و الأوامر من جهات أجنبية باتت معلومة للجميع.
هناك من يقول أن قيادات الحركة قد اعترفت ببعض الأخطاء السابقة لكن هناك تشكيك في مثل هذه الخطوة المترددة المرتبكة لأنها لم تسبقها أو تلحقها خطوات عملية لتصويب المواقف وبالذات تجاه عمليات العنف والإرهاب ونشاط الجهاز العسكري السري والتخابر مع جهات أجنبية متآمرة على الثورة و لعل بقاء القيادة الحالية المتهمة بتمويل الإرهاب وممارسته في مناصبها دليل قوى على أن جسم الحركة لا يزال رافضا للتغيير أو المصالحة مع الشعب أو الإعتراف بخطايا الماضي.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
لماذا يواصل محمد المنصف المرزوقي استفزاز كل الطبقة السياسية والإعلامية في تونس ؟
كيف تبول الشهيد شكرى بلعيد على القرآن، أو كيف تحارب حركةالنهضة معارضيها…
خطاب حركة النهضة المتقلب برأسين : لاهوتى وشيطانى في نفس الوقت
شارك رأيك