الرئيسية » الإسلام السياسي والعنف المنظم : حركة النهضة بمواجهة حقائقها الأربعة

الإسلام السياسي والعنف المنظم : حركة النهضة بمواجهة حقائقها الأربعة

تزداد الدعوات في تونس إلى عدم إجراء الإنتخابات قبل محاسبة حركة النهضة وقبل كشف حقيقة إغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقبل البت في ملف التحقيق حول تسفير للإرهابيين إلى سوريا وقبل كشف حقيقة الجهاز العسكري السري للحلركة الإسلامية وعلاقتها بجهات إستخبارات أجنبية.

بقلم أحمد الحباسي *

حركة النهضة تتعرى شيئا فشيئا، الحقائق الصادمة والمرعبة تخرج للعلن بشكل مستفز لكل الضمائر الحية، الحركة متلعثمة، لا تدرى ماذا تفعل، حتى بهلوانيات الناصح لطفي زيتون لم تجد نفعا و”أفكاره” التي أريد لها أن تعتم على بشاعة وحقيقة وجود الجهاز العسكري السري ووجود غرفة على بابا السوداء داخل أسوار وزارة الداخلية، حتى أفكار السيد زيتون ماتت على النفاس كما يقال و جاءت الندوة الصحفية الأخيرة لهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمى لتدق مسمارا طويلا آخر في جسم فرع حركة الإخوان المسلمين في تونس، أيضا حتى محاولتها الخبيثة لخلط الأوراق بلقاء مرشدها بحافظ قائد السبسي يشبهها البعض بتشبث الغريق بغريق وربما تكشف لرئيس الحكومة وجها قبيحا آخر من وجوه الإسلام السياسي المبني على الخداع والمخاتلة والإستعداد للنوم في كل بيوت الدعارة السياسية سواء لربح الوقت أو من باب ثقافة فرق تسد، هذه المرة تنسد الأفاق وينقشع الدخان وتكاد حركة النهضة أن تنهار.

المساندة المغشوشة لحكومة يوسف الشاهد

اليوم تواجه حركة النهضة الموصومة علنا بممارسة وتبييض الإرهاب الحقائق الصادمة الأربعة التالية، أول الحقائق المهمة تحول قاضي التحقيق المتعهد بقضية الشهيدين شكري بلعيد إلى مقر وزارة الداخلية وضبط و إثبات وجود غرفة سرية تعمد كل الوزراء الذين تعاقبوا على المقر منذ رحيل الوزير السابق على العريض على التعتيم عليها تجنبا لغضب الحركة و ربما لأسباب سياسية انتهازية أخرى.

لعل ما كشفه التحقيق مرعب لكنه كان منتظرا من هيئة الدفاع عن الشهيدين ومن كثير من المتابعين الذين تفطنوا إلى حالة الإرتباك القصوى التي تعانيها “أجهزة الإتصال والإعلام” لدى الحركة مما يؤكد أنها لم تتوقع خاصة بعد قطع شعرة معاوية مع رئيس الدولة وانهيار حركة نداء تونس وتقربها وإعلانها المساندة المطلقة المغشوشة لحكومة السيد يوسف الشاهد أن تقع هذه الخطوة القضائية المدوية خاصة على بعد أشهر قليلة جدا من الإستحقاق الرئاسي و التشريعي الذي تضع عليه الحركة كل آمالها السياسية لاكتساح المشهد السياسي والعودة للحكم من الباب الكبير.

الحركة توفر قطع الغيار البشرية للمشاريع الإرهابية

الحقيقة الثانية تهم وتتعلق بموقف الحركة الخبيث من ما يسمى نفاقا “بالمدارس القرآنية” وما كشف إعلاميا من نية هذه الأطراف المتشددة في أفغنة المجتمع التونسي وبالذات إستهداف شبابه منذ الصغر لإخضاعه إلى عملية غسيل دماغ مبرمجة بإتقان لغاية توفير قطع الغيار البشرية للمشاريع الإرهابية و التكفيرية المقبلة للجهاز العسكري السري.

لعل الحركة بل كل من يقفون داخليا وخارجيا وراء تنفيذ هذا المخطط لم يتوقعوا من الإعلام بالذات الجرأة على كشف هذه المؤامرة القذرة التي دبرها المال الخليجي القطري الفاسد والذي تنفذها الحركة بالتعاون مع أجهزة سياسية وقضائية وأمنية متواطئة ومبيضة للإرهاب بدليل الإعفاء المتأخر لوالي ومعتمد سيدي بوزيد من مهامهما.

لقد تبين للمتابعين أن ما نسب للقيادي عبد الفتاح مورو من أن النهضة “تعمل” على عقول شباب تونس الصغار لم يكن زلة لسان أو تصريحا أخرج من سياقه بل هو مخطط جهنمي شرعت الحركة في تنفيذه منذ سنة 2011 إلى الآن مستغلة هشاشة الدولة و مستغلة شعارها الكاذب بكونها تخلت عن الدعوى لفائدة المشروع المدني الديمقراطي.

من شاهد التصرف الأرعن والمثير للغثيان لأولياء “المدرسة القرآنية” بالرقاب وبعض أبنائهم يتفطن إلى حقيقة مرعبة أرادت الحركة من ورائها أن تلامس بعنف وقسوة وجدان المتابعين، حقيقة تقول أن معركة غسيل الأدمغة ستتواصل خاصة في غياب الدولة وهي تقول أيضا حتى لهؤلاء الذين إندمجوا في حضنها أن دخول الحمام ليس سهلا الخروج منه وسواء كنتم تاركين أو متروكين فالأمر ليس بالهين وليس سهلا لمن دخلوا تحت عباءة الفكر التكفيري أن يتحللوا منه، أن يكفروا “بالثوابت”، أن يخرجوا من هذا الطوق المدمر الذي أحاط بأعناقهم، أن يلفظوا هذا الدين الذي لقن لهم فالنهضة تعتبر نفسها ظل الله، تعتبر نفسها الدين ولولا قليل من حياء لأدعت النبوة والعصمة.

حركة النهضة تعتبر أن من كفر بها فقد كفر بالدين، وهي تريد أن تأخذ المتابعين إلى هذا “الدين الجديد” المسمى دين الإخوان المسلمين لنبيه ورسوله الشيخ حسن البنا ومنظره الشيخ سيد قطب، هم يريدون إقناع العام و الخاص أنك حين تترك حركة النهضة فكأنك تترك دينا وليس فكرا تترك الله وليس المرشد راشد الغنوشى.

ربما تصيب الدهشة الكثير من مثل هذا التصور والمنطق لكن كما يقول كثير من الهاربين المفزوعين من هذا “الدين” من المؤكد أن هؤلاء لم يكونوا يوما عبيدا عند حركة النهضة، مع هذا بدأت الحركة تواجه من داخلها وخارجها تفكيرا متصاعدا معاديا يتشكل لرفض هذا “الدين”.

دعوات بعدم إجراء الإنتخابات قبل محاسبة حركة النهضة

لعله من عادة الرأي العام أنه يتشكل ببطء لكن من الثابت اليوم أن هناك دعوات شعبية متصاعدة تطالب بعدم إجراء الإنتخابات قبل محاسبة هذه الحركة الدموية وقبل كشف حقيقة إغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقبل البت في ملف التحقيق حول تسفيرها للإرهابيين إلى سوريا.

هناك دعوات أكثر من ملحة تريد كشف حقيقة الجهاز العسكري السري وعلاقة النهضة بجهات إستخبارات أجنبية وهناك من يدعو إلى فتح ملف التمويل الأجنبي المشبوه للحركة إضافة إلى ضرورة معرفة علاقتها بالهيكل العالمي للإخوان المسلمين المصنف كجهاز إرهابي.

في هذا السياق يجب أن تشعر هذه الحركة بكونها لن يطيب لها المقام طالما لم تقع محاسبتها ومؤاخذة قياداتها الضالعة في عدد الجرائم، لن تكون هناك سلم إجتماعية مستقرة طالما بقى هذا الورم الخبيث المتمثل في الفكر التكفيري مهيمنا في الساحة، لقد كشف برنامج “الحقائق الأربعة” ما خفي من مشروع حركة النهضة بحيث أنها تقف اليوم أمام مرآة الرأي العام لتواجه هذه الحقائق وهي مواجهة يمكن أن تخسر فيها الحركة كثيرا من الضحايا على عكس ما يسوق له السيد حسن الزرقوني و نتائج عمليات سبر الاراء التي ينشرها لأسباب باتت لا تخفى على أحد.

*محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.