لم أخطط أبدا للاختصاص في الترجمة لو أنني لم أواجه موقفا بسيطا، حين وجدت نفسي أترجم حديث سائح إنجليزي مرّ مصادفة من حينا رغم زادي المعرفي القليل في اللغة وأنا لازلت تلميذا في المعهد ومن هنا قررت المضي قدما في هذا المجال” بهذه الكلمات استهل الأستاذ “محمد القاضي” لقاءه بمعهد تونس للترجمة ضمن برمجته “مترجم يروي تجربته في الترجمة ” وذلك يوم الأربعاء 12 جوان 2019 بقاعة المكتبة .
وأشاد مدير معهد تونس للترجمة “توفيق العلوي” بعدد الحضور لهذا اللقاء رغم حساسية التوقيت مشيدا بالأستاذ “محمد القاضي” الذي وصفه بشديد الثقة في نفسه والمؤثر البارز في الحياة الثقافية بإصداراته وإبداعاته مشددا على أن هذه اللقاءات هي ثقافية بالأساس وتسلط الضوء على الجانب الذي لا نعرفه من المترجم.
وعاد الأستاذ “محمد القاضي” بالحاضرين خلال اللقاء إلى بداياته في عالم الترجمة التي انطلقت من الجامعة على الرغم من أن تكوينه الأساسي في اللغة العربية و لم يكن في الترجمة سوى مادة مقررة حيث كانت النصوص تترجم من الفرنسية إلى العربية عكس اختصاصه لكنه كان مجبرا على التفوق رغم صعوبة المهمة وصعوبة التقييم من الأساتذة خاصة أن المطلوب كان ترجمة النصوص القديمة و ترجمة القرآن و منها تعلم تقنيات وصعوبات وتحديات هذه المادة وهذا ما أعطاه نوعا من الإغراء حيث لم تعد الترجمة مجرد مادة تدرس بين أسوار الجامعة بل كان يترجم النصوص في البيت كهواية.
و تحدث الأستاذ ” القاضي” عن إصداره الأول وهو نص لأغنية اسبانية لفنان معروف بمواقفه الثورية في الشيلي، نشر في مجلة الحياة الثقافية فترة الثمانينات ومنها انطلقت رحلة الترجمات الصغرى للدراسات الأندلسية الصعبة مع رفيق دربه المرحوم “عبد الله صولة” الذي توفي سنة 2009 .
كما أشار “القاضي” إلى الدور الكبير الذي لعبه صديقه المرحوم “عبد الله صولة” في حياته العملية خاصة في ترجمة كتاب “سيرة ذاتية ” لجورج ماي وهذا ما جعله يكتب عن أجمل اللحظات والمحطات التي جمعتهما في مقدمة الطبعة الثانية للكتاب الذي صدر في السعودية ومصر سنة 2010 ولاقى أصداء كبرى في اغلب البلدان العربية.
يذكر أن الأستاذ “محمد القاضي” جامعي بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، مهتم بنظرية الأدب وبالسرديات النظرية وتطبيقها على الأدب العربي قديمه وحديثه، شارك في العديد من المؤتمرات والملتقيات الأدبية في جل الوطن العربي مصر، السعودية، الجزائر، المغرب…
له العديد من الإصدارات من بينها “الأرض في شعر المقاومة الفلسطينية، “الفكر الإصلاحي عند العرب في عصر النهضة”، “كتاب المنهجية ” وغيرها كما ترجم العديد من الكتب منها “السيرة الذاتية ” لجورج ماي و “فوق الغيوم ” لمارك دوقان، وتحصل أيضا على العديد من الجوائز آخرها جائزة ابن خلدون سنغور للترجمة لسنة 2018 عن “سيلفي باترون”، “الراوي مدخل إلى النظرية السردية” كمشرف على فريق الترجمة المتكون من” محمد الخبو”،” أحمد السماوي” و”محمد نجيب العمامي” .
شارك رأيك