لم يكتف رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد بالتخلي عن جنسيته الثانية قبل الترشح للرئاسة حتى أوصى زملاءه المتنافسين معه أن يفعلوا مثله، أي بالتخلي عنها قبل الترشح، لا تأجيل التخلي عنها بعد الفوز، كما ينص الدستور.
بقلم الدكتور المنجي الكعبي
فهل تراه فكر أنهم سيسمعون له ويطيعون وهم في موقع المنافسة منه على الكرسي الأعلى في الدولة للأمر والنهي؟ أم تصور أن المصوّتين له ولأمثاله في هذه الإنتخابات ستلهيهم نصيحته لإخوانه المتجنسين عن وصف ما قاموا به بالفعل الأعظم من إخفاء الضرائب؟
ثم هل تراه استمع جيداً لمستشاريه لإخراج هذه التدوينة المأساوية التي يقرن فيها حظه بحظ آلاف التونسيين في اتخاذ جنسيات لهم لمجرد كونهم أقاموا واشتغلوا بالخارج؟ فهل أوصوه بالتكتم عليها عند تولي المسؤوليات بالداخل، والتي يحبذ العرف والإجماع الوطني أن لا تسند إلا لمن تتكشّف الضرورة القصوى إليه لتولّي المهام الرسمية وهو متخلّ عنها أساساً؟
أم تراه يسوّغ لأحد أعضاده أن يقول عنه دفاعاً عليه بأنه ما هو إلا من أبناء المدارس الفرنسية، ويلوح باستبعاد التخوين والتواطئ وبيع البلاد بحقه نافياً أن تكون هذه الأمور من لوازم الجنسية الأجنبية؟
ويسترسل هذا العضد الأيمن له في مقارنته بشخصيات بعضها من التاريخ الإستعماري المقيت وبعضها من العالم الغربي المتجانس بعضه ببعض وأخرى لا مشابهة بينها في الأهمية وبين وضعية المعني.
ومن قبيل رب عذر أقبح من ذنب، تثمينه تخلي سيده عن الجنسية قبل التقدّم للترشح مزرياً بمن يتعهد بذلك بعد الفوز.
هل لصرف النظر عن مخالفته هو بحمل الجنسية في ذاتها، وعن إخفائها مدته في الموقع الألزم عليه التصريح بها قبل ممارسة مهامه وهو يتقلدها؟
هل تراه وهو يفاوض نظيره الفرنسي لا يشعر بغبن بلاده ونظيره لا يستطيع أن ينظر اليه إلا بنصف عين؟
أم يريدنا أن نراه وقد قدّم ما أخّره الدستور قميناً باحترام الدستور روحاً ونصاً إذا أصبح سيد الموقف؟
أليس يُضيّق ما وسّع الدستور على من ليس مخالفاً مثله؟
* باحث جامعي ونائب سابق.
شارك رأيك