نظّم معهد تونس للترجمة بالشّراكة مع دار محمد علي للنشر لقاءا خصص لتقديم كتاب “في أصول الأرتودكسية السنية” للأستاذ عياض بن عاشور و الذي ترجمته إلى العربية الأستاذة أسماء نويرة وقامت بتقديمه الأستاذة آمال قرامي وذلك يوم الخميس 13 فيفري بقاعة الدكتور منجي الشّملي.
افتتحت مديرة معهد تونس للترجمة الدّكتورة زهيّة جويرة اللقاء قائلة: “في الكتاب تفكيك للأرتودكسيّة السنّية المتشكّلة عبر محاور عقائديّة وتشريعيّة وسياسية ومجتمعيّة وفكريّة تدرس ظواهر وتعبيرات وروابط خفيّة لا يمكن بيانها من القراءة الأوليّة بل وجب النّبش والتفحيص والتغلغل في المعاني المعمقة، ولعلّ في اختيار الأستاذ النوري عبيد مدير دار النشر محمد علي لعبارة “إنّ من البيان لسحر” الموجودة على غلاف النسخة المترجمة خير دليل على بلاغة وكفاية المضامين التي قد تحيلنا للإبحار عبر الزمن بغية التعرّف على خصائص هذه المدرسة”.
أسماء نويرة وصعوبات الترجمة إلى الغة العربية
و يذكر ان الاستاذ عياض بن عاشور وهو باحث جامعي و كاتب متخصص في النظريات السياسية الإسلامية والقانون العام، عُيّنَ بعد الثورة التونسية في 2011 كرئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
وقالت الأستاذة أسماء نويرة في هذا اللقاء: “ليس من السّهل ايفاء الكتاب حقّه رغم أني حاولت أن أكون أمينة قدر الإمكان في تعريب الكتاب واحترام جماليّة النص إلاّ أني واجهت جملة من التحدّيات لعل أبرزها صعوبة العودة الى المصادر قبل عمليّة الترجمة فإني أجد طبعات مختلفة عند البحث عن جملة أو فكرة هذا إلى جانب مشكلة نقل المصطلحات إلى العربية والتي يصعب عليّ أن أجد مرادفات بعض الكلمات الغربية والتي لا تؤدي إلى المعنى.”
أمال القرامي : الحلّ والأمل في الحركة النسوية وفي المثقّف الثّائر
وعبّرت الأستاذة أمال القرامي بالمناسبة عن اعجابها بالكتاب قائلة: “يجمع الكتاب بين مقاربات أنثروبولوجيّة وفلسفيّة تنهل من بحور عديدة ما يجعلني أقرّ أنّ عمليّة الترجمة لهذا الكتاب ليست بالهيّنة خاصّة وأنّي قرأت الكتاب الأصلي عدّة قراءات وكلّ قراءة تفتح لي آفاقا جديدة للغوص في معاني التراث الاسلامي والرجوع الى الإستشهادات في النصوص الأصليّة ،ففي الكتاب ديناميّة وجرأة بين ثلاثة عناصر أساسية متمثّلة في “أهل السيف” و”أهل العلم” و”العامة”، كما لفتت انتباهي أناقة وبلاغة العناوين المختارة “أحباب الرحمان” و”في مناقب الأمير والرّعيّة” و”الكتاب والميزان والحديد” و” من مرايا الأمراء إلى مرايا النساء”.
زهية جويرة.
أضافت القرامي: “يهتمّ الأثر بدراسة البنية الفكريّة الأرتودوكسيّة السنيّة بداية من رصد النشأة مرورا بالتحوّلات والبحث في الاسس الأنطولوجيّة من خلال العناصر الأساسيّة المكوّنة الأرتودوكسيّة “السّلطة” و”صناعة الأمّة” و”مكانة الأقلّيات”، هذا إلى جانب الأبعاد والدلالات الجديدة التي بيّنها عياض بن عاشور عن “نظريّة العنف” بين عنف محمود وعنف مذموم وعنف تعويضي وعنف جزائي، ويعالج الكتاب قضايا الرّدّة ومآلات المرتدّ مقابل تصوّرات الجماعة والتعامل مع الآخر المختلف عقديّا وفكريّا ثمّ يختم المؤلّف بنظرة استشرافيّة آملة بحثا في القانون الطّبيعي وثقافة المواطنة وقضايا حقوق الانسان والمرأة والأقليّات التي أربكت عمق هذا التّيار الديني خاصّة في قوانين العقوبات والأحكام والتّطرّق إلى اسباب الانسداد التاريخي”.
وختمت أمال القرامي في نهاية اللّقاء الذي جمع ثلّة من الكتّاب والأساتذة المترجمين والمحلّلين بالقول: “لا يسرد الكتاب الوقائع بقدر ما يعطيها قراءة تيلولوجيّة من حيث تفضيل العقل على النقل والتفاوض مع الاشعريّة والمرتزقة والتّفاعل مع المسلم الحداثي متوسّلا أسلوبا ساخرا معلّقا بجرأة عن التّراكمات التي انجرّت عنها الأرتودوكسيّة السنّية وقد جاءت في الكتاب عبارات شأن “المنظومة الدّينيّة الإقصائيّة” و”ابتداع الرّدّة مرتبط ببنية أرتودوكسيّة مغلقة”، ففي استعمال الأسئلة المستفزّة مخاطبة للقارئ تحذيرا من الوقوع في مزالق تاريخيّة تقرّ بفلسفة المذهب الواحد والتيار الواحد… وبن عاشور يرى الحلّ والأمل في الحركة النسوية وفي المثقّف الثّائر في امكانات ازاحة التسطيح والتقليد العام على هامش تيّار الشعبويّة الذي تشهده البلاد.”
شارك رأيك