الرئيسية » بن عبد الرحمان يكتب: يغيب مفهوم الدولة عندما يقرر الساسة التفاوض مع مواطنين بدون أي صفة مؤسساتية.

بن عبد الرحمان يكتب: يغيب مفهوم الدولة عندما يقرر الساسة التفاوض مع مواطنين بدون أي صفة مؤسساتية.

في تحليل له للوضع الذي تعيشه البلاد و لما وصلت له “الحكومة و هي تدق نعش الدولة تحت شعار الديمقراطية بتواطئ مريب مع بعض الاحزاب”، قال فوزي بن عبد الرحمان وزير الشغل سابقا عبر تدوينة نشرها مساء اليوم الخميس 3 سبتمبر 2020 ما يلي:

“و هذا يصبح أكثر صحة في نظام ديمقراطي من المفروض أن يفرز عبر إنتخابات حرة و نزيهة ممثلين لجهة أو لبلدية أو لأعضاء برلمان.

لماذا يختار مواطنون في جهات عديدة عدم المرور بنوابهم المنتخبين للنقاش مع السلطة المركزية ضاربين عرض الحائط بالسلط المحلية و الجهوية ؟ و لماذا يقبل نواب الشعب المنتخبون هذا الوضع بل و لماذا يهرولون للدفاع عن مشروعيات بدأت بإقصائهم كممثلين لجهاتهم من النقاش؟

و ما هي هذه البدعة التونسية التي تعتبر النقاش حول مطالب المواطنين لا يمكن أن يحمل من طرف الممثلين الشرعيين للشعب ؟ و أن النقاش لا يقع مع السلط المحلية أو الجهوية بل و رأسا مع السلطة المركزية…

و الأغرب من كل هذا عندما يكون موقف النقابات مساندا لهذه المنهجية في التحركات الشعبية. و هم الذين لا يرضون في مفاوضاتهم بغيرهم ممثلا لمطالب الشغيلين.

إذا فقد نواب الشعب المحليون و الجهويون صفتهم في تمثيل مطالب الشعب.. و في ذلك إقرار ضمني بعدم قبولهم كنواب للجهة (سواء كانوا محليين أو وطنيين).. ألا يكون من الأفضل عندها تنظيم إنتخابات سابقة لاوانها لإختيار ممثلين يحظون بشرعية و مشروعية كاملتين؟

و كيف تقبل السلط الجهوية هذا التغييب الكامل؟ و كيف تقبل الحكومة كسلطة مركزية التفاوض مع مواطنين ليست لهم أي مشروعية مؤسساتية بل و تصل الحكومة أن توقع اتفاقنا مع مواطنين ليست لهم أي صفة تذكر إلا تحركهم (المشروع و غير المشروع)؟

الإحتجاج مشروع و قمعه غير مشروع..

قطع المرافق العامة غير مشروع و يجب أن يجابه بمشروعية القانون. فقط.

أما الحكومة التونسية الحالية فهي غير قادرة على المحافظة على الدولة كتعبير عقلاني لتنظيم المجتمع و هي بذلك تتهرب من مسؤولياتها في تنظيم الإستماع إلى مشاغل المواطنين ثم في منهجية الحوار حولهم.

و لا تزال هذه الحكومة تدق نعش الدولة تحت شعار الديمقراطية.. و هي لا تدرك أنها تنسف ما بقى من مصداقية للدولة و مؤسساتها و الديمقراطية و تمثيليتها، كل ذلك بتواطئ مريب مع بعض الأحزاب ذات النظر القصير جدا.

و نحن بذلك نؤسس لواقع جديد تكون فيه الإنتخابات غير معبرة على مشاغل المواطنين و كذلك نتائجها. لان المواطنين سيلجؤون لتمثيليات خارجة عن نطاق الإنتخابات المحلية و الوطنية. و هكذا تنسف الديمقراطية بل و ينسف الحوار الاجتماعي.

أما رئيس الدولة فلعله ينظر بغبطة و سرور ما يجري. ألم يبني كل برنامجه السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي على مفهوم تطابق الشرعية و المشروعية و على آليات التمثيلية المحلية و آليات سحب الثقة. و هو إن كان كذلك فهو مخطئ لان هذه التعابير ستنسف فيما تنسف مفهومي الوحدة الوطنية و الصالح العام و هو المؤتمن عليهما دستوريا.

غياب قيادة سياسية مبصرة و كفؤة سيجر البلاد حتما لمزيد من تأزيم الأوضاع”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.