الرئيسية » الله يرحم التونيسار…

الله يرحم التونيسار…

ما يحدث في تونس الجوية من محاولات عرقلة الإقلاع، حدث في منابع استخراج الفسفاط و منابع تدفق النفط و الغاز و قنوات المياه وكل فانا هي هدف من أجل عيون الفاسدين و من لفّ لفّهم… ليس على أحد أن يتدخل، لا الرئيس و لا رئيس الحكومة، فقط على القانون أن يكون الفيصل، فإن كان صاحب حق فسيأخذه، و إن كان على باطل فليتحمل و من معه مسؤوليتهم، هكذا في كل الدول التي تحترم نفسها، يسود و يعلو فيها القانون لا غير…

بقلم توفيق زعفوري *

فاجأنا خبر وفاة السيدة محرزية العبيدي النائبة التونسية عن دائرة فرنسا، بعد صراع مع المرض و كانت قد سافرت منذ ما يزيد عن شهر للعلاج و لا يسعنا إلا أن نترحم عنها مهما اختلفنا معها سياسيا و ايديولوجيا، و ربما هي على حق و نحن على ضلال و الله أعلم بالسرائر، كما نترحم على مائة حالة وفاة بسبب الكوفيد حصيلة الأمس، رزق الله ذويهم الصبر و السلوان، وداع الأحبة يبقى دائما مر و يخلّف في الزمن الأخاديد العميقة، نفس الأخاديد التي أصابت جسد تونس الجوية منذ عشر سنوات أو يزيد و قد تملّكها مُصاب مزمن استعصى معه العلاج لأسباب نعلم جميعا مأتاها…

الغزالة ضحية وفاق مُفسِد

منذ شهور و مرصد رقابة يرصد حالات التلاعب و الفساد في شركة تونس الجوية من قبل ما يمكن أن نطلق عليه دون مواربة “عصابات المال العام” المتشبثين بامتيازاتهم المادية و المستفيدين من حالات الأزمات و من الوضع السائد لدرجة الوقوف في وجه كل محاولة لحلحلة وضع الغزالة أو النفخ في أجنحتها لتطير، و الغريب في الأمر أن أصابع الإتهام تتجه في كل مرة إلى نفس الجهة و نفس الأشخاص و نفس الوفاق المُفسِد…

النقابات من جديد في قفص الإتهام، هل فعلا هي تهمة كيدية لمجموعة نقابية مسنودة من المركزية و قد ظنت أنها فوق القانون و فوق المحاسبة؟

لا أعتقد أن النقابيين متجانسين، ففيهم الشريف و فيهم الأقل شرفا و فيهم أيضا من لا شرف له، و هؤلاء يجب رفع الغطاء عليهم و كسر أجنحتهم من أجل أن تحلق الغزالة، صحيح أن مشاكل الشركة ليست فقط هؤلاء، و لكنهم عرقلوا و لا يزالون كل محاولة للإصلاح حتى ذهب في ظنهم أن لا شيء يكون قبل أن تُلبى مطالبهم، علما أن الشركة بها مئات المديرين و أُغرقت بالانتدابات العشوائية ككل الشركات التي أصبحت في حالة إفلاس و انهيار تام كشركة فسفاط قفصة و شركة تونس الجوية و غيرها، ناتجة عن حالات إغراق بالولاءات و عديمي الكفاءة، ثم أن حالات الاعتصام البيزنطية هذه عليها أن تتوقف لأنها تترجم حالات التخلف و الازدراء، ما معنى أن تتطاول و تتطاوس، على القانون و التراتيب و تتأبط “جراية” و تضعها في مكاتب المسؤولين أو في بهو الإدارة و تنام و كأنك في بيتك! ما معنى حالات الإحتجاج التي يضع التونسي فيها بلده و مؤسسات بلده أمام الأمر المقضي، بدعوى أن له الحق في الاحتجاج، و غيره ليس له الحق في العمل!

حالات الإحتجاج التي تشل كل شيء لم تعد مقبولة

حالات الإحتجاج هذه التي تشل كل شيء لم تعد مقبولة و عندما يقف مسؤول و يقول أن هذا يجب أن يتوقف، تقف في وجهه الطامة و العامة من منتسبي الاتحاد الذين يجهلون حتى إختصاص المديرة و يصفونها بأبشع النعوت، و بالشعبوية في إشارة لا تخفى على أحد لقصر قامتها…

هذا عبث نقابي يحاسب عليه القانون، و إذ نقف في وجه الباطل فمن الضروري أن يحاسب كل على ما اقترفت يداه، أساسا نحن وصلنا لحالة الوهن و الافلاس لغياب الردع و الإفلات من العقاب، كما أنت من حقك أن تحتج، فمن حق غيرك أن يعمل، و حالة جر القطيع إلى مساندة نقابي مهما كان، دون الوقوف على أصل المشكل و إن كان له الحق أم لا، هي فقط مساندة المتخلفين عنوانها “هاني معاك”، أما لماذا أنت معه!؟ فهو لا يدري شيئا، هو يساند نقابي و كفى، حالة أخرى من ضعف المسؤولية و الانجرار الأعمى خلف أطماع زائلة زائفة…

ما يحدث في تونس الجوية من محاولات عرقلة الإقلاع، حدث في منابع استخراج الفسفاط و منابع تدفق النفط و الغاز و قنوات المياه وكل فانا هي هدف من أجل عيون الفاسدين و من لفّ لفّهم… ليس على أحد أن يتدخل، لا الرئيس و لا رئيس الحكومة، فقط على القانون أن يكون الفيصل، فإن كان صاحب حق فسيأخذه، و إن كان على باطل فليتحمل و من معه مسؤوليتهم، هكذا في كل الدول التي تحترم نفسها، يسود و يعلو فيها القانون لا غير…

* محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.