لعل تجنب تونس لما وقع من عنف سياسي و حروب أهلية في بلدان شقيقة نتمنى لها الخروج من أزماتها في أقرب وقت ممكن، يعود الفضل فيها لبرغماتية التونسي و انفتاحه على العالم الخارجي و ذكائه و قدرته على التأقلم الذي في غيابه تحصل الكوارث لا قدر الله.
بقلم مرتجى محجوب
العالم الذي نعيش فيه ليس اعتباطيا و هو يسير وفق مخططات و استراتيجيات تحددها و تفرضها القوى العظمى المتحكمة و التي تقف وراءها لوبيات المال و الأعمال في مختلف المجالات و القطاعات. هذه مسألة بديهية أيدها التاريخ و الحاضر و لا يمكن أن ينكرها أي كان.
الدول العربية و خصوصا الغنية منها بالثروات الطبيعية لا يمكن أن تكون خارج تأثير هاته اللوبيات العالمية التي تدرس و تستشرف حتى محاولات الاختراق و التحرر الشعبية لتوجهها وفق ما تقتضيه مصالحها و مطامعها التي لا حدود لها و تلك سنة الحياة و التاريخ الذي تحكمه موازين القوى.
هاته القوى الإمبريالية ستفعل المستحيل من أجل زرع الفتن و إجهاض كل مساعي و محاولات الشعوب للتأسيس لديموقراطيات تخدم شعوبها و تحرر طاقاتها و تكرس تدريجيا سيادتها على ثرواتها و خيراتها المستباحة.
بعد الأنظمة الشمولية منتهية الصلوحية، كان مشروعهم تمكين الإسلام السياسي تحت يافطة ديموقراطية مزيفة ينخرها المال السياسي الفاسد و توظيف الدين لدغدغة و استقطاب مشاعر الشعوب ذات الغالبية الساحقة المسلمة. لكن مشروعهم اصطدم بعديد المطبات و خلف الحروب و الويلات و الأهم من ذلك سمح لعديد القوى العالمية باستغلال الظرف و الدخول بدورها على خط النهب و الابتزاز.
بعبارة أخرى، انفلتت الأوضاع و لم يعودوا لوحدهم متحكمين في نهب و سرقة خيرات الشعوب. فكان خيارهم بإغلاق قوس الإسلام السياسي و بدعم أي شكل من أشكال النظم غير الديموقراطية أو على الأقل و هنا أتحدث عن الحالة التونسية، التوجه نحو نظام رئاسي يسهل التحكم فيه و الضغط عليه بطريقة أو بأخرى وفق ما تتطلبه استراتيجياتهم الشيطانية التي لن تنتهي بكل تأكيد الا بعودة المسيح…
تونس بحول الله ستخرج بأخف الأضرار طالما ابتعدنا عن العنتريات و الشعارات الرنانة و تفاعلنا إيجابيا و برغماتيا مع المتغيرات الجيو استراتيجية الدولية و تغير اتجاه الرياح.
و لعل تجنب تونس لما وقع في بلدان شقيقة نتمنى لها الخروج من أزماتها في أقرب وقت ممكن، يعود الفضل فيها لبرغماتية التونسي و انفتاحه على العالم الخارجي و ذكائه و قدرته على التأقلم الذي في غيابه تحصل الكوارث لا قدر الله.
فتونس لمن ينسى أو يتناسى ليست قوة عظمى في هذا العالم…
شارك رأيك