الرئيسية » الأسباب الوجيهة لرفض الرئيس قيس سعيد الحوار مع حركة النهضة و أتباعها

الأسباب الوجيهة لرفض الرئيس قيس سعيد الحوار مع حركة النهضة و أتباعها

ظروف البلاد السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية تفرض الحوار الوطني حتى و لو كان شكليا، فكسر حاجز عدم الثقة هو بداية التواصل بين مؤسسات الدولة و إشعار بتماسكها و تناغمها و جسر للهوة التي تفصل بينها. و لكن، في ظل الأوضاع الراهنة، الرئيس قيس سعيد غير مستعد لإعطاء الشرعية لأي حوار تشارك فيه أطراف هي السبب الأول في الأزمة الخانقة في تونس و يعول على سقوط الحكومة الحالية و تغير الخارطة البرلمانية و مزيد تضييق الخناق على الإسلام السياسي لتتكشف رؤيته للخروج من الأزمة، الرؤية التي طالما نادى بها، و هي غير تقليدية و وفق أسس و مبادئ جديدة…

بقلم توفيق زعفوري

تكاثرت الدعوات إلى الحوار الوطني، من مختلف الأحزاب و المنظمات و المجتمع المدني و الأكادميين و حتى من متقاعدي المؤسسة العسكرية، و كانت هذه القوى تدعو الرئيس قيس سعيد برمزيته الدستورية و صفته الاعتبارية إلى قيادة الحوار من أجل إخراج تونس من الوضع المتأزم الذي تعيشه منذ سنوات، لكن الرئيس يرد متأخرا على دعوات الحوار، و لم يذكر أنه بادر بدعوة الأحزاب أو الشخصيات من أي جهة كانت إلى الاجتماع أو التحاور، فلماذا لا يتحاور الرئيس و لا يتجاوز الخلافات السياسية مع قائد حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي و مع رئيس الوزراء المتمرد عليه هشام المشيشي ؟

منظومة منتهية و ميتة و لا فائدة في إعادة نفخ الروح فيها

 أول الأسباب هي أن الرئيس رافض للحوار مع منظومة يعتبرها سبب الأزمة و هي في نظره منظومة منتهية و ميتة و لا فائدة في إعادة نفخ الروح فيها من جديد.. 

ثانيا، يرى الرئيس أن أي حوار مع أي من الأحزاب التي يتحفظ على حضورها لأسباب سياسية و قانونية كونها منخرطة أو غارقة في الفساد، هو بمثابة شرعنة الفساد، و الجلوس مع الفساد على نفس الطاولة، هو ضرب لمبادئه التي طالما نادى بها.

ثالثا، لا يبدو الرئيس مجمّعا فهو يصطف مع شق سياسي ضد شق آخر يعتبره فاسدا أو عليه تحفظات كبيرة و عليه فإن دعوة حزب دون آخر أو منظمة دون أخرى سيجعل من الحوار منقوصا و متجزء و بالتالي ينتهي إلى الفشل حتى قبل أن يبدأ.

لكل هه الأسباب مجتمعة لم يبدأ الحوار بعد و لا أعتقد أنه سيبدأ  لأنه محكوم عليه بالفشل، و لأن ظروف نجاحه لم تنضج بعد و لعل الرئيس لا يثق في نتائجه و لا حتى هو مقتنع بمبدأ الحوار أصلا، إلا إذا كان وفق شروطه هو، و يفضي إلى نتائج يحددها هو، و توصيات يوصي بها هو. و هكذا حوار لا يناسب النهضة و لا أي حزب آخر، و الدعوة إليه هو ضرب من العبث…

كسر حاجز عدم الثقة أو إسقاط منظومة الإسلام السياسي ؟

منذ شهور طويلة و نحن نسمع على الحوار الوطني، منذ شهور و رئيس المنظمة الشغيلة قد أودع رؤيته للحوار لدى الرئيس و قام بوساطات بينه و بين باردو من أجل الحوار و لا شيء رشح عن تلك الجولات المكوكية و لا حتى تصريح إيجابي بقبول مبدأ الحوار و بموعده، لا شيء من ذلك، لذلك تحفظ نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل على كل المساعي و صار هو أيضا قليل الحماسة للحوار رغم أهميته… 

ظروف البلاد السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية تفرض الحوار حتى و لو كان شكليا، فكسر حاجز عدم الثقة هو بداية التواصل بين مؤسسات الدولة و إشعار بتماسكها و تناغمها و جسر للهوة التي تفصل بينها و لكن، في ظل الأوضاع الراهنة يعول الرئيس على سقوط الحكومة الحالية و تغير الخارطة البرلمانية و مزيد تضييق الخناق على الإسلام السياسي لتتكشف رؤيته للخروج من الأزمة، الرؤية التي طالما نادى بها، و هي غير تقليدية و وفق أسس و مبادئ جديدة… و هذا من حقه، بل هناك عدد كبير من التونسيين يرون رأيه، و ما أدل على ذلك من بقائة على رأس كل استطلاعات الرأي متقدما من بعيد كل المنافسين…  

شارك رأيك

Your email address will not be published.