الرئيسية » غزة العزة، غزة البطولة، غزة النصر…

غزة العزة، غزة البطولة، غزة النصر…

سكان غزة صمدوا ببطولة نادرة في وجه الجيش الإسرايلي المدجج بالقنابل المدمرة.

والله، لأقلّ ما أثلجت صدرنا به معركة المقاومة الفلسطينية أخيرا تذكيرنا بشهدائنا في  الوطن الذي عزته من عزة دينهم. أليس عقيدة الشهداء في فلسطين وغيرها واحدة، لقد ماتوا جميعا في سبيل الله، والله تعالى سمى نفسه الحق، فكل شهيد هو شهيد الحق، وكلهم عند ربهم فرحون و((وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ)) ليكبر صفهم ويزدادوا عدداً في سبيل نصرة قضيته بما كُتب لها من شهيد حتى تنتصر. ألم يكتب الله للجزايرييين أكثر من مليون ونصف المليون شهيد لتحرير بلدهم من ربقة الاستعمار الفرنسي، الذي لم تعتذر دولته الى الآن.

بقلم الدكتور المنجي الكعبي *

وعقيدة الدفاع عن الحق المقدس تسمى المقاومة وفي آخر مطافاتها الجهاد الإسلامي أو ما إلى ذلك من المسميات، أما حق الدفاع عن النفس، الذي أباحوا به لإسرائيل فليس بحق لمن ظلم، لأنه يكون كمن يدافع عن ظلمه. فما فائدة القانون الدولي، بل كل قانون إذا جوزنا للخصم أن يقتص لنفسه من خصمه دون مرجع نظر أو قضاء عادل.

وليس بمسغرب أن يكون رئيس الولايات المتحدة  الامريكية هو من صدع بهذا القانون الهمجي بل أباح به لإسرائيل لتدمير غزة على رأس حماس والمقاومة في كافة الأرض المحتلة والقدس والشيخ جراح، مع ما فيه من اعتداء على  حقوق الفلسطينيينن، وتلاه عدد من القادة الأوروبيين. و هذا غير مستغرب منهم إلا أن تكون النزعة الامبريالية أو الاستعمارية لا زالت مسيطرة على أذهان هؤلاء المسؤولين، أو هم مع كل معركة  لإسرائيل يجددون حنينهم للصهيونية التي باركوها كفكرة رتقا للفتق الذي لم يندمل بعد مآسيهم بطرد اليهود من بلدانهم والاقتراح عليهم تعويضاً بدولة لهم في قلب مستعمراتهم القديمة، ولكن، لا دولة مستقلة لليهود وحدهم  كما فكر هرتزل، بل تتسع  للفيف اليهود المتصهينين مثله، من المهجّرين من كافة أقطار أوروبا بنزعة معاداة السامية. فتصبح مستعمرة مثل جنوبي إفريقيا تحت الاستعمار الانقليزي بطبيعتها التدمييرية.

إسرائيل تدمر أرض فلسطين لتغتصب حق أهلها

ومنه هدف التدمير من كل معارك إسرائيل مع العرب والفلسطينيين بدرجة أولى، التدمير لاغتصاب الأرض، والحلول محل صاحبها.  فأين من هذا الهدف العدواني عقيدة الدفاع عن الحق المقدس عند  الفلسطينيين بالمقاومة وبالجهاد.

فإسرائيل في المنطقة حليفة استعمار أوروبي، وربيبة استعمار أمريكي تدميري انتهازي  بالأساس هو الآخر.

وبعد صفقة القرن جاءت قاصمة الظهر من غزة، كريح عاصف لنسفها. وبعد هذا الرد الرباني المؤيد للفلسطينيين كل شيء سيصبح متغيراً. وفي المقدمة زيادة تحرر الامريكيين أنفسهم  من ضغوط الصهيونية مثلهم مثل عدد من الساسة في أوروبا الذين استمعنا إليهم أخيرا، بأن هذه الدولة اليهودية المناهضة بالأساس لجميع دولهم والتي ولت ظهرها إليهم بصفقة القرن التي عقدتها من وراء ظهورهم، مع ترامب وبعض دول الشرق الأوسط مستقوية بتقدمها العلمي وسلاحها النووي، قد تدفع بهم إلى الانتحار معها إذا أرخوا لها الحبل متجاهلين رهبة عالم عربي إسلامي هو الآن أقوى من كل وقت مضى بحركاته المسلحة ودوله المركزية الوازنة، وقواه الاستراتيجية الكامنة.

وليس أولى باليهود من أنفسم لاجتناب انضوائهم تحت أنظمة أمريكية أو أوروبية تعود بهم الكرة كما حصل لهم في السابق، أو حتى أخيرا بصفقة القرن تحت نظام ترامب، فكانت المقاومة الفلسطينية عليها هذه المرة أقوى وأشد وأشمل.

لأنه  لا أحد من الحكماء بإمكانه أن يقنعن اليهود بأن نظام المسلمين آمنُ لهم وأعدل بهم، أليس المسلمون وحدهم هم الذين برّأهم قرآنهم من قتل عيسى عليه السلام وصلبة، كما فسر بعضهم الآية الكريمة “وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ”.

وبعضهم هذا، ما هو إلا واحد من دعاة النهضة في  تونس، وما رأيت من تجرّأ على هذا التفسير غيره، ربما تطبيعاً أو مودة، لأنه كان يتحدث في معرض تذكير أي تذكير اليهود بأن المسيحيين ما عادوهم طوال تاريخهم إلا لما فعلوه بنبيهم عيسى عليه السلام. وسمعت هذا بأذني فى حوار له بإحدى قنواتنا الإذاعية في الأيام الأخيرة من العدوان الإسرائيلي على غزة.

ولا أدري إن كانت أُذن اليهود ستكون صاغية لتغيير سياساتهم نحو المسلمين أو نحو الآخرين بصورة عامة.

فاليهود لم يرضوا بحكم المسيحيين لهم داخل دُولهم في الماضي فمن الصعب أن يرضوا به وهم خارجهم، في أرض الميعاد كما يقولون، في دولة مستقلة منافسة لهم في العلم والجاه والتسلح، أحرار في التصرف في شؤونهم ولا يبيحون لأحد الحد من سلطتهم على من دونهم أو توجيه سياساتهم العدوانية مع دول الجوار لهم بنية التخريب والتدمير والحلول محل.

* باحث جامعي و نائب سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.