تحاول الأحزاب السياسية أن تنقذ نفسها من الاندثار الذي لاحقها كأنه شبح مخيف في وجه الزحف الرئاسي نحوها، من خلال ما تبثه من تحليلات للواقع السياسي في تونس بعد الخامس والعشرين من جويلية 2021، والتركيز على الحديث عن خرق الدستور و سعي الرئيس قيس سعيد إلى استحداث نظام سياسي جديد مبني على حكم الفرد، و غيرها من الآراء الخاطئة التي تروج لها هذه الأحزاب في محاولة لإرجاعناإلى المربع الأول والنفق المسدود الذي وضعتنا فيه تائهين طول عقد من الزمان.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
هذه المحاولات اليائسة والبائسة لن تنجح في إقناع أحدخاصة إذا توفرت الإرادة السياسية نحو التغيير والتعجيل باتخاذ قرارات صارمة وحاسمة و عادلة من شأنها أن تجعل المواطن التونسي يشعر بالفعل بأنه يعيش في ظل دولة قوية يمكن أن ترقى وأن تغير المشهد الاقتصادي والاجتماعي ومن ثم السياسي إن لزم الأمر.
حملات شرسة لتشويه سمعة الرئيس السيد قيس
هناك حملات شرسة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه سمعة رئيس الجمهورية السيد قيس سعيد وتبحث عن مواقع الخلل وتركز عليها بالمجهر لبيان أن الرجل يعمل لجهات خارجية وأنه ضعيف لا قدرة له على التغير وأنه يسعى لتكريس حكم الواحد وكلها أفكار تعشش في أذهان المعارضين له، ولم يتركوه يعمل في فترة رئاسته التي تمتد خمس سنوات، وما ضيركم أيها الناقدون والمتحاملون بشدة عليه أن تصبروا وتدعوه يعمل في مجاله، فلديكم صندوق الاقتراع، والانتخابات الرئاسية المقبلة قريبة فيمكنكم أن تفعلوا وتقرّروا، فمن الإجحاف اليوم أن نركّز على الوهم ونصوّره للناس بأنه الحقيقة الدامغة رغم أن المؤشرات والتصريحات تخالف ما يسعون إليه.
على الأحزاب أن تهدأ وعلى المنتقدين لسياسة الرئيس أن يكونوا واقعيين فلا يلجؤوا للسب والشتم للنيل منه بأي وسيلة والإصرار على أنه مخطئ في كل ما يفعل وليست لديه أي إيجابية في ما يقول وفي ما يعمل ويقرر، فالرجل له رؤية مستقبلية كأي رئيس دولة ونرى ماذا يفعل والشعب في النهاية هو من يقرر، فالعودة إلى الوراء وإلى الهرج والمرج الذي رأيناه هو ما يريده هؤلاء وما تريده الأحزاب التي اهتزت مكانتها عند الشعب ولم تعد موجودة أو مؤثرة في المشهد السياسي. وفي المقابل على مؤسسة الرئاسة أن تُسرع الخطى نحو التغيير بثبات وعزم وإرادة، والعمل من كل الزوايا حتى لا ينفذ من أي زاوية هؤلاء المتصيدون نحو إرهاق المؤسسة الرئاسية بتجاذبات وآراء تلهيها عن المراد تحقيقه في فترة زمنية قصيرة.
لا مجال للعودة إلى الوراء وإلى الهرج والمرج الذي أضاع البلاد و العباد
فكلما طال الزمن ليس في مصلحة الرئيس، وكلما توسعت الفجوة بين الشعب والرئاسة ازدادت الشكوك والظنون، وكلما استمع الناس للمتربصين وأنّاتهم الواهمة دق ناقوس الخطر من جديد، فلا بد لمؤسسة الرئاسة أن تُبقي على هؤلاء لا يتنفسون، فإذا تنفسوا وجدوا المجال للعب على الزوايا ومن ثم السيطرة على المشهد بأكمله، إنها الحرب كما قال الرئيس ضد مافيات الاقتصاد والسياسة في تونس التي تعمل بخفاء ودهاء من أجل الحد من تحركاته وإبعاده عن التغيير الحقيقي والجوهري، وهذا هو محور الصراع بين الطرفين، فكلما أسرع الرئيس في اتخاذ قرارات مهمة على المستوى العام، دخل الشعب في مرحلة جديدة من الأمل نحو بلوغ الهدف، وكلما تراخى في أي قرار مصيري قد يُرجع ذلك إلى الوراء فعلا وهو ما ترمي إليه الأحزاب وتسعى إليه بكل قوة.
فما تفكر فيه الأحزاب اليوم ليس استرجاع المكانة التي خسرتها بقدر ما تسعى إلى إضعاف مؤسسة الرئاسة وبيان أنها تُوهم الشعب بالتغيير لكنها في الحقيقة تسعى لترسيخ نظام حكم الواحد وإرساء الديكتاتورية من خلال نشر مقالات مزيفة ومحرفة لتحويل وجهة المواطن وإقناعه بغض الطرف عن تأييد الرئيس في توجهه الإصلاحي، وعلى هذا فالمعركة مستمرة كما يبدو وقد رأينا تراجعا نسبيا لمؤسسة الرئاسة بينما تسجل الأحزاب نقاطا مهمة وإذا استمر المشهد على هذا الحال من الضعف من قبل الرئاسة والقوة من قبل الأحزاب دون أن ترتد الهجمات المعاكسة بقوة وتسجل أهدافا حقيقية ويكون الجمهور فيها إلى جانب الرئيس بقوة وعزم فإن المشهد سيؤول مرة أخرى إلى مربع الصفر وسنجد أنفسنا أمام مرحلة من التوتر والاضطراب التي لا نخرج منها أبدا.
على الرئيس اليوم أن يبادر بإرساء محطات أخرى في أقرب الآجال، حتى لا يسأم المواطن ويغير رأيه في كل شيء، وعليه أن يسرع في اتخاذ القرارات حتى لا يترك الفرصة للآخرين أن يقتنصوا الفجوات التي تحدث بين الفينة والأخرى وتستغلها بعض الجهات لصالحها لتقوية نفسها.
شارك رأيك