من المقولات المشهورة ان”الكلام جعل لنخفي ما نريد”، و من الأكيد أن ذلك ينطبق تماما على بيانات رئاسة الجمهورية التونسية (المتعلقة أساسا بالخارج) وعلى روايتها الخاصة لفحوى المكالمة الهاتفية الأخيرة بين قيس سعيد و الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ويبدو ان ما تم إخفاؤه في بيان الرئاسة التونسية قد ظهر بارزا فيما نشره قصر الإيليزيه يوم 2 أكتوبر الجاري.
بقلم القاضي أحمد الرحموني
و بإستثناء الإشارات السريعة للتعاون بين البلدين والوضع الصحي في تونس وشؤون الهجرة التي مثلت قاسما مشتركا بين البيانين، فإن بيان الرئاسة التونسية قد أهمل حديثا طويلا بين الرئيسين حول الأوضاع الداخلية لبلادنا، حيث أورد بيان الرئاسة الفرنسية ان ماكرون “قد ذكر رئيس الجمهورية التونسية بأنه يتابع الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي في تونس باهتمام كبير” كما أشار رئيس الجمهورية الفرنسية إلى “الجدول المؤسسي المنتظر من الشعب التونسي والمجتمع الدولي وأعرب عن تمسكه بإقامة حوار تشارك فيه مختلف مكونات الشعب التونسي حول الإصلاحات الهيكلية المرجوة. “
إطلاق الحوار الوطني لمن و تحت ضغط من ؟
كما أشار السيد قيس سعيد – حسب البيان الفرنسي – إلى”أن الحكومة ستشكل في الأيام المقبلة وأنه سيتم إطلاق حوار وطني بعد ذلك مباشرة. وأكد تمسكه بدولة القانون.”
وربما لا يهم في ضوء ذلك اختلاف الصياغة أو تخفيف الكلمات في البيانات السياسية، لكن قد يكون من المفارقات أن نسمع على لسان رئيس الجمهورية التونسية حديثا عن حوار وطني في آجال قريبة من بيان للرئاسة الفرنسية، وأن يغيب ذلك عن بيان الرئاسة التونسية.
ولا أدري إن كان لنا أن نستنتح أن إطلاق الحوار الوطني (الذي رفضه دائما قيس سعيد) سيكون استجابة للرئيس الفرنسي أو المجتمع الدولي، في حين أن ذلك مطروح وطنيا منذ تعطيل مؤسسات الدولة وطيلة فترة الانتظار الطويلة.
كما لنا أن نلاحظ غياب أية إشارة للحوار عند صدور التكليف لرئيسة الحكومة الجديدة أو عند الكشف عن أولوياتها.
أي دور للإتحاد العام التونسي للشغل ؟
ورغم ذلك لنا أن نتساءل إن كان هناك ارتباط بين حديث الرئيسين عن حوار وطني و استقبال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل لسفير فرنسا بتونس يوم 1 أكتوبر الجاري الذي ثمن – حسبما نشر من فحوى اللقاء – دور الإتحاد الوطني في كافة المراحل التي مرت بها البلاد. إضافة لما أعقب ذلك اللقاء من إعلان الإتحاد يوم 2 أكتوبر الجاري عن فتح نقاش مع عمداء الكليات وخبراء القانون وعلماء الإجتماع حول رؤية المنظمة للمرحلة القادمة وذلك تحت إشراف الأمين العام للإتحاد بقصد إعداد تصورات ومقترحات وما يجب أن يفتح من مناقشات سياسية حول مشاريع مراجعات القانون الانتخابي و النظام السياسي وقانون الأحزاب والجمعيات (انظر الصفحة الرسمية للإتحاد العام التونسي للشغل).
فهل نحن بصدد ترتيبات مسبقة حول حوار “موجه” بتدخل فرنسي يكون فيه الإتحاد المحاور الأساسي للرئيس و الحكومة وذلك بشأن مراجعات تتعلق بالدستور (النظام السياسي) والتشاريع الخاصة بالحياة السياسية والمدنية ؟
شارك رأيك