الرئيسية » محسن مرزوق: لهذه الأسباب “لا يجب ان لا نستسهل هذا البيت “إذا الشعب يوما أراد الحياة” أو نردده دون فهمه

محسن مرزوق: لهذه الأسباب “لا يجب ان لا نستسهل هذا البيت “إذا الشعب يوما أراد الحياة” أو نردده دون فهمه

حول ماهية حب الحياة كما قالها شاعر تونس أبو القاسم الشابي، كتب الشاعر محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس، مساء اليوم الاربعاء 3 نوفمبر 2021 ما يلي:

“فلا بد أن يستجيب القدرْ
هكذا قال أبو القاسم الشابي. والبيت معروف ويحفظه ويردده بالغناء أغلب الشعب التونسي.
ولكن هل توقفنا مرة وفكرنا: ما المقصود “بالحياة” التي يعنيها أبو القاسم الشابي؟ حياة الشعب كمجموعة من جهة ومجموعة أفراد من جهة أخرى؟
هل هي الحياة بمعنى أن تكون لدينا مواصفات الكائن الحيّ الذي يتنفس ويأكل ويشرب ويتغوّط وينام ويصحو ويولدُ ويموت فقط؟
لم يقصد أبو القاسم الشابي هذا أبدا.
الحياة المقصودة عند الشابي تفهمُ بالمعنى الحضاري. الحياة هي أن نتميّز عن الحيوان بالعيش على خلق. لا نؤذي الغير ونحب لأنفسنا ما نحب لغيرنا. الحقد والتشفي والغيرة المرضية وكره نجاح الاخرين وعدم إحترام الفضاءات العامة التي ترمي فيها الزبالة ولا تقع المحافظة إلا على نظافة الفضاء الخاص فحسب إلخ كل هذه الأمراض لا علاقة لها بالحياة بمفهومها الشابي.
الحياة تفهم أيضا من منظور الجمال. فتصير حياتنا سعيا للجمال. ويظهر ذلك في الروح طبعا ولكن في العمران والثقافة. بشكل عام في بحثنا العميق على أن تكون إنسانيتنا حية وإضافة للكينونة الانسانية العالمية.
الحياة أيضا هي الطموح للنجاح وخاصة في ما جعل الانسان إنسانا أي قدرته على خلق الثروة. فعكس الحيوان الذي يتعامل مع الطبيعة كما هي يقوم الانسان بخلق الثروة من خلال التحويل. وهذا يتطلب تطوير المعارف والعلوم. ولا حياة لمن يعيش من نتائج حياة غيره.
الحياة هي أيضا انتماء لجماعة. ليس الانتماء المرضي لجماعة يعتقدون أنهم خير الناس بيننا هم صاروا في أدنى السلّم. بل الانتماء الفخور المتحرر من العقد الذي يبحث عن مكان تحت نور العالمية من خلال التحويل المبدع للخاص والاستثنائي ليصير جزء من الارث الانساني. والذي يعرف أن الحياة هي للجسورين والطامحين.
هذه هي الحياة التي يقصدها الشابي. وإذا لم نُردْ هذه الحياة فلن يستجيب لنا لا القدر ولا ابن عمه. بل سيتجاهلنا ويرفضنا ويقهرنا ويدوس بأقدامه على جدّ امّنا.
لذلك يجب أن لا نستسهل هذا البيت أو نردده هكذا دون فهمه.
طبعا سأسمع من يقول غير هذا من ركيك المقاربات التي تحوّل القبح ثقافة والوسخ سلوكا والفقر قدرا والكسل عبادة كل ذلك طبعا مع تحميل المسؤولية لأولئك …وهمْ… والذين… وكل أغوال مؤامرات الكون. عِوَض مراجعة النفس بشكل مؤلم للخروج من حياة ليست حياة ولن يستجيب لها لا القدر ولا صدف القدر.
لذلك كتب أبو القاسم الشابي قصيدته الشهيرة ومطلعها: أيها الشعب ليتني كنت حطابًا لأهوي على الجذوع بفأسي….
تعرفونها؟
مؤلمة جدا!!”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.