الرئيسية » راشد الغنوشى : تونس لا تعادى إسرائيل…

راشد الغنوشى : تونس لا تعادى إسرائيل…

المتخابر الكبير…

لعلها أول الرسائل و التصريحات المعبرة عن  فكر و مشروع حركة النهضة، تونس لا تعادى إسرائيل، هكذا تجرأ شيخ الحركة و مرشدها و نطقها دون حمرة خجل، تماما كما فعل  رئيسه الراحل محمد مرسى حين وجه تلك الرسالة الحميمية جدا لرئيس الكيان الصهيوني الغاشم واصفا إياه ب” عزيزي شمعون بيريز”. 

بقلم أحمد الحباسى *

بطبيعة الحال كل من طالع و اطلع على تاريخ حركة  الإخوان المسلمين يدرك تماما علاقة هذه الفئة الضالة بكل من إسرائيل و بالأيباك  الصهيوني و  بأجهزة المخابرات الانكليزية و الأمريكية إلى غير ذلك من الدكاكين و الكيانات العميلة المشبوهة.

أكيد أيضا أن للنهضة علاقات  خفية مع كثير من الجهات المتآمرة على الوطن و من بين هذه العلاقات العلاقة الآثمة مع المخابرات الصهيونية و التي تم استثمارها جيدا عند نقل و تسفير  و “استرجاع” كثير من الإرهابيين من تونس إلى سوريا و العكس.

حركة في خدمة بعض المهمات القذرة

لا يمكن لعاقل  أن يتجاهل الحقيقة القائلة بأنه لا سبيل لمرور مثل هذا العدد من الإرهابيين إلى سوريا دون علم أو موافقة المخابرات الصهيونية و لا يمكن لعاقل أن يقبل بعدم وجود تنسيق بين بعض الجهات المشرفة على تدريب و تسليح الإرهابيين في حركة النهضة  و بين المخابرات الصهيونية و طبعا جهاز المخابرات التركية بقيادة هاكان فيدان و جهاز المخابرات القطرية الذي ثبت تواجد أعوانه في تونس للقيام ببعض المهمات القذرة من بينها توزيع الأموال على بعض الأحزاب و الجهات التي تقوم بعدة مظاهرات مشبوهة و بالذات في الجنوب لضرب الاستقرار و مشاغبة القوات الأمنية بغية تسهيل تسلل الإرهابيين من التراب الليبي إلى تونس.

بطبيعة الحال هناك حالة تشابك مصالح بين حركة النهضة و بعض الجهات الأجنبية المتآمرة و هذا الأمر لم يعد سرا و بطبيعة الحال فان كشف وجود عقود إشهار و  لوبيينغ بين النهضة و جهات صهيونية مشبوهة يأتي في إطار و سياق هذه العلاقة.

ربما تنفى حركة النهضة كعادتها أية علاقة بالمنظمات الصهيونية الفاعلة في العالم و على رأسها طبعا منظمة الأيباك لكن الحركة لا يمكنها أن تكذب ما نشرته مجلة “ويكى ستندارد” التابعة لما يسمى بالمحافظين الجدد في أمريكا التي كشفت أن راشد الغنوشى و خلال جلسة مع باحثي المعهد أكد أن الدستور التونسي الذي كان في فترة الانجاز لن يتضمن أية إشارات معادية لإسرائيل أو للصهيونية.

بطبيعة الحال نحن نعلم كم أصرت كتلة الحركة بالمجلس التأسيسي ثم بمجلس النواب على تنفيذ هذا الوعد القبيح و كيف صدر الدستور خاليا من كل تلميح أو تصريح في هذا الشأن. 

لعله من الوجيه القول أن  إصرار الحركة على عدم إدراج بند رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني في الدستور لم يكن إرادة شخصية بحتة لزعيم الإخوان في تونس بل هو امتثال العبيد للسيد المتمثل في مرشد منظومة الإخوان العالمية و للدولة الخليجية الممولة للحركة . فليس من الإخوان من يرفع الفيتو في وجه الصهاينة و ليس مقبولا بالنسبة لجماعة تنتمي لهذا الفكر الخائن أن تعادى الدولة المارقة القادرة على حماية وجود هذا الهيكل المتآمر على الأمة العربية.

كما بنت إسرائيل “دولتها” على مفهوم مزيف اسمه “فلسطين أرض الميعاد” فقد بنى الغنوشى حلمه  بتأسيس الخلافة السادسة على أن تونس هي أرض الميعاد بالنسبة لكل الإرهابيين المنتمين لفكر ما سماه الرجل “بالإسلام الغاضب” في العالم في إشارة و توصيف قبيح لكل المنتمين لما يعرف بالإسلام المتطرف و على رأسهم منظومة داعش الإرهابية. أيضا كما بنت إسرائيل كيانها على مفهوم الصدمة و الرعب لترهيب الدول العربية فقد أقام شيخ الإخوان راشد االغنوشى حركته على نفس المفهوم بحيث شاهدنا كيف تحولت تونس بعد الثورة إلى بؤرة تفجيرات و اغتيالات و استهداف للمنظومتين الأمنية و العسكرية  إضافة إلى ترويع مباشر و علني لكل معترض. 

حركة النهضة في قمة النفاق السياسي

لقد سعى الكيان الصهيوني إلى الاستثمار في الإعلام لتبييض صورته القذرة و تلميع وجهه العنصري القبيح و كذلك فعلت حركة النهضة بشراء وسائل الإعلام و إمضاء عقود اللوبيينق بالمليارات الخليجية مع جهات صهيونية و لن ننسى طبعا أن نشير إلى وجود تسريبات قوية تؤكد إرسال كميات من أرشيف أمن الدولة إلى جهة خليجية و أخرى صهيونية من باب تقديم الخدمات لبعض أجهزة المخابرات لمساعدتها على تحيين بنك معلوماتها.

يدرك المتابعون زيف كل الشعارات و المواقف السياسية التي رفعتها حركة النهضة من باب النفاق السياسي و لعل أكبر شعار زائف من بين هذه الشعارات هو شعار مساندة القضية الفلسطينية . يكفى فقط أن نذكر  بالحضور المتكرر للغنوشى في عدة ندوات لمنظمة الايباك ذات النفوذ الصهيوني، تعمد الغنوشى مجرد التلميح للقضية الفلسطينية في المؤتمر العاشر للحركة مثيرا غضب صديقه الحميم عزام التميمى ، ارتباك و محاولة الغنوشى التنصل من انتماء الشهيد محمد الزوارى للحركة، حضور صهر الغنوشى رفيق بوشلاكة المؤتمر التطبيعي الاقتصادي في قطر و جلوسه جنبا إلى جنب مع المندوب الصهيوني في صورة أسالت كثيرا من اللغط الإعلامي . لكن لعل الموقف الصريح الأبرز قد أتى  على لسان المسمى “بعلى الرشّ “أحد قيادات الجهاز السري للحركة حين اعترف و جاهر بأن رفض الحركة لتجريم التطبيع هو قرار داخلي متفق عليه يأتي في سياق ما سماه بالواقعية السياسية و لذلك لم يكن مفاجأة أن تلازم الحركة الصمت المطبق حين قرر الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية  للقدس الشريف في تصرف أرعن أثار حفيظة كل أحرار العالم.

لعل من يعرف بعض  قواعد التصرف داخل هذه الحركة يدرك أن على العريض ينطق بلسان مرشده الشيخ راشد الغنوشى و أن هذا الموقف  قد أملته ظروف معلومة تتعلق بمدى حالة تشابك المصالح بين فرع الإخوان في تونس و منظمة الأيباك و مطابخ السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية.

هذا الانهيار السياسي و الأخلاقي ليس جديدا لدى شيخ النهضة و من يقف وراء الاغتيالات و سفك دماء الأبرياء لا  يمكن أن تكون له أية مواقف أو مشاعر مبدئية لذلك لم يكن مستغربا أيضا أن يصل الرجل إلى مثل هذه الانزلاقات الخطيرة و هو الذي قضى عمره متأرجحا بين المواقف و المصالح ليسقط في نهاية المطاف  في أحضان الصهيونية العالمية.

“تونس لن تعادى إسرائيل”، هذا ما يحلم به راشد الغنوشى و أتباعه و من والاه من المؤلفة قلوبهم و الذين يتجمعون في الغرف المغلقة و نراهم في التجمعات الرافضة لقرارات الرئيس لكن الحقيقة أن هذا الشعب الجريح الذي رفض في ملحمة بن قردان أن تكون تونس حاضنة للإرهاب فهو نفس الشعب الذي مزّق العلم الصهيوني في عدة مناسبات تعبيرا عن رفضه أن تكون تونس حاضنة  لفكر و وجود  أعداء الأمة العربية.

* كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.