الرئيسية » تونس : أيّهما أولى في سياستنا الثقافية، النخبة أم الشعب؟!

تونس : أيّهما أولى في سياستنا الثقافية، النخبة أم الشعب؟!

أيّهما أولى في سياستنا الثقافية اليوم النخبة أم الشعب؟! قد لا يلقى هذا السؤال اهتمام صناع السياسة الثقافية في تونس ولا عناية بعض المثقفين باعتبار أن مفهوم الثقافة يتلخص في ثقافة النخبة ومن الطبيعي أن تلقي بظلالها على الشعب، فكلما علا شأن المثقف وارتفع إلا وارتقت معه ثقافة الجماهير… وارتقى ذوقها وتجذر وعيها…

بقلم رياض بوسليمي *

الثقافة بهذا المعنى هي الارتقاء والتطور. ولكن هذا الاتجاه يعارضه اتجاه آخر يرى أن الثقافة كانت ولا تزال نخبوية تحتفي بالمثقف حيا أو ميتا، في حين أن الجماهير لا ترى نفسها في الممارسات الثقافية الصادرة عن النخبة والموجهة إليها، كما تراها غير منسجمة مع ما تحتاجه من انتاج ثقافي يلبي ميولاتها ورغباتها فعلا لتظل في الأخير في واد بعيد عن وادها ! بل والحال كما نراه اليوم، تعيش باستقلالية كلية عن الجماهير، ولا أدل على ذلك من مقاطعة الجمهور للندوات الفكرية أو تلك الأنشطة والأحداث الثقافية المخصصة لتقديم إصدارات الكتب فلا تجذبه شهية الحضور ولا الفضول لاكتشافها بالرغم من أن ما تنتجه أو تفعله يستهدف الجماهير لنشر الوعي في صفوفها.

هذه الجماهير يجب أن تكون لها ثقافة تفهمها وتتكلم لغتها لتتمكن من تملكها، فالثقافة الشعبية أو ثقافة الشعب يجب أن تأخذ المكانة التي تستحق في مشروع السياسة الثقافية والتي تخلصها من النظرة السائدة. وعلى المثقف و مهني الثقافة أن يلعبوا دورا أساسيا في ذلك من خلال خطاب سهل فهمه واستيعابه من قبل الشعب وهذا ما يسمى بالوساطة الثقافية، ويسهم من خلاله في التعريف بالثقافة وتقريب مفهومها من الشعب وتسهيل نفاذ هذا الأخير إليها لكي يمارسها كحق من جملة الحقوق الإنسانية…

إن توجه السياسات الثقافية اليوم في الدول التي تسبقنا في هذا المضمار بأشواط كبيرة إلى الفضاء العام لهو إعلان عن نهاية النخبوية في الثقافة وأن المسألة اليوم تتلخص في ثقافة مواطنية تخدم المواطن بعيدة عن النظريات المتعالية عن الواقع ويمارسها في حياته اليومية ويكون من خلالها في علاقة تواصل وتوافق مع المثقف. يجب أن لا تكون الثقافة التي تصل إلى المواطن ليستهلكها معلبة وباردة ولغتها مشفرة لا يفهمها إلا الراسخون في العلم والمتظلعين فيه!

* خبير في السياسات الثقافية ووسيط ثقافي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.